المكتبة الأكبرية: القرآن الكريم: سورة الحديد: [الآية 12]
سورة الحديد | ||
تفسير الجلالين:
تفسير الشيخ محي الدين:
لِئَلاَّ يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتابِ أَلاَّ يَقْدِرُونَ عَلى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (29)
لا يعظم الفضل الإلهي إلا في المسرفين والمجرمين ، وأما في المحسنين فما على المحسنين من سبيل ، فإن الفضل الإلهي جاءهم ابتداء وكانوا به محسنين ، وما بقي الفضل الإلهي إلا في غير المحسنين .
(58) سورة المجادلة مدنيّة
[سورة المجادلة (58) : آية 1]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحاوُرَكُما إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (1)
«قَدْ سَمِعَ اللَّهُ» قال اللّه تعالى ذلك ولم يقل : سمعت ؛ لأن الآية قد تكون تعريفا من جبريل الروح الأمين بأمر اللّه أن يقول لعبده عليه السلام مثل هذا ، أي قل يا جبريل «قَدْ سَمِعَ اللَّهُ» كما قيل لمحمد صلّى اللّه عليه وسلّم : (قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ) وهو بشر ، ويحتمل أن يكون الكلام من مرتبة خاصة ، فيقول الحق من كونه متكلما : يا محمد «قَدْ سَمِعَ اللَّهُ» فيريد باللّه هنا الاسم السميع أو العليم.
[سورة المجادلة (58) : آية 2]
الَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسائِهِمْ ما هُنَّ أُمَّهاتِهِمْ إِنْ أُمَّهاتُهُمْ إِلاَّ اللاَّئِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ وَزُوراً وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ (2)
[إشارة : لا عين للشريك إذ لا شريك في العالم ]
-إشارة - «وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ وَزُوراً» المنكر الشريك الذي أثبته المشركون بجعلهم فلم يقبله التوحيد الإلهي ، وأنكره فصار منكرا من القول وزورا ، فلم يكن ثمّ شريك له عين أصلا ، بل هو لفظ ظهر تحته العدم المحض ، فلا عين للشريك إذ لا شريك في العالم عينا وإن وجد قولا ولفظا .
------------
(29) الفتوحات ج 4 / 5تفسير ابن كثير:
يقول تعالى مخبرا عن المؤمنين المتصدقين : أنهم يوم القيامة يسعى نورهم بين أيديهم في عرصات القيامة ، بحسب أعمالهم ، كما قال عبد الله بن مسعود في قوله : ( يسعى نورهم بين أيديهم ) قال : على قدر أعمالهم يمرون على الصراط ، منهم من نوره مثل الجبل ، ومنهم من نوره مثل النخلة ، ومنهم من نوره مثل الرجل القائم ، وأدناهم نورا من نوره في إبهامه يتقد مرة ويطفأ مرة ورواه بن أبي حاتم ، وابن جرير .
وقال قتادة : ذكر لنا أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول : " من المؤمنين من يضيء نوره من المدينة إلى عدن أبين وصنعاء فدون ذلك ، حتى إن من المؤمنين من يضيء نوره موضع قدميه "
وقال سفيان الثوري ، عن حصين ، عن مجاهد ، عن جنادة بن أمية قال : إنكم مكتوبون عند الله بأسمائكم ، وسيماكم ، وحلاكم ، ونجواكم ، ومجالسكم ، فإذا كان يوم القيامة قيل : يا فلان ، هذا نورك . يا فلان ، لا نور لك . وقرأ : ( يسعى نورهم بين أيديهم )
وقال الضحاك : ليس لأحد إلا يعطى نورا يوم القيامة ، فإذا انتهوا إلى الصراط طفئ نور المنافقين ، فلما رأي ذلك المؤمنون أشفقوا أن يطفأ نورهم كما طفئ نور المنافقين ، فقالوا : ربنا ، أتمم لنا نورنا .
وقال الحسن [ في قوله ] ( يسعى نورهم بين أيديهم ) يعني : على الصراط .
وقد قال ابن أبي حاتم ، رحمه الله : حدثنا أبو عبيد الله ابن أخي ابن وهب ، أخبرنا عمي ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن سعيد بن مسعود : أنه سمع عبد الرحمن بن جبير يحدث : أنه سمع أبا الدرداء ، وأبا ذر يخبران عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " أنا أول من يؤذن له يوم القيامة بالسجود ، وأول من يؤذن له برفع رأسه ، فأنظر من بين يدي ومن خلفي ، وعن يميني وعن شمالي ، فأعرف أمتي من بين الأمم " . فقال له رجل : يا نبي الله ، كيف تعرف أمتك من بين الأمم ، ما بين نوح إلى أمتك ؟ قال : " أعرفهم ، محجلون من أثر الوضوء ، ولا يكون لأحد من الأمم غيرهم ، وأعرفهم يؤتون كتبهم بأيمانهم ، وأعرفهم بسيماهم في وجوههم ، وأعرفهم بنورهم يسعى بين أيديهم وذريتهم
وقوله ) وبأيمانهم ) قال الضحاك : أي وبأيمانهم كتبهم ، كما قال : ( فمن أوتي كتابه بيمينه ) [ الإسراء : 71 ] .
وقوله : ( بشراكم اليوم جنات تجري من تحتها الأنهار ) أي : يقال لهم : بشراكم اليوم جنات ، أي : لكم البشارة بجنات تجري من تحتها الأنهار ، ( خالدين فيها ) أي : ماكثين فيها أبدا ( ذلك هو الفوز العظيم ) .
تفسير الطبري :
التفسير الميسّر:
تفسير السعدي
يقول تعالى -مبينا لفضل الإيمان واغتباط أهله به يوم القيامة-: { يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ } أي: إذا كان يوم القيامة، وكورت الشمس، وخسف القمر، وصار الناس في الظلمة، ونصب الصراط على متن جهنم، فحينئذ ترى المؤمنين والمؤمنات، يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم، فيمشون بأيمانهم ونورهم في ذلك الموقف الهائل الصعب، كل على قدر إيمانه، ويبشرون عند ذلك بأعظم بشارة، فيقال: { بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ } فلله ما أحلى هذه البشارة بقلوبهم، وألذها لنفوسهم، حيث حصل لهم كل مطلوب [محبوب]، ونجوا من كل شر ومرهوب
تفسير البغوي
( يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم ) يعني على الصراط ( بين أيديهم وبأيمانهم ) يعني عن أيمانهم . قال بعضهم : أراد جميع جوانبهم ، فعبر بالبعض عن الكل وذلك دليلهم إلى الجنة .
وقال قتادة : ذكر لنا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " إن من المؤمنين من يضيء نوره من المدينة إلى عدن أبين وصنعاء ودون ذلك حتى إن من المؤمنين من لا يضيء نوره إلا موضع قدميه "
وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنهما : يؤتون نورهم على قدر أعمالهم ، فمنهم من يؤتى نوره كالنخلة ، ومنهم من يؤتى نوره كالرجل القائم ، وأدناهم نورا من نوره أعلى إبهامه فيطفأ مرة ويقد مرة .
وقال الضحاك ومقاتل : " يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم " كتبهم ، يريد أن كتبهم التي أعطوها بأيمانهم ونورهم بين أيديهم . وتقول لهم الملائكة : ( بشراكم اليوم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ذلك هو الفوز العظيم ) .
الإعراب:
(يَوْمَ) ظرف زمان (تَرَى) مضارع مرفوع فاعله مستتر (الْمُؤْمِنِينَ) مفعول به (وَالْمُؤْمِناتِ) معطوف على المؤمنين والجملة في محل جر بالإضافة (يَسْعى) مضارع مرفوع (نُورُهُمْ) فاعله والجملة في محل نصب حال (بَيْنَ) ظرف مكان مضاف (أَيْدِيهِمْ) مضاف إليه (وَبِأَيْمانِهِمْ) معطوف على أيديهم.
(بُشْراكُمُ) مبتدأ (الْيَوْمَ) ظرف زمان (جَنَّاتٌ) خبر والجملة مقول قول محذوف (تَجْرِي) مضارع مرفوع (مِنْ تَحْتِهَا) متعلقان بالفعل (الْأَنْهارُ) فاعل والجملة صفة جنات.
(خالِدِينَ) حال (فِيها) متعلقان بخالدين.
(ذلِكَ) مبتدأ (هُوَ) ضمير فصل لا محل له (الْفَوْزُ) خبر المبتدأ (الْعَظِيمُ) صفة الفوز والجملة الاسمية استئنافية لا محل لها.