«سنقرئك» القرآن «فلا تنسى» ما تقرؤه.
بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا (16) وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقى (17)
فتتعلق بها الهمة ، فإن الماضي والحال قد حصلا ، والمستقبل آت فلا بد منه ، فتعلق الهمة به أولى ، فإنه إذا ورد عن همة متعلّقة به كان لها لا عليها ، لحسن الظن بالآتي ، وهذه فائدة من حافظ عليها حاز كل نعيم .
[ سورة الأعلى (87) : الآيات 18 إلى 19 ]
إِنَّ هذا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولى (18) صُحُفِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى (19)
(88) سورة الغاشية مكيّة
------------
(17) الفتوحات ج 3 /
405
وقوله : ( سنقرئك ) أي : يا محمد ( فلا تنسى ) وهذا إخبار من الله ، - عز وجل - ووعد منه له ، بأنه سيقرئه قراءة لا ينساها ، ( إلا ما شاء الله ) وهذا اختيار ابن جرير .
وقال قتادة : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا ينسى شيئا إلا ما شاء الله .
وقيل : المراد بقوله : ( فلا تنسى ) طلب ،
قوله تعالى {سنقرئك} أي القرآن يا محمد فنعلمكه {فلا تنسى} أي فتحفظ؛ رواه ابن وهب عن مالك. وهذه بشرى من اللّه تعالى؛ بشره بأن أعطاه آية بينة، وهي أن يقرأ عليه جبريل ما يقرأ عليه من الوحي، وهو أُمي لا يكتب ولا يقرأ، فيحفظه ولا ينساه. وعن ابن أبي نجيح عن مجاهد، قال : كان يتذكر مخافة أن ينسى، فقيل : كفيتكه. قال مجاهد والكلبي : كان النبي صلى اللّه عليه وسلم إذا نزل عليه جبريل بالوحي، لم يفرغ جبريل من آخر الآية، حتى يتكلم النبي صلى اللّه عليه وسلم بأولها، مخافة أن ينساها؛ فنزلت {سنقرئك فلا تنسى} بعد ذلك شيئا، فقد كفيتكه. قوله تعالى {إلا ما شاء الله} وجه الاستثناء على، ما قاله الفراء : إلا ما شاء اللّه، وهو لم يشأ أن تنسى شيئا؛ كقوله تعالى {خالدين فيها ما دامت السموات والأرض إلا ما شاء ربك}[
هود : 108]. ولا يشاء. ويقال في الكلام : لأعطينك كل ما سألت إلا ما شئت، وإلا أن أشاء أن أمنعك، والنية على ألا يمنعه شيئا. فعلى هذا مجاري الإيمان؛ يستثنى فيها ونية الحالف التمام. وفي رواية أبي صالح عن ابن عباس : فلم ينس بعد نزول هذه الآية حتى مات، {إلا ما شاء اللّه}. وعن سعيد عن قتادة، قال : كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لا ينسى شيئا؛ {إلا ما شاء اللّه}. وعلى هذه الأقوال قيل : إلا ما شاء اللّه أن ينسى، ولكنه لم ينسى شيئا منه بعد نزول هذه الآية. وقيل : إلا ما شاء اللّه أن ينسى، ثم يذكر بعد ذلك؛ فاذا قد نسي، ولكنه يتذكر ولا ينسى نسيانا كليا. وقد روي أنه أسقط آية في قراءته في الصلاة، فحسب أبي أنها نسخت، فسأله فقال : [إني نسيتها]. وقيل : هو من النسيان؛ أي إلا ما شاء اللّه أن ينسيك. ثم قيل : هذا بمعنى النسخ؛ أي إلا ما شاء اللّه أن ينسخه. والاستثناء نوع من النسخ. وقيل. النسيان بمعنى الترك؛ أي يعصمك من أن تترك العمل به؛ إلا ما شاء اللّه أن تتركه لنسخه إياه. فهذا في نسخ العمل، والأول في نسخ القراءة. قال الفرغاني : كان يغشى مجلس الجنيد أهل البسط من العلوم، وكان يغشاه ابن كيسان النحوي، وكان رجلا جليلا؛ فقال يوما : ما تقول يا أبا القاسم في قول اللّه تعالى {سنقرئك فلا تنسى}؟ فأجابه مسرعا - كأنه تقدم له السؤال قبل ذلك بأوقات : لا تنسى العمل به. فقال ابن كيسان : لا يفضض اللّه فاك مثلك من يصدر عن رأيه. وقوله {فلا} : للنفي لا للنهي. وقيل : للنهي؛ وإنما أثبتت الياء لأن رؤوس الآي على ذلك. والمعنى : لا تغفل عن قراءته وتكراره فتنساه؛ إلا ما شاء اللّه أن ينسيكه برفع تلاوته للمصلحة. والأول هو المختار؛ لأن الاستثناء من النهي لا يكاد يكون إلا مؤقتا معلوما. وأيضا فإن الياء مثبتة في جميع المصاحف، وعليها القراء. وقيل : معناه إلا ما شاء اللّه أن يؤخر إنزاله. وقيل : المعنى فجعله غثاء أحوى إلا ما شاء اللّه أن ينال بنو آدم والبهائم، فإنه لا يصير كذلك. قوله تعالى {إنه يعلم الجهر وما يخفى} أي الإعلان من القول والعمل. {وما يخفى} من السر. وعن ابن عباس : ما في قلبك ونفسك. وقال محمد بن حاتم : يعلم إعلان الصدقة وإخفاءها. وقيل : الجهر ما حفظته من القرآن في صدرك. {وما يخفى} هو ما نسخ من صدرك. {ونيسرك} : معطوف على {سنقرئك} وقوله {إنه يعلم الجهر وما يخفى} اعتراش. ومعنى {لليسرى} أي للطريقة اليسرى؛ وهي عمل الخير. قال ابن عباس : نيسرك لأن تعمل خيرا. ابن مسعود {لليسرى} أي للجنة. وقيل : نوفقك للشريعة اليسرى؛ وهي الحنيفية السمحة السهلة؛ قال معناه الضحاك. وقيل : أي نهون عليك الوحي حتى تحفظه وتعمل به.
سنقرئك -أيها الرسول- هذا القرآن قراءة لا تنساها، إلا ما شاء الله مما اقتضت حكمته أن ينسيه لمصلحة يعلمها. إنه - سبحانه- يعلم الجهر من القول والعمل، وما يخفى منهما.
{ سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى } أي: سنحفظ ما أوحينا إليك من الكتاب، ونوعيه قلبك، فلا تنسى منه شيئًا، وهذه بشارة كبيرة من الله لعبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم، أن الله سيعلمه علمًا لا ينساه.
"سنقرئك" سنعلمك بقراءة جبريل عليك، "فلا تنسى".
(سَنُقْرِئُكَ) السين للاستقبال ومضارع ومفعوله والفاعل مستتر والجملة مستأنفة (فَلا تَنْسى) الفاء حرف تعليل ولا نافية ومضارع فاعله مستتر.
Traslation and Transliteration:
Sanuqrioka fala tansa
We shall make thee read (O Muhammad) so that thou shalt not forget
Seni okutacağız da unutmayacaksın.
Nous te ferons réciter (le Coran), de sorte que tu n'oublieras
WIR werden dich vortragen lassen, so vergiß nicht
![](/images/arrowtop.jpg) |
بيانات السورة |
اسم السورة |
سورة الأعلى (Al-A'la - The Most High) |
ترتيبها |
87 |
عدد آياتها |
19 |
عدد كلماتها |
72 |
عدد حروفها |
293 |
معنى اسمها |
(الْأَعْلَى): مِنْ أَسْمَاءِ اللهِ الْحُسْنَى، وَمَعْنَاهُ: أَنَّ اللهَ عَالٍ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، وَمُنَـزَّهٌ عَنِ السُّفُولِ بِكُلِّ مَعْنَى |
سبب تسميتها |
لِافْتِتَاحِهَا بِتَعْظِيمِ الْخَالِقِ بِاسْمِهِ (الْأَعْلَى) ﷻ قَبْلَ الْبَدْءِ بِمَوضُوعَاتِ السُّورَةِ الدَّالَّةِ عَلَيهِ |
أسماؤها الأخرى |
اشتُهِرَتْ بِسُورَةِ (الْأَعْلَى)، وَتُسَمَّى سُورَةَ: ﴿سَبِّحِ ٱسۡمَ رَبِّكَ ٱلۡأَعۡلَى﴾ |
مقاصدها |
تَنْزِيهُ اللهِ تَعَالَى عَنْ كُلِّ عَيبٍ وَنَقْصٍ، وَتَعْظِيمُهُ فِي النُّفُوسِ |
أسباب نزولها |
سُورَةٌ مَكِّيَّةٌ، لَمْ تَصِحَّ رِوَايَةٌ فِي سَبَبِ نُزُولِهَا أَو فِي نُزُولِ بَعْضِ آيَاتِهَا |
فضلها |
(الْأَعْلَى) مِنَ المُسَبِّحَاتِ، أَتَى رَجُلٌ رَسُوْلَ اللهِ ﷺ فَقَالَ: أَقرِئْنِي يَا رَسُوْلَ اللهِ، فَقَالَ: «اقْرَأْ ثَلاثًا مِنَ المُسَبِّحَاتِ». (حَدِيثٌ صَحيحٌ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد).
تُسَنُّ قِرَاءَتُهَا فِي صَلاَةِ العِيدَيْنِ والجُمُعَة، فَعَنِ النّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَقْرَأُ فِي الْعِيدَيْنِ وَفِي الْجُمُعَةِ بِــ﴿سَبِّحِ ٱسۡمَ رَبِّكَ ٱلۡأَعۡلَى﴾ و ﴿هَلۡ أَتَىٰكَ حَدِيثُ ٱلۡغَٰشِيَةِ﴾. (رَوَاهُ مُسْلِم).
أَوْصَى بِهَا النَّبِيُّ ﷺ فِي إِمَامَةِ المُصَلِّينَ، فَقَدْ أَمَرَ مُعَاذَ بنَ جَبَلٍ رضي الله عنه إِذَا أَمَّ النَّاسَ أَنْ يُخَفِّفَ وَيَقْرَأَ عَلَيهِمْ بِسُوَرِ: (الشَّمْسِ، وَالأَعْلَى، وَالْعَلَقِ، وَالْلَّيلِ). (رَوَاهُ مُسْلِم) |
مناسبتها |
مُنَاسَبَةُ سُوْرَةِ (الأَعْلَى) لِمَا قَبْلَهَا مِنْ سُوْرَةِ (الطَارِقِ):لَمَّا أَقْسَمَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِنَجْمِ (الطَّارِقِ) فِي السَّمَاءِ، نَاسَبَ افْتِتَاحَ (الْأَعْلَى) بِالتَّسْبِيحِ تَعْظِيمًا لَهُ سُبْحَانَهُ عَلَى مَا خَلَقَ |