«يسَألونك» أي كفار مكة «عن الساعة أيان مرساها» متى وقوعها وقيامها.
يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها (42) فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْراها (43) إِلى رَبِّكَ مُنْتَهاه (44)
فمنتهاها ربها .
------------
(44) الفتوحات ج 2 /
43
ثم قال تعالى : ( يسألونك عن الساعة أيان مرساها فيم أنت من ذكراها إلى ربك منتهاها ) أي : ليس علمها إليك ولا إلى أحد من الخلق ، بل مردها ومرجعها إلى الله - عز وجل - فهو الذي يعلم وقتها على التعيين ، ( ثقلت في السماوات والأرض لا تأتيكم إلا بغتة يسألونك كأنك حفي عنها قل إنما علمها عند الله ) [ الأعراف : 187 ] ،وقال هاهنا : ( إلى ربك منتهاها ) ولهذا لما سأل جبريل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن وقت الساعة قال : " ما المسئول عنها بأعلم من السائل " . .
قوله تعالى {يسألونك عن الساعة أيان مرساها} قاله ابن عباس : سأل مشركو مكة رسول الله صلى الله عليه وسلم متى تكون الساعة استهزاء، فأنزل الله عز وجل الآية. وقال عروة بن الزبير في قوله تعالى {فيم أنت من ذكراها}؟ لم يزل النبي صلى الله عليه وسلم يسأل عن الساعة، حتى نزلت هذه الآية {إلى ربك منتهاها}. ومعنى {مرساها} أي قيامها. قال الفراء : رسوها قيامها كرسو السفينة. وقال أبو عبيدة : أي منتهاها، ومرسى السفينة حيث، تنتهي. وهو قول ابن عباس. الربيع بن أنس : متى زمانها. والمعنى متقارب. وقد مضى في الأعراف بيان ذلك. وعن الحسن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (لا تقوم الساعة إلا بغضبة يغضبها ربك). {فيم أنت من ذكراها} أي في أي شيء أن يا محمد من ذكر القيامة والسؤال عنها؟ وليس لك السؤال عنها. وهذا معنى ما رواه الزهري عن عروة بن الزبير قال : لم يزل النبي صلى الله عليه وسلم يسأل عن الساعة حتى نزلت {فيم أنت من ذكراها إلى ربك منتهاها} أي منتهى علمها؛ فكأنه عليه السلام لما أكثروا عليه سأل الله أن يعرفه ذلك، فقيل له : لا تسأل، فلست في شيء من ذلك. ويجوز أن يكون إنكارا على المشركين في مسألتهم له؛ أي فيم أنت من ذلك حتى يسألونك بيانه، ولست ممن يعلمه. روي معناه عن ابن عباس. والذكرى بمعنى الذكر. قوله تعالى {إلى ربك منتهاها} أي منتهى علمها، فلا يوجد عند غيره علم الساعة؛ وهو كقوله تعالى {قل إنما علمها عند ربي}[
الأعراف : 187] وقوله تعالى {إن الله عنده علم الساعة}[
لقمان : 34]. {إنما أنت منذر من يخشاها} أي مخوف؛ وخص الإنذار بمن يخشى، لأنهم المنتفعون به، وإن كان منذرا لكل مكلف؛ وهو كقوله تعالى {إنما تنذر من اتبع الذكر وخشي الرحمن بالغيب}[
يس : 11]. وقراءة العامة {منذر} بالإضافة غير منون؛ طلب التخفيف، وإلا فأصله التنوين؛ لأنه للمستقبل وإنما لا ينون في الماضي. قال الفراء : يجوز التنوين وتركه؛ كقوله تعالى {بالغ أمره}[
الطلاق : 3]، و{بالغ أمره} و{موهن كيد الكافرين}[
الأنفال : 18] و{موهن كيد الكافرين} والتنوين هو الأصل، وبه قرأ أبو جعفر وشيبة والأعرج وابن محيصن وحميد وعياش عن أبي عمرو {منذر} منونا، وتكون في موضع نصب، والمعنى نصب، إنما ينتفع بإنذارك من يخشى الساعة. وقال أبو علي : يجوز أن تكون الإضافة للماضي، نحو ضارب زيد أمس؛ لأنه قد فعل الإنذار، الآية رد على من قال : أحوال الآخرة غير محسوسة، وإنما هي راحة الروح أو تألمها من غير حس. {كأنهم يوم يرونها} يعني الكفار يرون الساعة {لم يلبثوا} أي في دنياهم، {إلا عشية} أي قدر عشية {أو ضحاها} أي أو قدر الضحا الذي يلي تلك العشية، والمراد تقليل مدة الدنيا، كما قال تعالى {لم يلبثوا إلا ساعة من نهار}[
الأحقاف : 35]. وروى الضحاك عن ابن عباس : كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا يوما واحدا. وقيل {لم يلبثوا} في قبورهم {إلا عشية أو ضحاها}، وذلك أنهم استقصروا مدة لبثهم في القبور لما عاينوا من الهول. وقال الفراء : يقول القائل : وهل للعشية ضحا؟ وإنما الضحا لصدر النهار، ولكن أضيف الضحا إلى العشية، وهو اليوم الذي يكون فيه على عادة العرب؛ يقولون : آتيك الغداة أوعشيتها، وآتيك العشية أو غداتها، فتكون العشية في معنى آخر النهار، والغداة في معنى أول النهار؛ قال : وأنشدني بعض بني عقيل : نحن صبحنا عامرا في دارها ** جردا تعادي طرفي نهارها عشية الهلال أو سرارها أراد : عشية الهلال، أو سرار العشية، فهو أشد من آتيك الغداة أو عشيها.
يسألك المشركون أيها الرسول- استخفافا- عن وقت حلول الساعة التي تتوعدهم بها. لستَ في شيء مِن علمها، بل مرد ذلك إلى الله عز وجل، وإنما شأنك في أمر الساعة أن تحذر منها مَن يخافها. كأنهم يوم يرون قيام الساعة لم يلبثوا في الحياة الدنيا؛ لهول الساعة إلا ما بين الظهر إلى غروب الشمس، أو ما بين طلوع الشمس إلى نصف النهار.
أي: يسألك المتعنتون المكذبون بالبعث { عَنِ السَّاعَةِ } متى وقوعها و { أَيَّانَ مُرْسَاهَا }
"يسألونك عن الساعة أيان مرساها"، متى ظهورها وثبوتها.
(يَسْئَلُونَكَ) مضارع وفاعله ومفعوله و(عَنِ السَّاعَةِ) متعلقان بالفعل والجملة مستأنفة و(أَيَّانَ) اسم استفهام في محل نصب على الظرفية الزمانية متعلق بمحذوف خبر مقدم و(مُرْساها) مبتدأ مؤخر والجملة الاسمية مفعول به ثان ليسألونك
Traslation and Transliteration:
Yasaloonaka AAani alssaAAati ayyana mursaha
They ask thee of the Hour: when will it come to port?
Senden sorarlar kıyameti, ne vakit kopacak?
Ils t'interrogent au sujet de l'Heure: «Quand va-t-elle jeter l'ancre?»
Sie fragen dich nach der Stunde: "Wann ist ihr Anbrechen?"
|
بيانات السورة |
اسم السورة |
سورة النازعات (An-Nazi'at - Those who drag forth) |
ترتيبها |
79 |
عدد آياتها |
46 |
عدد كلماتها |
179 |
عدد حروفها |
762 |
معنى اسمها |
نَزَعَ الشّيءَ: اقْتَلَعَهُ وَأَزَالَهُ وَخَلَعَهُ. وَالمُرَادُ (بِالنَّازِعَاتِ): الْمَلائِكَةُ تَنْزِعُ أَرْوَاحَ الْكُفَّارِ الْخَبِيثَةِ مِنْ أَجْسَادِهِمْ بِشِدَّةٍ وَعُسْرٍ |
سبب تسميتها |
انْفِرَادُ السُّورَةِ بِوَصْفِ المَلَائِكَةِ (بِالنَّازِعَاتِ)، وَدِلَالَةُ هَذَا الاسْمِ عَلَى الْمَقْصِدِ الْعَامِّ لِلسُّورَةِ وَمَوضُوعَاتِهَا |
أسماؤها الأخرى |
اشتُهِرَتْ بِسُورَةِ (النَّازِعَاتِ)، وَتُسَمَّى سُورَةَ (السَّاهِرَةِ)، وَسُورَةَ (الطَّامَّةِ) |
مقاصدها |
إِثْبَاتُ عَقِيدَةِ الْيَومِ الآخِرِ وَالْبَعْثِ وَالنُّشُورِ وَانْقِسَامِ النَّاسِ يَومَ الْقِيَامَةِ |
أسباب نزولها |
سُورَةٌ مَكِّيَّةٌ، لَمْ يُنقَل سَبَبٌ لِنـُزُوْلِهَا جُملَةً وَاحِدَةً، ولكِن صَحَّ لِبَعْضِ آيَاتِها سَبَبُ نُزُولٍ |
فضلها |
مِنَ النَّظَائِرِ الَّتِي كَانَ يَقرَأُ بِهَا النَّبِيُّ ﷺ فِي الصَّلَوَاتِ، فَفِي حَدِيثِ ابنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه الطَّويْلِ قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَقْرَأُ النَّظَائِرَ، السُّورَتَيْنِ فِي رَكْعَةٍ، .... (وَسَأَلَ سَائِلٌ وَالنَّازِعَاتِ) فِي رَكْعَةٍ». (حَدِيثٌ صَحيحٌ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد) |
مناسبتها |
مُنَاسَبَةُ أَوَّلِ سُورَةِ (النَّازِعَاتِ) بِآخِرِهَا: تَقْرِيرُ يَومِ الْقِيَامَةِ، فَافْتُتِحَتْ بِمَجْمُوعَةِ أَقْسَامٍ لِتَقْرِيرِ يَومِ الْقِيَامَةِ، فَقَالَ: ﴿يَوۡمَ تَرۡجُفُ ٱلرَّاجِفَةُ ٦ تَتۡبَعُهَا ٱلرَّادِفَةُ ٧﴾... الآيَاتِ، وَخُتِمَتْ بِذِكْرِ السَّاعَةِ، فَقَالَ: ﴿يَسۡـَٔلُونَكَ عَنِ ٱلسَّاعَةِ أَيَّانَ مُرۡسَىٰهَا ٤٢﴾.
مُنَاسَبَةُ سُورَةِ (النَّازِعَاتِ) لِمَا قَبلَهَا مِنْ سُورَةِ (النَّبَإِ): لَمَّا خُتِمَتْ سُورَةُ (النَّبَإِ) بِقَولِ الْكَافِرِ: ﴿يَٰلَيۡتَنِي كُنتُ تُرَٰبَۢا ٤٠﴾، نَاسَبَ افْتِتَاحَ (النَّازِعَاتِ) بِوَصْفِ نَزْعِ رُوحِهِ بِشِدَّةٍ فِي قَولِهِ: ﴿وَٱلنَّٰزِعَٰتِ غَرۡقٗا ١﴾ |