المكتبة الأكبرية: القرآن الكريم: سورة النساء: [الآية 91]
![]() |
![]() |
![]() |
سورة النساء | ||
![]() |
![]() |
![]() |
تفسير الجلالين:
تفسير الشيخ محي الدين:
فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنْكَفُوا وَاسْتَكْبَرُوا فَيُعَذِّبُهُمْ عَذاباً أَلِيماً وَلا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً (173) يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَكُمْ بُرْهانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ نُوراً مُبِيناً (174)
البرهان قوي السلطان ، ولما أزال الحق بالقرآن شبه الضلالات وظلمة الشكوك وأوضح به المشكلات سماه نورا ، وكل ما جاء في معرض الدلالة فهو من كونه نورا ، لأن النور هو المنفر الظلم ، والقرآن ضياء لأن الضياء يكشف ، فكل ما أظهره القرآن فهو من أثر ضيائه ، فبالقرآن يكشف جميع ما في الكتب المنزلة من العلوم ، وفيه ما ليس فيها . فمن أوتي القرآن فقد أوتي الضياء الكامل الذي يتضمن كل علم ؛ فعلوم الأنبياء والملائكة وكل لسان علم فإن القرآن يتضمنه ويوضحه لأهل القرآن بما هو ضياء ، فهو نور من حيث ذاته لأنه لا يدرك لعزته ، وهو ضياء لما يدرك به ولما يدرك منه . فمن أعطي القرآن فقد أعطي العلم الكامل .
------------
(174) الفتوحات ج 4 / 352 - إيجاز البيان - الفتوحات ج 3 / 94 - ج 2 / 107تفسير ابن كثير:
وقوله : ( ستجدون آخرين يريدون أن يأمنوكم ويأمنوا قومهم [ كلما ردوا إلى الفتنة أركسوا فيها ] ) الآية ، هؤلاء في الصورة الظاهرة كمن تقدمهم ، ولكن نية هؤلاء غير نية أولئك ، فإن هؤلاء منافقون يظهرون للنبي صلى الله عليه وسلم ولأصحابه الإسلام ; ليأمنوا بذلك عندهم على دمائهم وأموالهم وذراريهم ويصانعون الكفار في الباطن ، فيعبدون معهم ما يعبدون ، ليأمنوا بذلك عندهم ، وهم في الباطن مع أولئك ، كما قال تعالى : ( وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم [ إنما نحن مستهزئون ] ) [ البقرة : 14 ] وقال هاهنا : ( كلما ردوا إلى الفتنة أركسوا فيها ) أي : انهمكوا فيها .
وقال السدي : الفتنة هاهنا : الشرك . وحكى ابن جرير ، عن مجاهد : أنها نزلت في قوم من أهل مكة ، كانوا يأتون النبي صلى الله عليه وسلم فيسلمون رياء ، ثم يرجعون إلى قريش فيرتكسون في الأوثان ، يبتغون بذلك أن يأمنوا هاهنا وهاهنا ، فأمر بقتالهم إن لم يعتزلوا ويصلحوا ; ولهذا قال تعالى : ( فإن لم يعتزلوكم ويلقوا إليكم السلم ويكفوا أيديهم ) أي : عن القتال ( فخذوهم واقتلوهم حيث ثقفتموهم ) أي : أين لقيتموهم ( وأولئكم جعلنا لكم عليهم سلطانا مبينا ) أي : بينا واضحا .
تفسير الطبري :
التفسير الميسّر:
تفسير السعدي
{ سَتَجِدُونَ آخَرِينَ } أي: من هؤلاء المنافقين. { يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ } أي: خوفا منكم { وَيَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ كُلَّمَا رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيهَا } أي: لا يزالون مقيمين على كفرهم ونفاقهم، وكلما عرض لهم عارض من عوارض الفتن أعماهم ونكسهم على رءوسهم، وازداد كفرهم ونفاقهم، وهؤلاء في الصورة كالفرقة الثانية، وفي الحقيقة مخالفة لها. فإن الفرقة الثانية تركوا قتال المؤمنين احترامًا لهم لا خوفا على أنفسهم، وأما هذه الفرقة فتركوه خوفا لا احتراما، بل لو وجدوا فرصة في قتال المؤمنين، فإنهم مستعدون لانتهازها، فهؤلاء إن لم يتبين منهم ويتضح اتضاحًا عظيمًا اعتزال المؤمنين وترك قتالهم، فإنهم يقاتلون، ولهذا قال: { فَإِنْ لَمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُوا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ } أي: المسالمة والموادعة { وَيَكُفُّوا أَيْدِيَهُمْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأُولَئِكُمْ جَعَلْنَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا مُبِينًا } أي: حجة بينة واضحة، لكونهم معتدين ظالمين لكم تاركين للمسالمة، فلا يلوموا إلا أنفسهم.
تفسير البغوي
قوله تعالى : ( ستجدون آخرين ) قال الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما : هم أسد وغطفان كانوا حاضري المدينة تكلموا بالإسلام رياء وهم غير مسلمين ، وكان الرجل منهم يقول له قومه بماذا أسلمت؟ فيقول آمنت بهذا القرد وبهذا العقرب والخنفساء ، وإذا لقوا أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قالوا : إنا على دينكم ، يريدون بذلك الأمن في الفريقين .
وقال الضحاك عن ابن عباس هم بنو عبد الدار كانوا بهذه الصفة ، ( يريدون أن يأمنوكم ) فلا تتعرضوا لهم ، ( ويأمنوا قومهم ) فلا يتعرضوا لهم ، ( كلما ردوا إلى الفتنة ) أي : دعوا إلى الشرك ، ( أركسوا فيها ) أي : رجعوا وعادوا إلى الشرك ، ( فإن لم يعتزلوكم ) أي : فإن لم يكفوا عن قتالكم حتى تسيروا إلى مكة ، ( ويلقوا إليكم السلم ) أي : المفاداة والصلح ، ( ويكفوا أيديهم ) ولم يقبضوا أيديهم عن قتالكم ، ( فخذوهم ) أسراء ، ( واقتلوهم حيث ثقفتموهم ) أي : وجدتموهم ، ( وأولئكم ) أي : أهل هذه الصفة ، ( جعلنا لكم عليهم سلطانا مبينا ) أي : [ حجة بينة ظاهرة بالقتل والقتال ] .
الإعراب:
(سَتَجِدُونَ آخَرِينَ) فعل مضارع وفاعله ومفعوله المنصوب بالياء لأنه جمع مذكر سالم والسين للاستقبال (يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ) فعل مضارع والواو فاعله والمصدر المؤول مفعوله وجملة (يُرِيدُونَ) صفة آخرين (وَ يَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ) كسابقتها فعل ماض وفاعل ومفعول به والجملة معطوفة (كُلَّما رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ) ردوا فعل ماض مبني للمجهول تعلق به الجار والمجرور بعده والواو نائب فاعل والجملة في محل جر بالإضافة لأنها سبقت بظرف الزمان كلما.
(أُرْكِسُوا فِيها) الجملة لا محل لها جواب الشرط لأن كلما بمعنى الشرط.
(فَإِنْ لَمْ يَعْتَزِلُوكُمْ) إن شرطية وفعل مضارع مجزوم بلم وهو في محل جزم فعل الشرط وفاعله ومفعوله والجملة مستأنفة بعد الفاء (وَ يُلْقُوا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ) الجملة الفعلية مع فاعلها ومفعولها معطوفة على ما قبلها ومثلها (وَ يَكُفُّوا أَيْدِيَهُمْ).
(فَخُذُوهُمْ) فعل أمر مبني على حذف النون وفاعله ومفعوله والجملة في محل جزم جواب الشرط بعد الفاء الرابطة (وَ اقْتُلُوهُمْ) عطف.
(حَيْثُ) ظرف مكان مبني على الضم متعلق باقتلوهم (ثَقِفْتُمُوهُمْ) فعل ماض والتاء فاعله والهاء مفعوله وأشبعت ضمة الميم إلى واو والجملة في محل جر بالإضافة (وَ أُولئِكُمْ) اسم إشارة في محل رفع مبتدأ (جَعَلْنا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطاناً مُبِيناً) إعرابها مثل فما جعل اللّه في الآية السابقة والجملة خبر المبتدأ أولئكم وجملة أولئكم استئنافية.