موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية: القرآن الكريم: سورة الجن: [الآية 1]

سورة الجن
قُلْ أُوحِىَ إِلَىَّ أَنَّهُ ٱسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ ٱلْجِنِّ فَقَالُوٓا۟ إِنَّا سَمِعْنَا قُرْءَانًا عَجَبًا ﴿1﴾

تفسير الجلالين:

«قل» يا محمد للناس «أُحي إليَّ» أي أخبرت بالوحي من الله تعالى «أنه» الضمير للشأن «استمع» لقراءتي «نفر من الجن» جن نصيبين وذلك في صلاة الصبح ببطن نخل، موضوع بين مكة والطائف، وهم الذين ذكروا في قوله تعالى (وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن) الآية «فقالوا» لقومهم لما رجعوا إليهم «إنا سمعنا قرآنا عجب» يتعجب منه في فصاحته وغزارة معانيه وغير ذلك.

تفسير الشيخ محي الدين:

لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسالاتِ رَبِّهِمْ وَأَحاطَ بِما لَدَيْهِمْ وَأَحْصى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً (28)

«لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسالاتِ رَبِّهِمْ» فكأنه مستثنى ، منقطع هذا الغيب من ذلك الغيب انقطاعا حقيقيا لا انقطاع جزء من كل ، لما وقع الاشتراك في لفظة الغيب ، لذلك قلن:

مستثنى ، ولما خالفه في الحقيقة قلنا : منقطع ، ولكن بالحال بالذات ، تقول في المتصل:

ما في الدار إنسان إلا زيدا ، فهذا المستثنى متصل ، لأنه إنسان قد فارق غيره من الأناسي بحالة كونه في الدار لا بحقيقته ، إذ لم يكن في الدار إلا هو ،

فالانقطاع في الحال لا غير ، فإن قلت : ما في الدار إنسان إلا حمارا ، فهذا منقطع بالحقيقة والحال ، فكذلك الغيب الذي يطلع عليه الرسل بالرصد من الملائكة من أجل المردة من الشياطين هو الرسالة التي يبلغونها عن اللّه ، فإنه لا يحيط من علم غيب اللّه إلا بما شاء اللّه ، ولهذا قال «لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُو


رِسالاتِ رَبِّهِمْ» فأضاف الرسالة إلى قوله «رَبِّهِمْ» لما علموا أن الشياطين لم تلق إليهم أعني إلى الرسل شيئا ، فتيقنوا أن تلك الرسالة من اللّه لا من غيره ، وهل هذا القدر الذي عبر عنه في هذه السورة المعينة في قوله «إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ» هل ذلك الإعلام لهذا الرسول بوساطة الملك ؟ أو لم يكن في هذا الوحي الخاص ملك ؟

وهو الأظهر والأوجه والأولى ، وتكون الملائكة تحف أنوارها برسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كالهالة حول القمر ، والشياطين من ورائها لا تجد سبيلا إلى هذا الرسول حتى يظهر اللّه له في إعلامه ذلك من الوحي ما شاء ، ولكن من علم التكليف الذي غاب عنه وعن العباد علمه ، فإنه لا يصح القول بأن العبد يعلم بعض القربات إلى اللّه بعقله لا كلها ، فلا يعلم القربة إلى اللّه التي تعطي سعادة الأبد للعبد إلا من يعلم ما في نفس الحق ، ولا يعلم ذلك أحد من خلق اللّه إلا بإعلام اللّه ، لأن الغيب على قسمين :

غيب لا يعلم أبدا وليس إلا هوية الحق، ونسبته إلينا ، وأما نسبتنا إليه فدون ذلك ، فهذا غيب لا يمكن ولا يعلم أبدا ،

والقسم الآخر غيب إضافي ، فما هو مشهود لأحد قد يكون غيبا لآخر، فما في الوجود غيب أصلا لا يشهده أحد ، وأدقه أن يشهد الموجود نفسه الذي هو غيب عن كل أحد سوى نفسه ، فما ثم غيب إلا وهو مشهود في حال غيبته عمن ليس بمشاهد له ، فإذا ارتضى اللّه من ارتضاه لعلم ذلك أطلعه عليه علما ، لا ظنا ولا تخمينا ، فلا يعلم إلا بإعلام اللّه ، أو بإعلام من أعلمه اللّه عند من يعتقد فيه أن اللّه أعلمه ، وما عدا هذا فلا علم له بغيب أصلا ، وإنما اختص بهذا الإعلام مسمى «الرسول» لأنه ما أعلمه بذلك الغيب اقتصارا عليه ، وإنما أعلمه ليعلمه ، فتحصل له درجة الفضيلة على من أعلمه به ، لتعلم مكانته عند ربه ، فلهذا سماه رسولا ، وهذا النوع من الغيب لا يكون إلا من الوجه الخاص ، لا يعلمه ملك ولا غيره إلا الرسول خاصة ، سواء كان الرسول ملكا أو غيره ، فإن اللّه نفى أن يظهر على غيبه أحدا ، وإنما قال بأن الذي ارتضاه لذلك يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا ، عصمة له من الشبه القادحة فيه ، فهو علم لا دخول للشبه فيه على صاحبه ، وهذا هو صاحب البصيرة الذي هو على بينة من ربه في علمه ، وله ذوق خاص يتميز به ، لا يشاركه فيه غيره ، إذ لو شاركه لما كان خاصا ، فإذا جاء الرسول به لمن يعلمه فذلك ليس عند هذا المتعلم من علم الغيب ، فإن الرسول قد أظهره اللّه عليه ، فما هو عند هذا من علم الغيب الذي لا يظهر اللّه عليه أحدا ، وإنم


هو ما يحصل لأي عالم كان من الوجه الخاص ، ولكنه الآن ليس بواقع في الدنيا ، لكنه يقع في الآخرة ، وسبب ذلك أن كل علم يحصل للإنسان في الدنيا من العلم باللّه خاصة ، فإن محمدا صلّى اللّه عليه وسلّم قد علمه ،

فإنه علم علم الأولين والآخرين ، وأنت من الآخرين بلا شك ، وأما في غير العلم باللّه فقد يعطاه الإنسان من الوجه الخاص ، فلا يعلم إلا منه ، فهو رسول في تعليمه إلى من يعلمه بذلك ، هذا أعطاه مقام محمد صلّى اللّه عليه وسلّم ،

وليست الفائدة إلا في العلم باللّه تعالى ، فإنه العلم الذي به تحسن صورة العالم في نفسه ، فالعلم باللّه من الرسول في المتعلم أعظم وأنفع من العلم الذي يحصل لك من الوجه الخاص ، إذا كان المعلوم كونا ما من الأكوان ليس اللّه ،

فما الشرف للإنسان إلا في علمه باللّه ، وأما علمه بسوى اللّه تعالى فعلالة يتعلل بها الإنسان المحجوب ،

فإن المنصف ما له همة إلا العلم به تعالى ، فاجهد أن تكون ممن يأخذ العلم باللّه عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فتكون محمدي الشهود ، إذ قطعنا أنه لا علم باللّه اليوم عينا يختص به أحد من خلق اللّه

[ الفرق بين الإحاطة والإحصاء : ]

«وَأَحاطَ بِما لَدَيْهِمْ وَأَحْصى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً» الفرق بين الإحاطة والإحصاء هو أن الإحاطة عامة الحكم في الموجود والمعدوم وفي كل معلوم ، والإحصاء لا يكون إلا في الموجود ، فما هو شيئية «أَحاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً» شيئية «أَحْصى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً»

فشيئية الإحصاء تدخل في شيئية الإحاطة ، فكل موجود محصي ، وكل محصي محاط به ، وما كل محاط به محصي ، وكل ما يدخله الأجل يدخل الإحصاء ،

فقوله تعالى : «أَحْصى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً» يريد إحصاء كل شيء موجود ، فأحصى كل شيء من حروف وأعيان وجودية عددا ، إذ كان التناهي لا يدخل إلا في الموجودات فيأخذه الإحصاء ، فهذه شيئية الوجود ،

وفيه إشارة إلى الإحاطة الإلهية بجميع الأسماء الكائنة الماضية والكائنة في الحال والكائنة في المستقبل ، فهي لا تختص إلا بالوجود الكائن والذي كان ويكون ، فهو تعلق أخص من تعلق قوله (أَحاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً) من الواجبات والجائزات والمستحيلات ،

وإن كان بعض العلماء لا يسمي شيئا إلا الموجود فلا نبالي ، فإن اللّه قد أحاط بكل شيء علما ، وقد علم المحال ، ولو خصص صاحب هذا الاصطلاح العلم المحيط في هذه الآية بالموجودات فليس له دليل على ذلك إلا كونه اصطلح على أنه لا يسمى شيئا إلا الموجود ، فالإحاطة هنا على بابها من العموم ، والإحصاء يقتضي التناهي في الشيء الذي أحصي ، والإحاطة إنما هي عبارة عن تعلق العلم بالمعلومات الغير المتناهية هنا ، وقد يكون


الإحصاء هنا على العموم بمعنى الإحاطة ولكن كما قلنا في الكائنات المستقبلة وهي لا تتناهى ، فإن مقدورات اللّه لا تتناهى ، ومعلوماته كذلك أكثر من مقدوراته وغير ذلك ، والإحصاء بالعدد لا يتعلق به ، لأنه لا يجوز عليه ، فيحصي نفسه ، والمحال لا يوصف بالعدد فيتعلق به الإحصاء ، ولكن يحيط به العلم أي معنى ، لعلمه من جميع الوجوه .

(73) سورة المزّمل مكيّة

------------

(28) الفتوحات ج 3 / 79 ، 407 ، 79 - ج 4 / 128 ، 287 - ج 2 / 445 - ج 4 / 325 - كتاب الجلال والجمال

تفسير ابن كثير:

تفسير سورة الجن وهي مكية .

يقول تعالى آمرا رسوله صلى الله عليه وسلم أن يخبر قومه : أن الجن استمعوا القرآن فآمنوا به وصدقوه وانقادوا له ، فقال تعالى : ( قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن فقالوا إنا سمعنا قرآنا عجبا


تفسير الطبري :

فيه خمس مسائل: الأولى: قوله تعالى{قل أوحي إلي} أي قل يا محمد لأمتك : أوحى الله إلي على لسان جبريل {أنه استمع} إلي {نفر من الجن} وما كان عليه السلام عالما به قبل أن أوحى إليه. هكذا قال ابن عباس وغيره على ما يأتي. وقرأ ابن أبي عبلة {أحِي} على الأصل؛ يقال أوحى إليه ووحى، فقلبت الواو همزة، ومنه قوله تعالى{وإذا الرسل أقتت}[المرسلات : 11] وهو من القلب المطلق جوازه في كل واو مضمومة. وقد أطلقه المازني في المكسورة أيضا كإشاح وإسادة وإدعاء أخيه ونحوه. الثانية: واختلف هل رآهم النبي صلى الله عليه وسلم أم لا؟ فظاهر القرآن يدل على أنه لم يرهم؛ لقوله تعالى{استمع}، وقوله تعالى{وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن يستمعون القرآن}[الأحقاف : 29]. وفي صحيح مسلم والترمذي عن ابن عباس قال : ما قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم على الجن وما رآهم، انطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم في طائفة من أصحابه عامدين إلى سوق عكاظ، وقد حيل بين الشياطين وبين خبر السماء، وأرسلت عليهم الشهب، فرجعت الشياطين إلى قومهم؛ فقالوا : ما لكم؟ قالوا : حيل بيننا وبين خبر السماء، وأرسلت علينا الشهب! قالوا : ما ذاك إلا من شيء حدث، فاضربوا مشارق الأرض ومغاربها، فانظروا ما هذا الذي حال بيننا وبين خبر السماء؟ فانطلقوا يضربون مشارق الأرض ومغاربها، فمر النفر الذين أخذوا نحو تهامة وهو بنخلة عامدين إلى سوق عكاظ، وهو يصلي بأصحابه صلاة الفجر؛ فلما سمعوا القرآن استمعوا له وقالوا : هذا الذي حال بيننا وبين خبر السماء. فرجعوا إلى قومهم فقالوا : يا قومنا {إنا سمعنا قرآنا عجبا. يهدي إلى الرشد فآمنا به ولن نشرك بربنا أحدا} فأنزل الله عز وجل على نبيه صلى الله عليه وسلم{قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن} : ""رواه الترمذي عن ابن عباس"" قال : قول الجن لقومهم {لما قام عبدالله يدعوه كادوا يكونون عليه لبدا} قال : لما رأوه يصلي وأصحابه يصلون بصلاته فيسجدون بسجوده قال : تعجبوا من طواعية أصحابه له، قالوا لقومهم {لما قام عبدالله يدعوه كادوا يكونون عليه لبدا}[الجن : 19]. قال : هذا حديث حسن صحيح؛ ففي هذا الحديث دليل على أنه عليه السلام لم ير الجن ولكنهم حضروه، وسمعوا قراءته. وفيه دليل على أن الجن كانوا مع الشياطين حين تجسسوا الخبر بسبب الشياطين لما رموا بالشهب. وكان المرميون بالشهب من الجن أيضا. وقيل لهم شياطين كما قال{شياطين الإنس والجن}[الأنعام : 112] فإن الشيطان كل متمرد وخارج عن طاعة الله. وفي الترمذي عن ابن عباس قال : كان الجن يصعدون إلى السماء يستمعون إلى الوحي فإذا سمعوا الكلمة زادوا فيها تسعا، فأما الكلمة فتكون حقا، وأما ما زادوا فيها، فيكون باطلا. فلما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم منعوا مقاعدهم، فذكروا ذلك لإبليس ولم تكن النجوم يرمى بها قبل ذلك، فقال لهم إبليس : ما هذا الأمر إلا من أمر قد حدث في الأرض! فبعث جنوده فوجدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم قائما يصلي بين جبلين - أراه قال بمكة - فأتوه فأخبروه فقال : هذا الحديث الذي حدث في الأرض. قال : هذا حديث حسن صحيح. فدل هذا الحديث على أن الجن رموا كما رميت الشياطين. وفي رواية السدي : أنهم لما رموا أتوا إبليس فأخبروه بما كان من أمرهم فقال : ايتوني من كل أرض بقبضة من تراب أشمها فأتوه فشم فقال : صاحبكم بمكة. فبعث نفرا من الجن، قيل : كانوا سبعة. وقيل : تسعة منهم زوبعة. وروى عاصم عن زر : أنهم كانوا سبعة نفر؛ ثلاثة من أهل حران وأربعة من أهل نصيبين. وحكى جويبر عن الضحاك : أنهم كانوا تسعة من أهل نصيبين قرية باليمن غير التي بالعراق. وقيل : إن الجن الذين أتوا مكة جن نصيبين، والذين أتوه بنخلة جن نينوى. وقد مضى بيان هذا في سورة الأحقاف. قال عكرمة : والسورة التي كان يقرؤها رسول الله صلى الله عليه وسلم{اقرأ باسم ربك}[العلق : 1] وقد مضى في سورة الأحقاف التعريف باسم النفر من الجن، فلا معنى لإعادة ذلك. وقيل : إن النبي صلى الله عليه وسلم رأى الجن ليلة الجن وهو أثبت؛ روى عامر الشعبي قال : سألت علقمة هل كان ابن مسعود شهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الجن؟ فقال علقمة : أنا سألت ابن مسعود فقلت : هل شهد أحد منكم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الجن؟ قال : لا، ولكنا كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة ففقدناه، فالتمسناه في الأودية والشعاب، فقلنا استطير أو اغتيل، قال : فبتنا بشر ليلة بات بها قوم، فلما أصبح إذا هو يجيء من قبل حراء، فقلنا : يا رسول الله! فقدناك وطلبناك فلم نجدك، فبتنا بشر ليلة بات بها قوم؛ فقال : (أتاني داعي الجن فذهبت معه فقرأت عليهم القرآن) فانطلق بنا فأرانا آثارهم وآثار نيرانهم، وسألوه الزاد وكانوا من جن الجزيرة، فقال : (لكم كل عظم ذكر اسم الله عليه يقع في أيديكم أوفر ما يكون لحما، وكل بعرة علف لدوابكم - فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فلا تستنجوا بهما، فإنهما طعام إخوانكم الجن) قال ابن العربي : وابن مسعود أعرف من ابن عباس؛ لأنه شاهده وابن عباس سمعه وليس الخبر كالمعاينة. وقد قيل : إن الجن أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم دفعتين : إحداهما بمكة وهي التي ذكرها ابن مسعود، والثانية بنخلة وهي التي ذكرها ابن عباس. قال البيهقي : الذي حكاه عبدالله بن عباس إنما هو في أول ما سمعت الجن قراءة النبي صلى الله عليه وسلم وعلمت بحاله، وفي ذلك الوقت لم يقرأ عليهم ولم يرهم كما حكاه، ثم أتاه داعي الجن مرة أخرى فذهب معه وقرأ عليهم القرآن كما حكاه عبدالله بن مسعود قال البيهقي : والأحاديث الصحاح تدل على أن ابن مسعود لم يكن مع النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الجن، وإنما سار معه حين انطلق به وبغيره يريه آثار الجن وآثار نيرانهم. قال : وقد روي من غير وجه أنه كان معه ليلتئذ، وقد مضى هذا المعنى في سورة الأحقاف والحمد لله. روي عن ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (أمرت أن أتلو القرآن على الجن فمن يذهب معي؟) فسكتوا، ثم قال الثانية، ثم قال الثالثة، ثم قال عبدالله بن مسعود : أنا أذهب معك يا رسول الله، فانطلق حتى جاء الحجون عند شعب أبي دب فخط علي خطا فقال : (لا تجاوزه) ثم مضى إلى الحجون فانحدر عليه أمثال الحجل يحدرون الحجارة بأقدامهم، يمشون يقرعون في دفوفهم كما تقرع النسوة في دفوفها، حتى غشوه فلا أراه، فقمت فأومى إلي بيده أن أجلس، فتلا القرآن فلم يزل صوته يرتفع، ولصقوا بالأرض حتى ما أراهم، فلما انفتل إلي قال : (أردت أن تأتيني)؟ قلت : نعم يا رسول الله. قال : (ما كان ذلك لك، هؤلاء الجن أتوا يستمعون القرآن، ثم ولوا إلى قومهم منذرين فسألوني الزاد فزودتهم العظم والبعر فلا يستطيبن أحدكم بعظم ولا بعر). قال عكرمة : وكانوا اثني عشر ألفا من جزيرة الموصل. وفي رواية : انطلق بي عليه السلام حتى إذا جئنا المسجد الذي عند حائط عوف خط لي خطا، فأتاه نفر منهم فقال أصحابنا كأنهم رجال الزط وكأن وجوههم المكاكي، فقالوا : ما أنت؟ قال : (أنا نبي الله) قالوا : فمن يشهد لك على ذلك؟ قال : (هذه الشجرة) فقال : (يا شجرة) فجاءت تجر عروقها، لها قعاقع حتى انتصبت بين يديه، فقال : (على ماذا تشهدين) قالت : أشهد أنك رسول الله. فرجعت كما جاءت تجر بعروقها الحجارة، لها قعاقع حتى عادت كما كانت. ثم روى أنه عليه السلام لما فرغ وضع رأسه على حجر ابن مسعود فرقد ثم استيقظ فقال : (هل من وضوء) قال : لا، إلا أن معي إداوة فيها نبيذ. فقال : (هل هو إلا تمر وماء) فتوضأ منه. الثالثة: قد مضى الكلام في الماء في سورة الحجر وما يستنجى به في سورة براءة فلا معنى للإعادة. الرابعة: واختلف أهل العلم، في أصل الجن؛ فروى إسماعيل عن الحسن البصري : أن الجن ولد إبليس، والإنس ولد آدم، ومن هؤلاء وهؤلاء مؤمنون وكافرون، وهم شركاء في الثواب والعقاب. فمن كان من هؤلاء وهؤلاء مؤمنا فهو ولي الله، ومن كان من هؤلاء وهؤلاء كافرا فهو شيطان. وروى الضحاك عن ابن عباس : أن الجن هم ولد الجان وليسوا بشياطين، وهم يؤمنون؛ ومنهم المؤمن ومنهم الكافر، والشياطين هم ولد إبليس لا يموتون إلا مع إبليس. واختلفوا في دخول مؤمني الجن الجنة، على حسب الاختلاف في أصلهم. فمن زعم أنهم من الجان لا من ذرية إبليس قال : يدخلون الجنة بإيمانهم. ومن قال : إنهم من ذرية إبليس فلهم فيه قولان : أحدهما : وهو قول الحسن يدخلونها. الثاني : وهو رواية مجاهد لا يدخلونها وإن صرفوا عن النار. حكاه الماوردي. وقد مضى في سورة الرحمن عند قوله تعالى {لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان}[الرحمن : 56] بيان أنهم يدخلونها. الخامسة: قال البيهقي في روايته : وسألوه الزاد وكانوا من جن الجزيرة فقال : (لكم كل عظم) دليل على أنهم يأكلون ويطعمون. وقد أنكر جماعة من كفرة الأطباء والفلاسفة الجن، وقالوا : إنهم بسائط، ولا يصح طعامهم؛ اجتراء على الله وافتراء، والقرآن والسنة ترد عليهم، وليس في المخلوقات بسيط مركب مزدوج، إنما الواحد الواحد سبحانه، وغيره مركب وليس بواحد كيفما تصرف حاله. وليس يمتنع أن يراهم النبي صلى الله عليه وسلم في صورهم كما يرى الملائكة. وأكثر ما يتصورون لنا في صور الحيات؛ ففي الموطأ : أن رجلا حديث عهد بعرس استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنصاف النهار أن يرجع إلى أهله... الحديث، وفيه : فإذا حية عظيمة منطوية على الفراش، فأهوى إليها بالرمح فانتظمها. وذكر الحديث. ""في الصحيح""أنه عليه السلام قال : (إن لهذه البيوت عوامر، فإذا رأيتم منها شيئا فحرجوا عليها ثلاثا، فإن ذهب وإلا فاقتلوه فإنه كافر). وقال : (اذهبوا فادفنوا صاحبكم) وقد مضى هذا المعنى في سورة البقرة وبيان التحريج عليهن. وقد ذهب قوم إلى أن ذلك مخصوص بالمدينة؛ لقوله في الصحيح : (إن بالمدينة جنا قد أسلموا). وهذا لفظ مختص بها فيختص بحكمها. قلنا : هذا يدل على أن غيرها من البيوت مثلها؛ لأنه لم يعلل بحرمة المدينة، فيكون ذلك الحكم مخصوصا بها، وإنما علل بالإسلام، وذلك عام في غيرها، ألا ترى قوله في الحديث مخبرا عن الجن الذي لقي : وكانوا من جن الجزيرة؛ وهذا بين يعضده قوله : ونهى عن عوامر البيوت وهذا عام. وقد مضى في سورة البقرة القول في هذا فلا معنى للإعادة. قوله تعالى {فقالوا إنا سمعنا قرآنا عجبا} أي في فصاحة كلامه. وقيل : عجبا في بلاغة مواعظه. وقيل : عجبا في عظم بركته. وقيل : قرآنا عزيزا لا يوجد مثله. وقيل : يعنون عظيما. {يهدي إلى الرشد} أي إلى مراشد الأمور. وقيل : إلى معرفة الله تعالى؛ و{يهدي} في موضع الصفة أي هاديا. {فآمنا به} أي فاهتدينا به وصدقنا أنه من عند الله {ولن نشرك بربنا أحدا} أي لا نرجع إلى إبليس ولا نطيعه؛ لأنه الذي كان بعثهم ليأتوه بالخبر، ثم رمي الجن بالشهب. وقيل لا نتخذ مع الله إلها آخر؛ لأنه المتفرد بالربوبية. وفي هذا تعجيب المؤمنين بذهاب مشركي قريش عما أدركته الجن بتدبرها القرآن. وقوله تعالى{استمع نفر من الجن} أي استمعوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فعلموا أن ما يقرؤه كلام الله. ولم يذكر المستمع إليه لدلالة الحال عليه. والنفر الرهط؛ قال الخليل : ما بين ثلاثة إلى عشرة. وقرأ عيسى الثقفي {يهدي إلى الرشد} بفتح الراء والشين. قوله تعالى{وأنه تعالى جد ربنا} كان علقمة ويحيى والأعمش وحمزة والكسائي وابن عامر وخلف وحفص والسلمي ينصبون {أن} في جميع السورة في اثني عشر موضعا، وهو{أنه تعالى جد ربنا}، {وأنه كان يقول}، {وأنا ظننا}، {وأنه كان رجال}، {وأنهم ظنوا}، {وأنا لمسنا السماء}، {وأنا كنا نقعد}، {وأنا لا ندري}، {وأنا منا الصالحون}، {وأنا ظننا أن نعجز الله في الأرض}، {وأنا لما سمعنا الهدى}، {وأنا منا المسلمون} عطفا على قوله{أنه استمع نفر}، {وأنه استمع} لا يجوز فيه إلا الفتح؛ لأنها في موضع اسم فاعل {أوحي} فما بعده معطوف عليه. وقيل : هو محمول على الهاء في {آمنا به}، أي و{بأنه تعالى جد ربنا} وجاز ذلك وهو مضمر مجرور لكثرة حرف الجار مع {أن}. وقيل : المعنى أي وصدقنا أنه جد ربنا. وقرأ الباقون كلها بالكسر وهو الصواب، واختاره أبو عبيدة وأبو حاتم عطفا على قوله {فقالوا إنا سمعنا} لأنه كله من كلام الجن. وأما أبو جعفر وشيبة فإنهما فتحا ثلاثة مواضع؛ وهي قوله تعالى {وأنه تعالى جد ربا}، {وأنه كان يقول}، {وأنه كان رجال}، قالا : لأنه من الوحي، وكسرا ما بقي؛ لأنه من كلام الجن. وأما قوله تعالى{وأنه لما قام عبدالله}[الجن : 19]. فكلهم فتحوا إلا نافعا وشيبة وزر بن حبيش وأبا بكر والمفضل عن عاصم، فإنهم كسروا لا غير. ولا خلاف في فتح همزة {أنه استمع نفر من الجن}، {وأن لو استقاموا} {وأن المساجد لله}، {وأن قد أبلغوا}. وكذلك لا خلاف في كسر ما بعد القول؛ نحو قوله تعالى {فقالوا إنا سمعنا} و{قل إنما أدعوا ربي}[الجن : 20] و{قل إن أدري}[الجن : 25]. و{قل إني لا أملك}[الجن : 21]. وكذلك لا خلاف في كسر ما كان بعد فاء الجزاء؛ نحو قوله تعالى{فإن له نار جهنم}[الجن : 23] و{فإنه يسلك من بين يديه}[الجن : 27]. لأنه موضع ابتداء. قوله تعالى{وأنه تعالى جد ربنا} الجد في اللغة : العظمة والجلال؛ ومنه قول أنس : كان الرجل إذا حفظ البقرة وآل عمران جد في عيوننا؛ أي عظم وجل. فمعنى{جد ربنا} أي عظمته وجلاله؛ قال عكرمة ومجاهد وقتادة. وعن مجاهد أيضا : ذكره. وقال أنس بن مالك والحسن وعكرمة أيضا : غناه. ومنه قيل للحظ جد، ورجل مجدود أي محظوظ؛ وفي الحديث : [ولا ينفع ذا الجد منك الجد] قال أبو عبيدة والخليل : أي ذا الغنى، منك الغنى، إنما تنفعه الطاعة. وقال ابن عباس : قدرته. الضحاك : فعله. وقال القرظي والضحاك أيضا : آلاؤه ونعمه على خلقه. وقال أبو عبيدة والأخفش ملكه وسلطانه. وقال السدي : أمره. وقال سعيد بن جبير {وأنه تعالى جد ربنا} أي تعالى ربنا. وقيل : إنهم عنوا بذلك الجد الذي هو أب الأب، ويكون هذا من قول الجن. وقال محمد بن علي بن الحسين وابنه جعفر الصادق والربيع : ليس لله تعالى جد، وإنما قالته الجن للجهالة، فلم يؤاخذوا به. وقال القشيري : ويجوز إطلاق لفظ الجد في حق الله تعالى؛ إذ لو لم يجز لما ذكر في القرآن، غير أنه لفظ موهم، فتجنبه أولى. وقراءة عكرمة {جد} بكسر الجيم : على ضد الهزل. وكذلك قرأ أبو حيوة ومحمد بن السميقع. ويروى عن ابن السميقع أيضا وأبي الأشهب {جدا ربنا}، وهو الجدوى والمنفعة. وقرأ عكرمة أيضا {جد} بالتنوين {ربنا} بالرفع على أنه مرفوع، {بتعالى}، و{جدا} منصوب على التمييز. وعن عكرمة أيضا {جد} بالتنوين والرفع {ربنا} بالرفع على تقدير : تعالى جد جد ربنا؛ فجد الثاني بدل من الأول وحذف وأقيم المضاف إليه مقامه. ومعنى الآية : وأنه تعالى جلال ربنا أن يتخذ صاحبة وولدا للاستئناس بهما والحاجة إليهما، والرب يتعالى عن الأنداد والنظراء.

التفسير الميسّر:

قل -أيها الرسول-: أوحى الله إليَّ أنَّ جماعة من الجن قد استمعوا لتلاوتي للقرآن، فلما سمعوه قالوا لقومهم: إنا سمعنا قرآنًا بديعًا في بلاغته وفصاحته وحكمه وأحكامه وأخباره، يدعو إلى الحق والهدى، فصدَّقنا بهذا القرآن وعملنا به، ولن نشرك بربنا الذي خلقنا أحدًا في عبادته.

تفسير السعدي

أي: { قُلْ } يا أيها الرسول للناس { أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ } صرفهم الله [إلى رسوله] لسماع آياته لتقوم عليهم الحجة [وتتم عليهم النعمة] ويكونوا نذرا لقومهم. وأمر الله رسوله أن يقص نبأهم على الناس، وذلك أنهم لما حضروه، قالوا: أنصتوا، فلما أنصتوا فهموا معانيه، ووصلت حقائقه إلى قلوبهم، { فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا } أي: من العجائب الغالية، والمطالب العالية.


تفسير البغوي

مكية

"قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن"، وكانوا تسعة من جن نصيبين. وقيل سبعة، استمعوا قراءة النبي صلى الله عليه وسلم ذكرنا خبرهم في سورة الأحقاف، "فقالوا"، لما رجعوا إلى قومهم: "إنا سمعنا قرآناً عجباً"، قال ابن عباس: بليغاً، أي: قرآناً ذا عجب يعجب منه لبلاغته.


الإعراب:

(قُلْ) أمر فاعله مستتر والجملة ابتدائية لا محل لها (أُوحِيَ) ماض مبني للمجهول (إِلَيَّ) متعلقان بالفعل (أَنَّهُ اسْتَمَعَ) أن واسمها وماض (نَفَرٌ) فاعله (مِنَ الْجِنِّ) صفة نفر والجملة الفعلية خبر أن والمصدر المؤول من أن واسمها وخبرها نائب فاعل أوحي وجملة أوحي.. مقول القول (فَقالُوا) الفاء حرف عطف وماض وفاعله والجملة معطوفة على جملة استمع (إِنَّا) إن واسمها (سَمِعْنا قُرْآناً) ماض وفاعله ومفعوله (عَجَباً) صفة والجملة الفعلية خبر إن والجملة الاسمية مقول القول.

---

Traslation and Transliteration:

Qul oohiya ilayya annahu istamaAAa nafarun mina aljinni faqaloo inna samiAAna quranan AAajaban

بيانات السورة

اسم السورة سورة الجن (Al-Jinn - The Jinn)
ترتيبها 72
عدد آياتها 28
عدد كلماتها 286
عدد حروفها 1089
معنى اسمها (الْجِنُّ): كَالْإِنْسِ خَلَقَهُمُ اللهُ لِعِبَادَتِهِ، وَأَصْلُ خَلْقَهُمْ مِنْ نَارِ، كَمَا أَنَّ أَصْلَ خَلْقِ الْإِنْسِ مِنْ تُرَابٍ
سبب تسميتها لِأَنَّ السُّورَةَ كُلَّهَا تَتَحَدَّثُ عَنْ خَلْقِ (الْجِنِّ) وَأَعْمَالِهِمْ وَأَحْوَالِهِمْ، فَسُمِّيَتْ بِهِمْ
أسماؤها الأخرى اشتُهِرَتْ بِسُورَةِ (الْجِنِّ)، وتُسَمَّى سُورَةَ: ﴿قُلۡ أُوحِيَ﴾
مقاصدها بَيَانُ حَقِيقَةِ إِيمَانِ الْجِنِّ وَأَحْوَالِهِمْ وَحُدُودُ قُدُرَاتِهِمْ، وَأَنَّهُمْ لَا يَمْلِكُونَ نَفْعًا وَلَا ضَرًّا
أسباب نزولها سُورَةٌ مَكِّيَّةٌ، وَقَدِ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ وَهُوَ يُصَلِّي مَعَ أَصْحَابِهِ صَلاةَ الْفَجْرِ، فَقَالُوا: هَذَا وَاللهِ الَّذِي حَالَ بَينَكُمْ وَبَينَ خَبَرِ السَّمَاءِ ثُمَّ رَجَعُوا إِلِى قَومِهِمْ، فَأَنْزَلَ اللهُ الآيَاتِ. (رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسْلِم)
فضلها لَمْ يَصِحَّ حَدِيثٌ أَو أَثَرٌ خَاصٌّ فِي فَضْلِ السُّورَة سِوَى أَنَّهَا مِنْ طِوَالِ المُفَصَّل
مناسبتها مُنَاسَبَةُ أَوَّلِ سُورَةِ (الْجِنِّ) بِآخِرِهَا: الحَدِيثُ عَنْ كَونِ الْجِنِّ مِنْ عُلُومِ الْغَيبِ، فَقَالَ فِي فَاتِحَتِهَا: ﴿قُلۡ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ ٱسۡتَمَعَ نَفَرٞ مِّنَ ٱلۡجِنِّ ...١﴾، وَقَالَ فِي أَوَاخِرِهَا: ﴿عَٰلِمُ ٱلۡغَيۡبِ فَلَا يُظۡهِرُ عَلَىٰ غَيۡبِهِۦٓ أَحَدًا ٢٦﴾. مُنَاسَبَةُ سُورَةِ (الْجِنِّ) لِمَا قَبلَهَا مِنْ سُورَةِ (نُوحٍ عليه السلام):بَيَّنَتْ قِصَّةُ (نُوحٌ عليه السلام) أَنَّهُ مَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنَ الإِنْسِ، وَبَيَّنَتْ سُورَةُ (الْجِنِّ) أَنَّ الْقَلِيلَ مِنَ الْجِنِّ هُوَ مَنْ آمَنَ بِالنَّبِيِّ ﷺ، فَدَلَّ عَلَى فَضْلِ خَاتَمِ الْأَنْبِيَاءِ مُحَمَّدٍ ﷺ
اختر الًجزء:
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
25
26
27
28
29
30
اختر السورة:
1 - ﴿الفاتحة﴾
2 - ﴿البقرة﴾
3 - ﴿آل عمران﴾
4 - ﴿النساء﴾
5 - ﴿المائدة﴾
6 - ﴿الأنعام﴾
7 - ﴿الأعراف﴾
8 - ﴿الأنفال﴾
9 - ﴿التوبة﴾
10 - ﴿يونس﴾
11 - ﴿هود﴾
12 - ﴿يوسف﴾
13 - ﴿الرعد﴾
14 - ﴿إبراهيم﴾
15 - ﴿الحجر﴾
16 - ﴿النحل﴾
17 - ﴿الإسراء﴾
18 - ﴿الكهف﴾
19 - ﴿مريم﴾
20 - ﴿طه﴾
21 - ﴿الأنبياء﴾
22 - ﴿الحج﴾
23 - ﴿المؤمنون﴾
24 - ﴿النور﴾
25 - ﴿الفرقان﴾
26 - ﴿الشعراء﴾
27 - ﴿النمل﴾
28 - ﴿القصص﴾
29 - ﴿العنكبوت﴾
30 - ﴿الروم﴾
31 - ﴿لقمان﴾
32 - ﴿السجدة﴾
33 - ﴿الأحزاب﴾
34 - ﴿سبأ﴾
35 - ﴿فاطر﴾
36 - ﴿يس﴾
37 - ﴿الصافات﴾
38 - ﴿ص﴾
39 - ﴿الزمر﴾
40 - ﴿غافر﴾
41 - ﴿فصلت﴾
42 - ﴿الشورى﴾
43 - ﴿الزخرف﴾
44 - ﴿الدخان﴾
45 - ﴿الجاثية﴾
46 - ﴿الأحقاف﴾
47 - ﴿محمد﴾
48 - ﴿الفتح﴾
49 - ﴿الحجرات﴾
50 - ﴿ق﴾
51 - ﴿الذاريات﴾
52 - ﴿الطور﴾
53 - ﴿النجم﴾
54 - ﴿القمر﴾
55 - ﴿الرحمن﴾
56 - ﴿الواقعة﴾
57 - ﴿الحديد﴾
58 - ﴿المجادلة﴾
59 - ﴿الحشر﴾
60 - ﴿الممتحنة﴾
61 - ﴿الصف﴾
62 - ﴿الجمعة﴾
63 - ﴿المنافقون﴾
64 - ﴿التغابن﴾
65 - ﴿الطلاق﴾
66 - ﴿التحريم﴾
67 - ﴿الملك﴾
68 - ﴿القلم﴾
69 - ﴿الحاقة﴾
70 - ﴿المعارج﴾
71 - ﴿نوح﴾
72 - ﴿الجن﴾
73 - ﴿المزمل﴾
74 - ﴿المدثر﴾
75 - ﴿القيامة﴾
76 - ﴿الإنسان﴾
77 - ﴿المرسلات﴾
78 - ﴿النبأ﴾
79 - ﴿النازعات﴾
80 - ﴿عبس﴾
81 - ﴿التكوير﴾
82 - ﴿الانفطار﴾
83 - ﴿المطففين﴾
84 - ﴿الانشقاق﴾
85 - ﴿البروج﴾
86 - ﴿الطارق﴾
87 - ﴿الأعلى﴾
88 - ﴿الغاشية﴾
89 - ﴿الفجر﴾
90 - ﴿البلد﴾
91 - ﴿الشمس﴾
92 - ﴿الليل﴾
93 - ﴿الضحى﴾
94 - ﴿الشرح﴾
95 - ﴿التين﴾
96 - ﴿العلق﴾
97 - ﴿القدر﴾
98 - ﴿البينة﴾
99 - ﴿الزلزلة﴾
100 - ﴿العاديات﴾
101 - ﴿القارعة﴾
102 - ﴿التكاثر﴾
103 - ﴿العصر﴾
104 - ﴿الهمزة﴾
105 - ﴿الفيل﴾
106 - ﴿قريش﴾
107 - ﴿الماعون﴾
108 - ﴿الكوثر﴾
109 - ﴿الكافرون﴾
110 - ﴿النصر﴾
111 - ﴿المسد﴾
112 - ﴿الإخلاص﴾
113 - ﴿الفلق﴾
114 - ﴿الناس﴾
اختر الًصفحة:
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
25
26
27
28
29
30
31
32
33
34
35
36
37
38
39
40
41
42
43
44
45
46
47
48
49
50
51
52
53
54
55
56
57
58
59
60
61
62
63
64
65
66
67
68
69
70
71
72
73
74
75
76
77
78
79
80
81
82
83
84
85
86
87
88
89
90
91
92
93
94
95
96
97
98
99
100
101
102
103
104
105
106
107
108
109
110
111
112
113
114
115
116
117
118
119
120
121
122
123
124
125
126
127
128
129
130
131
132
133
134
135
136
137
138
139
140
141
142
143
144
145
146
147
148
149
150
151
152
153
154
155
156
157
158
159
160
161
162
163
164
165
166
167
168
169
170
171
172
173
174
175
176
177
178
179
180
181
182
183
184
185
186
187
188
189
190
191
192
193
194
195
196
197
198
199
200
201
202
203
204
205
206
207
208
209
210
211
212
213
214
215
216
217
218
219
220
221
222
223
224
225
226
227
228
229
230
231
232
233
234
235
236
237
238
239
240
241
242
243
244
245
246
247
248
249
250
251
252
253
254
255
256
257
258
259
260
261
262
263
264
265
266
267
268
269
270
271
272
273
274
275
276
277
278
279
280
281
282
283
284
285
286
287
288
289
290
291
292
293
294
295
296
297
298
299
300
301
302
303
304
305
306
307
308
309
310
311
312
313
314
315
316
317
318
319
320
321
322
323
324
325
326
327
328
329
330
331
332
333
334
335
336
337
338
339
340
341
342
343
344
345
346
347
348
349
350
351
352
353
354
355
356
357
358
359
360
361
362
363
364
365
366
367
368
369
370
371
372
373
374
375
376
377
378
379
380
381
382
383
384
385
386
387
388
389
390
391
392
393
394
395
396
397
398
399
400
401
402
403
404
405
406
407
408
409
410
411
412
413
414
415
416
417
418
419
420
421
422
423
424
425
426
427
428
429
430
431
432
433
434
435
436
437
438
439
440
441
442
443
444
445
446
447
448
449
450
451
452
453
454
455
456
457
458
459
460
461
462
463
464
465
466
467
468
469
470
471
472
473
474
475
476
477
478
479
480
481
482
483
484
485
486
487
488
489
490
491
492
493
494
495
496
497
498
499
500
501
502
503
504
505
506
507
508
509
510
511
512
513
514
515
516
517
518
519
520
521
522
523
524
525
526
527
528
529
530
531
532
533
534
535
536
537
538
539
540
541
542
543
544
545
546
547
548
549
550
551
552
553
554
555
556
557
558
559
560
561
562
563
564
565
566
567
568
569
570
571
572
573
574
575
576
577
578
579
580
581
582
583
584
585
586
587
588
589
590
591
592
593
594
595
596
597
598
599
600
601
602
603
604


يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!