«وجعلنا فيها رواسيَ شامخات» جبالا مرتفعات «وأسقيناكم ماء فراتا» عذبا.
أَحْياءً وَأَمْواتاً (26)
أي تضم الأحياء على ظهرها والأموات في بطنها .
------------
(26) الفتوحات ج 3 /
143
يعني الجبال رسى بها الأرض لئلا تميد وتضطرب "وأسقيناكم ماء فراتا" أي عذبا زلالا من السحاب أو مما أنبعه من عيون الأرض.
قوله تعالى {ألم نجعل الأرض كفاتا} أي ضامة تضم الأحياء على ظهورها والأموات في بطنها. وهذا يدل على وجوب مواراة الميت ودفنه، ودفن شعره وسائر ما يزيله عنه. وقوله عليه السلام : [قصوا أظافركم وادفنوا قلاماتكم] وقد مضى. يقال : كفت الشيء أكفته : إذا جمعته وضممته، والكفت : الضم والجمع؛ وأنشد سيبويه : كرام حين تنكفت الأفاعي ** إلى أجحارهن من الصقيع وقال أبو عبيد {كفاتا} أوعية. ويقال للنحي : كفت وكفيت، لأنه يحوي اللبن ويضمه قال : فأنت اليوم فوق الأرض حيا ** وأنت غدا تضمك في كفات وخرج الشعبي في جنازة فنظر إلى الجبان فقال : هذه كفات الأموات، ثم نظر إلى البيوت فقال : هذه كفات الأحياء. روى عن ربيعة في النباش قال تقطع يده فقيل له : لم قلت ذلك؟ قال. إن الله عز وجل يقول {ألم نجعل الأرض كفاتا أحياء وأمواتا} فالأرض حرز. وقد مضى هذا في سورة المائدة . وكانوا يسمون بقيع الغرقد كفتة، لأنه مقبرة تضم الموتى، فالأرض تضم الأحياء إلى منازلهم والأموات في قبورهم. وأيضا استقرار الناس على وجه الأرض، ثم اضطجاعهم عليها، انضمام منهم إليها. وقيل : هي كفات للأحياء يعني دفن ما يخرج من الإنسان من الفضلات في الأرض؛ إذ لا ضم في كون الناس عليها، والضم يشير إلى الاحتفاف من جميع الوجوه. وقال الأخفش وأبو عبيدة ومجاهد في أحد قوليه : الأحياء والأموات ترجع إلى الأرض، أي الأرض منقسمة إلى حي وهو الذي ينبت، وإلى ميت وهو الذي لا ينبت. وقال الفراء : انتصب، {أحياء وأمواتا} بوقوع الكفات عليه؛ أي ألم نجعل الأرض كفات أحياء وأموات. فإذا نونت نصبت؛ كقوله تعالى {أو إطعام في يوم ذي مسغبة. يتيما}[
البلد : 14]. وقيل : نصب على الحال من الأرض، أي منها كذا ومنها كذا. وقال الأخفش {كفاتا} جمع كافتة والأرض يراد بها الجمع فنعتت بالجمع. وقال الخليل : التكفيت : تقليب الشيء ظهرا لبطن أو بطنا لظهر. ويقال : انكفت القوم إلى منازلهم أي انقلبوا. فمعنى الكفات أنهم يتصرفون على ظهرها وينقلبون إليها ويدفنون فيها. {وجعلنا فيها} أي في الأرض {رواسي شامخات} يعني الجبال، والرواسي الثوابت، والشامخات الطوال؛ ومنه يقال : شمخ بأنفه إذا رفعه كبرا. {وأسقيناكم ماء فراتا} أي وجعلنا لكم سقيا. والفرات : الماء العذب يشرب ويسقى منه الزرع. أي خلقنا الجبال وأنزلنا الماء الفرات. وهذه الأمور أعجب من البعث. وفي بعض الحديث قال أبو هريرة : في الأرض من الجنة الفرات والدجلة ونهر الأردن. وفي صحيح مسلم : سيحان وجيحان والنيل والفرات كل من أنهار الجنة.
ألم نجعل هذه الأرض التي تعيشون عليها، تضم على ظهرها أحياء لا يحصون، وفي بطنها أمواتًا لا يحصرون، وجعلنا فيها جبالا ثوابت عاليات؛ لئلا تضطرب بكم، وأسقيناكم ماءً عذبًا سائغًا؟
{ وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ } أي: جبالا ترسي الأرض، لئلا تميد بأهلها، فثبتها الله بالجبال الراسيات الشامخات أي: الطوال العراض، { وَأَسْقَيْنَاكُمْ مَاءً فُرَاتًا } أي: عذبا زلالا، قال تعالى: { أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ }
"وجعلنا فيها رواسي"، جبالاً "شامخات"، عاليات، "وأسقيناكم ماءً فراتاً"، عذباً.
(وَجَعَلْنا) ماض وفاعله و(فِيها) متعلقان بالفعل و(رَواسِيَ) مفعول به و(شامِخاتٍ) صفة والجملة معطوفة على ما قبلها. و(وَأَسْقَيْناكُمْ) ماض وفاعله ومفعوله الأول و(ماءً) مفعول به ثان و(فُراتاً) صفة والجملة معطوفة على ما قبلها والتي تليها سبق إعرابها.
Traslation and Transliteration:
WajaAAalna feeha rawasiya shamikhatin waasqaynakum maan furatan
And placed therein high mountains and given you to drink sweet water therein?
Ve orada, sabit ve metin dağlar yarattık ve sizi, tatlı suyla suvardık.
Et n'y avons-Nous pas placé fermement de hautes montagnes? Et ne vous avons-Nous pas abreuvés d'eau douce?
Und WIR machten auf ihr hohe befestigende (Berge). Und WIR gaben euch süßes Wasser zu trinken.
![](/images/arrowtop.jpg) |
بيانات السورة |
اسم السورة |
سورة المرسلات (Al-Mursalat - The Emissaries) |
ترتيبها |
77 |
عدد آياتها |
50 |
عدد كلماتها |
181 |
عدد حروفها |
815 |
معنى اسمها |
الْمِرْسَالُ: الرَّسُولُ، جَمْعُ مَرَاسِيلِ. وَالمُرَادُ (بِالْمُرْسَلَاتِ): الْمَلَائِكَةُ الْمُرْسَلَةُ بِالْوَحْي إِلَى الأَنبِياَءِ عليه السلام |
سبب تسميتها |
انْفِرَادُ السُّورَةِ بِذِكْرِ مُفْرَدَةِ (الْمُرْسَلَاتِ)، وَدِلَالَةُ هَذَا الاسْمِ عَلَى الْمَقْصِدِ الْعَامِّ لِلسُّورَةِ وَمَوضُوعَاتِهَا |
أسماؤها الأخرى |
اشتُهِرَتْ بِسُورَةِ (الْمُرْسَلَاتِ)، وتُسَمَّى سُورَةَ: ﴿وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا﴾، وَسُورَةَ (الْعُرْفِ) |
مقاصدها |
إِقَامَةُ الْحُجَّةِ عَلَى الْمُكَذِّبِينَ بِوُقُوعِ يَومِ الْقِيَامَةِ |
أسباب نزولها |
سُورَةٌ مَكِّيَّةٌ، فَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: «بَيْنَمَا نَحْنُ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ فِي غَارٍ بِمِنًى إِذْ نَزَلَ عَلَيْهِ ﴿وَٱلۡمُرۡسَلَٰتِ﴾، وَإِنَّهُ لَيَتْلُوهَا، وَإِنِّي لَأَتَلَقَّاهَا مِنْ فِيهِ، وَإِنَّ فَاهُ لَرَطْبٌ بِهَا». (رَوَاهُ البُخَارِيّ) |
فضلها |
فِيهَا مَوْعِظَةٌ شَدِيْدَةٌ عَنِ العَذَابِ وَأَهْوَالِ يَوِمِ القِيَامَةِ، فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه: يَا رَسُولَ اللهِ قَدْ شِبْتَ، قَالَ: «شَيَّبَتْنِي (هُودٌ) و(الْوَاقِعَةُ) و(الْمُرْسَلَاتُ) و(عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ) و(إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ)». (حَدِيْثٌ صَحِيْحٌ، رواه التِّرمِذِيّ).
مِنَ النَّظَائِرِ الَّتِي كَانَ يَقرَأُ بِهَا النَّبِيُّ ﷺ فِي الصَّلَوَاتِ، فَفِي حَدِيثِ ابنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه الطَّويْلِ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَقْرَأُ النَّظَائِرَ، السُّورَتَيْنِ فِي رَكْعَةٍ، .... (وعمَّ يَتَسَاءَلُوْنَ والْمُرْسَلَاتِ) فِي رَكْعَةٍ». (حَدِيثٌ صَحيحٌ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد) |
مناسبتها |
مُنَاسَبَةُ أَوَّلِ سُورَةِ (الْمُرْسَلَاتِ) بِآخِرِهَا: الْحَدِيثُ عَنْ إِقْرَارِ الْعَذَابِ لِلْمُكَذِّبِينَ، فَذَكَرَ (الْوَيلَ) فِي أَوَّائِلِ السُّورَةِ وَكَرَّرَ ذِكْرَهُ فِي أَوَاخِرِهَا، فَقَالَ: ﴿وَيۡلٞ يَوۡمَئِذٖ لِّلۡمُكَذِّبِينَ ٤٩﴾.
مُنَاسَبَةُ سُورَةِ (الْمُرْسَلَاتِ) لِمَا قَبلَهَا مِنْ سُورَةِ (الْإِنْسَانِ): لَمَّا خَتَمَ اللهُ تَعَالَى (الْإِنْسَانَ) بِذِكْرِ الْعَذَابِ بِقَولِهِ: ﴿وَٱلظَّٰلِمِينَ أَعَدَّ لَهُمۡ عَذَابًا أَلِيمَۢا ٣١﴾ افْتَتَحَ (الْمُرْسَلَاتِ) بِمَجْمُوعَةِ أَقْسَامٍ لِلْإِنْذَارِ بِوُقَوعِ الْعَذَابِ فَقَالَ: ﴿عُذۡرًا أَوۡ نُذۡرًا ٦ إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَوَٰقِعٞ ٧﴾ |