موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية: القرآن الكريم: سورة آل عمران: [الآية 153]

سورة آل عمران
۞ إِذْ تُصْعِدُونَ وَلَا تَلْوُۥنَ عَلَىٰٓ أَحَدٍ وَٱلرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِىٓ أُخْرَىٰكُمْ فَأَثَٰبَكُمْ غَمًّۢا بِغَمٍّ لِّكَيْلَا تَحْزَنُوا۟ عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلَا مَآ أَصَٰبَكُمْ ۗ وَٱللَّهُ خَبِيرٌۢ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴿153﴾

تفسير الجلالين:

اذكروا «إذ تصعدون» تبعدون في الأرض هاربين «ولا تلوون» تعرجون «على أحد والرسولُ يدعوكم في أخراكم» أي من ورائكم يقول إليَّ عباد الله «فأثابكم» فجازاكم «غمّاً» بالهزيمة «بغمٍّ» بسبب غمِّكم للرسول بالمخالفة وقيل الباء بمعنى على، أي مضاعفا على غم فوت الغنيمة «لكيلا» متعلق بعفا أو بأثابكم فلا زائدة «تحزنوا على ما فاتكم» من الغنيمة «ولا ما أصابكم» من القتل والهزيمة «والله خبير بما تعملون».

تفسير الشيخ محي الدين:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصابِرُوا وَرابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (200)

الرباط أن يلزم الانسان نفسه دائما من غير حد ينتهي إليه ، أو يجعله في نفسه ، فإذا ربط نفسه بهذا الأمر ، فهو مرابط ، والرباط ملازمة ، وهو من أفضل أحوال المؤمن ، فكل إنسان إذا مات يختم على عمله إلا المرابط ، فإنه ينمّى له إلى يوم القيامة ، ويأمن فتان القبر ، ثبت هذا عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم ، والرباط في الخير كله ، ما يختص به خير من خير ، فالكل

489



سبيل اللّه ، فإن سبيل اللّه ما شرعه اللّه لعباده أن يعملوا به ، فما يختصّ بملازمة الثغور فقط ولا بالجهاد ، فإن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم قال في انتظار الصلاة بعد الصلاة : إنه رباط . «وَاتَّقُوا اللَّهَ) يعني في ذلك كله ، أي اجعلوه وقاية تتقوا به هذه العزائم ، وذلك معونته في قوله (اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ) * (واستعينوا باللّه) فهذا معنى قوله «اتَّقُوا اللَّهَ» * «لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ» أي تكون لكم النجاة من مشقة الصبر والرباط .

------------

(200) الفتوحات ج 4 / 482 ، 347 ، 482

تفسير ابن كثير:

وقوله : ( إذ تصعدون ولا تلوون على أحد ) أي : صرفكم عنهم ( إذ تصعدون ) أي : في الجبل هاربين من أعدائكم .

وقرأ الحسن وقتادة : ( إذ تصعدون ) أي : في الجبل ( ولا تلوون على أحد ) أي : وأنتم لا تلوون على أحد من الدهش والخوف والرعب ( والرسول يدعوكم في أخراكم ) أي : وهو قد خلفتموه وراء ظهوركم يدعوكم إلى ترك الفرار من الأعداء ، وإلى الرجعة والعودة والكرة .

قال السدي : لما شد المشركون على المسلمين بأحد فهزموهم ، دخل بعضهم المدينة ، وانطلق بعضهم فوق الجبل إلى الصخرة فقاموا عليها ، وجعل الرسول صلى الله عليه وسلم يدعو الناس : " إلي عباد الله ، إلي عباد الله " . فذكر الله صعودهم على الجبل ، ثم ذكر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم إياهم فقال : ( إذ تصعدون ولا تلوون على أحد والرسول يدعوكم في أخراكم ) .

وكذا قال ابن عباس ، وقتادة والربيع ، وابن زيد .

وقد قال عبد الله بن الزبعرى يذكر هزيمة المسلمين يوم أحد في قصيدته - وهو مشرك بعد لم يسلم - التي يقول في أولها :

يا غراب البين أسمعت فقل إنما تنطق شيئا قد فعل إن للخير وللشر مدى

وكلا ذلك وجه وقبل

إلى أن قال :

ليت أشياخي ببدر شهدوا جزع الخزرج من وقع الأسل

حين حكت بقباء بركها واستحر القتل في عبد الأشل

ثم خفوا عند ذاكم رقصا رقص الحفان يعلو في الجبل

فقتلنا الضعف من أشرافهم وعدلنا ميل بدر فاعتدل

الحفان : صغار النعم .

وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم قد أفرد في اثني عشر رجلا من أصحابه ، كما قال الإمام أحمد : حدثنا حسن بن موسى ، حدثنا زهير ، حدثنا أبو إسحاق أن البراء بن عازب قال : جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الرماة يوم أحد - وكانوا خمسين رجلا - عبد الله بن جبير قال : ووضعهم موضعا وقال : " إن رأيتمونا تخطفنا الطير فلا تبرحوا حتى أرسل إليكم وإن رأيتمونا ظهرنا على العدو وأوطأناهم فلا تبرحوا حتى أرسل إليكم قال : فهزموهم . قال : فأنا والله رأيت النساء يشتددن على الجبل ، وقد بدت أسؤقهن وخلاخلهن رافعات ثيابهن ، فقال أصحاب عبد الله : الغنيمة ، أي قوم ، الغنيمة ، ظهر أصحابكم فما تنتظرون ؟ قال عبد الله بن جبير : أنسيتم ما قال لكم رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقالوا : إنا والله لنأتين الناس فلنصيبن من الغنيمة . فلما أتوهم صرفت وجوههم فأقبلوا منهزمين ، فذلك الذي يدعوهم الرسول في أخراهم ، فلم يبق مع رسول الله صلى الله عليه وسلم غير اثني عشر رجلا فأصابوا منا سبعين ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه أصابوا من المشركين يوم بدر أربعين ومائة : سبعين أسيرا وسبعين قتيلا . قال أبو سفيان : أفي القوم محمد ؟ أفي القوم محمد ؟ أفي القوم محمد ؟ - ثلاثا - قال : فنهاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجيبوه ، ثم قال : أفي القوم ابن أبي قحافة ؟ أفي القوم ابن أبي قحافة ؟ أفي القوم ابن الخطاب ؟ أفي القوم ابن الخطاب ؟ ثم أقبل على أصحابه فقال : أما هؤلاء فقد قتلوا ، قد كفيتموه . فما ملك عمر نفسه أن قال : كذبت والله يا عدو الله ، إن الذين عددت لأحياء كلهم ، وقد بقي لك ما يسوءك . فقال يوم بيوم بدر ، والحرب سجال ، إنكم ستجدون في القوم مثلة لم آمر بها ولم تسؤني ثم أخذ يرتجز ، يقول : اعل هبل . اعل هبل . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ألا تجيبوه ؟ " قالوا : يا رسول الله ، ما نقول ؟ قال : " قولوا : الله أعلى وأجل " . قال : لنا العزى ولا عزى لكم . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ألا تجيبوه ؟ " . قالوا : يا رسول الله ، وما نقول ؟ قال : " قولوا : الله مولانا ولا مولى لكم " .

وقد رواه البخاري من حديث زهير بن معاوية مختصرا ، ورواه من حديث إسرائيل ، عن أبي إسحاق بأبسط من هذا ، كما تقدم . والله أعلم .

وروى البيهقي في دلائل النبوة من حديث عمارة بن غزية ، عن أبي الزبير ، عن جابر قال : انهزم الناس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد وبقي معه أحد عشر رجلا من الأنصار ، وطلحة بن عبيد الله وهو يصعد الجبل ، فلقيهم المشركون ، فقال : " ألا أحد لهؤلاء ؟ " فقال طلحة : أنا يا رسول الله ، فقال : " كما أنت يا طلحة " . فقال رجل من الأنصار : فأنا يا رسول الله ، فقاتل عنه ، وصعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن بقي معه ، ثم قتل الأنصاري فلحقوه فقال : " ألا رجل لهؤلاء ؟ " فقال طلحة مثل قوله ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل قوله ، فقال رجل من الأنصار : فأنا يا رسول الله ، فقاتل عنه وأصحابه يصعدن ، ثم قتل فلحقوه ، فلم يزل يقول مثل قوله الأول ، فيقول طلحة : فأنا يا رسول الله ، فيحبسه ، فيستأذنه رجل من الأنصار للقتال فيأذن له ، فيقاتل مثل من كان قبله ، حتى لم يبق معه إلا طلحة فغشوهما ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من لهؤلاء ؟ " فقال طلحة : أنا . فقاتل مثل قتال جميع من كان قبله وأصيبت أنامله ، فقال : حس ، فقال رسول الله : " لو قلت : باسم الله ، وذكرت اسم الله ، لرفعتك الملائكة والناس ينظرون إليك ، حتى تلج بك في جو السماء " ، ثم صعد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه وهم مجتمعون .

وقد روى البخاري ، عن أبي بكر بن أبي شيبة ، عن وكيع ، عن إسماعيل ، عن قيس بن أبي حازم قال : رأيت يد طلحة شلاء وقى بها النبي صلى الله عليه وسلم - يعني يوم أحد .

وفي الصحيحين من حديث معتمر بن سليمان ، عن أبيه ، عن أبي عثمان النهدي قال : لم يبق مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض تلك الأيام ، التي قاتل فيهن رسول الله صلى الله عليه وسلم غير طلحة بن عبيد الله وسعد ، عن حديثهما وقال حماد بن سلمة عن علي بن زيد وثابت عن أنس بن مالك ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أفرد يوم أحد في سبعة من الأنصار ورجلين من قريش ، فلما رهقوه قال : " من يردهم عنا وله الجنة - أو : وهو رفيقي في الجنة ؟ " فتقدم رجل من الأنصار فقاتل حتى قتل ، ثم رهقوه أيضا ، فقال : " من يردهم عنا وله الجنة ؟ " فتقدم رجل من الأنصار فقاتل حتى قتل . فلم يزل كذلك حتى قتل السبعة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لصاحبيه : ما أنصفنا أصحابنا " .

رواه مسلم عن هدبة بن خالد ، عن حماد بن سلمة به نحوه .

وقال الحسن بن عرفة : حدثنا ابن مروان بن معاوية ، عن هاشم بن هاشم الزهري ، قال سمعت سعيد بن المسيب يقول : سمعت سعد بن أبي وقاص [ رضي الله عنه ] يقول : نثل لي رسول الله صلى الله عليه وسلم كنانته يوم أحد قال : " ارم فداك أبي وأمي " .

وأخرجه البخاري ، عن عبد الله بن محمد ، عن مروان بن معاوية .

وقال محمد بن إسحاق حدثني صالح بن كيسان ، عن بعض آل سعد ، عن سعد بن أبي وقاص ، أنه رمى يوم أحد دون رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال سعد : فلقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يناولني النبل ويقول : " ارم فداك أبي وأمي " حتى إنه ليناولني السهم ليس له نصل ، فأرمي به .

وثبت في الصحيحين من حديث إبراهيم بن سعد عن أبيه ، عن جده ، عن سعد بن أبي وقاص قال : رأيت يوم أحد عن يمين النبي صلى الله عليه وسلم وعن يساره رجلين ، عليهما ثياب بيض ، يقاتلان عنه أشد القتال ، ما رأيتهما قبل ذلك اليوم ولا بعده ، يعني : جبريل وميكائيل عليهما السلام .

وقال أبو الأسود ، عن عروة بن الزبير قال : كان أبي بن خلف ، أخو بني جمح ، قد حلف وهو بمكة ليقتلن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما بلغت رسول الله صلى الله عليه وسلم حلفته قال : " بل أنا أقتله ، إن شاء الله " . فلما كان يوم أحد أقبل أبي في الحديد مقنعا ، وهو يقول : لا نجوت إن نجا محمد . فحمل على رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد قتله ، فاستقبله مصعب بن عمير ، أخو بني عبد الدار ، يقي رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه ، فقتل مصعب بن عمير ، وأبصر رسول الله صلى الله عليه وسلم ترقوة أبي بن خلف من فرجة بين سابغة الدرع والبيضة ، وطعنه فيها بحربته ، فوقع إلى الأرض عن فرسه ، لم يخرج من طعنته دم ، فأتاه أصحابه فاحتملوه وهو يخور خوار الثور ، فقالوا له : ما أجزعك إنما هو خدش ؟ فذكر لهم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أنا أقتل أبيا " . ثم قال : والذي نفسي بيده لو كان هذا الذي بي بأهل ذي المجاز لماتوا أجمعون . فمات إلى النار ، فسحقا لأصحاب السعير .

وقد رواه موسى بن عقبة في مغازيه ، عن الزهري ، عن سعيد بن المسيب بنحوه .

وذكر محمد بن إسحاق قال : لما أسند رسول الله صلى الله عليه وسلم في الشعب ، أدركه أبي بن خلف وهو يقول : لا نجوت إن نجوت ، فقال القوم : يا رسول الله ، يعطف عليه رجل منا ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " دعوه " فلما دنا تناول رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] الحربة من الحارث بن الصمة ، فقال بعض القوم ما ذكر لي : فلما أخذها رسول الله صلى الله عليه وسلم منه انتفض بها انتفاضة ، تطايرنا عنه تطاير الشعر عن ظهر البعير إذا انتفض ، ثم استقبله رسول الله صلى الله عليه وسلم فطعنه في عنقه طعنة تدأدأ منها عن فرسه مرارا .

وذكر الواقدي ، عن يونس بن بكير ، عن محمد بن إسحاق ، عن عاصم بن عمرو بن قتادة ، عن عبد الله بن كعب بن مالك ، عن أبيه نحو ذلك .

قال الواقدي : كان ابن عمر يقول : مات أبي بن خلف ببطن رابغ ، فإني لأسير ببطن رابغ بعد هوي من الليل إذا أنا بنار تأجح فهبتها ، فإذا رجل يخرج منها في سلسلة يجتذبها يهيج به العطش ، وإذا رجل يقول : لا تسقه ، فإن هذا قتيل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، هذا أبي بن خلف .

وثبت في الصحيحين ، من رواية عبد الرزاق ، عن معمر ، عن همام بن منبه ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اشتد غضب الله على قوم فعلوا برسول الله - وهو حينئذ يشير إلى رباعيته - اشتد غضب الله على رجل يقتله رسول الله صلى الله عليه وسلم في سبيل الله " .

ورواه البخاري أيضا من حديث ابن جريج ، عن عمرو بن دينار ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : اشتد غضب الله على من قتله رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده في سبيل الله ، اشتد غضب الله على قوم دموا وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم . وقال محمد بن إسحاق بن يسار ، رحمه الله : أصيبت رباعية رسول الله صلى الله عليه وسلم وشج في وجنته ، وكلمت شفته وكان الذي أصابه عتبة بن أبي وقاص .

فحدثني صالح بن كيسان ، عمن حدثه ، عن سعد بن أبي وقاص قال : ما حرصت على قتل أحد قط ما حرصت على قتل عتبة بن أبي وقاص وإن كان ما علمته لسيئ الخلق ، مبغضا في قومه ، ولقد كفاني فيه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اشتد غضب الله على من دمى وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم " .

وقال عبد الرزاق : أنبأنا معمر ، عن الزهري ، عن عثمان الجزري ، عن مقسم ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا على عتبة بن أبي وقاص يوم أحد حين كسر رباعيته ودمى وجهه فقال : " اللهم لا تحل عليه الحول حتى يموت كافرا " . فما حال عليه الحول حتى مات كافرا إلى النار .

ذكر الواقدي عن ابن أبي سبرة ، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة ، عن أبي الحويرث ، عن نافع بن جبير قال : سمعت رجلا من المهاجرين يقول : شهدت أحدا فنظرت إلى النبل يأتي من كل ناحية ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم وسطها ، كل ذلك يصرف عنه ، ولقد رأيت عبد الله بن شهاب الزهري يقول يومئذ : دلوني على محمد ، لا نجوت إن نجا ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جنبه ليس معه أحد ، ثم جاوره فعاتبه في ذلك صفوان ، فقال : والله ما رأيته ، أحلف بالله إنه منا ممنوع . خرجنا أربعة فتعاهدنا وتعاقدنا على قتله ، فلم نخلص إلى ذلك .

قال الواقدي : الثبت عندنا أن الذي رمى في وجنتي رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن قميئة والذي دمى شفته وأصاب رباعيته عتبة بن أبي وقاص .

وقال أبو داود الطيالسي : حدثنا ابن المبارك ، عن إسحاق بن يحيى بن طلحة بن عبيد الله ، أخبرني عيسى بن طلحة ، عن أم المؤمنين عائشة ، رضي الله عنها ، قالت : كان أبو بكر ، رضي الله عنه ، إذا ذكر يوم أحد قال ذاك يوم كله لطلحة ، ثم أنشأ يحدث قال : كنت أول من فاء يوم أحد ، فرأيت رجلا يقاتل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم دونه - وأراه قال : حمية فقال فقلت : كن طلحة ، حيث فاتني ما فاتني ، فقلت : يكون رجلا من قومي أحب إلي ، وبيني وبين المشركين رجل لا أعرفه ، وأنا أقرب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منه ، وهو يخطف المشي خطفا لا أحفظه فإذا هو أبو عبيدة بن الجراح ، فانتهينا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم : وقد كسرت رباعيته وشج في وجهه ، وقد دخل في وجنته حلقتان من حلق المغفر ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " عليكما صاحبكما " . يريد طلحة ، وقد نزف ، فلم نلتفت إلى قوله ، قال : وذهبت لأن أنزع ذلك من وجهه ، فقال أبو عبيدة : أقسمت عليك بحقي لما تركتني . فتركته ، فكره أن يتناولها بيده فيؤذي النبي صلى الله عليه وسلم ، فأزم عليها بفيه فاستخرج إحدى الحلقتين ، ووقعت ثنيته مع الحلقة ، ذهبت لأصنع ما صنع ، فقال : أقسمت عليك بحقي لما تركتني ، قال : ففعل مثل ما فعل في المرة الأولى ، فوقعت ثنيته الأخرى مع الحلقة ، فكان أبو عبيدة ، رضي الله عنه ، أحسن الناس هتما ، فأصلحنا من شأن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم أتينا طلحة في بعض تلك الجفار ، فإذا به بضع وسبعون أو أقل أو أكثر من طعنة ورمية وضربة ، وإذا قد قطعت إصبعه ، فأصلحنا من شأنه .

ورواه الهيثم بن كليب ، والطبراني ، من حديث إسحاق بن يحيى به . وعند الهيثم : فقال أبو عبيدة : أنشدك يا أبا بكر إلا تركتني ؟ فأخذ أبو عبيدة السهم بفيه ، فجعل ينضنضه كراهية أن يؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم استل السهم بفيه فبدرت ثنية أبي عبيدة .

وذكر تمامه ، واختاره الحافظ الضياء المقدسي في كتابه ، وقد ضعف علي بن المديني هذا الحديث من جهة إسحاق بن يحيى هذا ، فإنه تكلم فيه يحيى بن سعيد القطان ، وأحمد ، ويحيى بن معين ، والبخاري ، وأبو زرعة ، وأبو حاتم ، ومحمد بن سعد ، والنسائي وغيرهم .

وقال ابن وهب : أخبرني عمرو بن الحارث : أن عمر بن السائب حدثه : أنه بلغه أن مالكا أبا [ أبي ] سعيد الخدري لما جرح النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد مص الجرح حتى أنقاه ولاح أبيض ، فقيل له : مجه . فقال : لا والله لا أمجه أبدا . ثم أدبر يقاتل ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " من أراد أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة ، فلينظر إلى هذا " فاستشهد .

وقد ثبت في الصحيحين من طريق عبد العزيز بن أبي حازم عن أبيه ، عن سهل بن سعد أنه سئل عن جرح رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : جرح وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكسرت رباعيته ، وهشمت البيضة على رأسه ، فكانت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم تغسل الدم ، وكان علي يسكب عليها بالمجن فلما رأت فاطمة [ رضي الله عنها ] أن الماء لا يزيد الدم إلا كثرة ، أخذت قطعة حصير فأحرقته ، حتى إذا صار رمادا ألصقته بالجرح ، فاستمسك الدم .

وقوله : ( فأثابكم غما بغم ) أي : فجازاكم غما على غم كما تقول العرب : نزلت ببني فلان ، ونزلت على بني فلان .

قال ابن جرير : وكذا قوله : ( ولأصلبنكم في جذوع النخل ) [ طه : 71 ] [ أي : على جذوع النخل ] .

قال ابن عباس : الغم الأول : بسبب الهزيمة ، وحين قيل : قتل محمد صلى الله عليه وسلم ، والثاني : حين علاهم المشركون فوق الجبل ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " اللهم ليس لهم أن يعلونا " .

وعن عبد الرحمن بن عوف : الغم الأول : بسبب الهزيمة ، والثاني : حين قيل : قتل محمد صلى الله عليه وسلم ، كان ذلك عندهم أعظم من الهزيمة .

رواهما ابن مردويه ، وروي عن عمر بن الخطاب نحو ذلك . وذكر ابن أبي حاتم عن قتادة نحو ذلك أيضا .

وقال السدي : الغم الأول : بسبب ما فاتهم من الغنيمة والفتح ، والثاني : بإشراف العدو عليهم .

وقال محمد بن إسحاق ( فأثابكم غما بغم ) أي : كربا بعد كرب ، قتل من قتل من إخوانكم ، وعلو عدوكم عليكم ، وما وقع في أنفسكم من قول من قال : " قتل نبيكم " فكان ذلك متتابعا عليكم غما بغم .

وقال مجاهد وقتادة : الغم الأول : سماعهم قتل محمد ، والثاني : ما أصابهم من القتل والجراح . وعن قتادة والربيع بن أنس عكسه .

وعن السدي : الأول : ما فاتهم من الظفر والغنيمة ، والثاني : إشراف العدو عليهم ، وقد تقدم هذا عن السدي .

قال ابن جرير : وأولى هذه الأقوال بالصواب قول من قال : ( فأثابكم غما بغم ) فأثابكم بغمكم أيها المؤمنون بحرمان الله إياكم غنيمة المشركين والظفر بهم والنصر عليهم ، وما أصابكم من القتل والجراح يومئذ - بعد الذي أراكم في كل ذلك ما تحبون - بمعصيتكم ربكم ، وخلافكم أمر النبي صلى الله عليه وسلم - غم ظنكم أن نبيكم قد قتل ، وميل العدو عليكم بعد فلولكم منهم .

وقوله : ( لكيلا تحزنوا على ما فاتكم ) أي : على ما فاتكم من الغنيمة بعدوكم ( ولا ما أصابكم ) من القتل والجراح ، قاله ابن عباس ، وعبد الرحمن بن عوف ، والحسن ، وقتادة ، والسدي ( والله خبير بما تعملون ) .


تفسير الطبري :

قوله {إذ} متعلق بقوله {ولقد عفا عنكم}. وقراءة العامة "تصعدون" بضم التاء وكسر العين. وقرأ أبو رجاء العطاردي وأبو عبدالرحمن السلمي والحسن وقتادة بفتح التاء والعين، يعني تصعدون الجبل. وقرأ ابن محيصن وشبل "إذ يصعدون ولا يلوون" بالياء فيهما. وقرأ الحسن {تَلُون} بواو واحدة. وروى أبو بكر بن عياش عن عاصم "ولا تلوون" بضم التاء؛ وهي لغة شاذة ذكرها النحاس. وقال أبو حاتم : أصعدت إذا مضيت حيال وجهك، وصعدت إذا ارتقيت في جبل أو غيره. فالإصعاد : السير في مستو من الأرض وبطون الأودية والشعاب. والصعود : الارتفاع على الجبال والسطوح والسلاليم والدرج. فيحتمل أن يكون صعودهم في الجبل بعد إصعادهم في الوادي؛ فيصح المعنى على قراءة "تُصْعِدون" و"تَصْعَدون". قال قتادة والربيع : أصعدوا يوم أحد في الوادي. وقراءة أبي "إذ تصعدون في الوادي". قال ابن عباس : صعدوا في أحد فرارا. فكلتا القراءتين صواب؛ كان يومئذ من المنهزمين مصعد وصاعد. والله أعلم. قال القتبي والمبرد : أصعد إذا أبعد في الذهاب وأمعن فيه؛ فكأن الإصعاد إبعاد في الأرض كإبعاد الارتفاع؛ قال الشاعر : ألا أيهذا السائلي أين أصعدت ** فإن لها من بطن يثرب موعدا وقال الفراء : الإصعاد الابتداء في السفر، والانحدار الرجوع منه؛ يقال : أصعدنا من بغداد إلى مكة وإلى خراسان وأشباه ذلك إذا خرجنا إليها وأخذنا في السفر، وانحدرنا إذا رجعنا. وأنشد أبو عبيدة : قد كنت تبكين على الإصعاد ** فاليوم سُرِّحْتِ وصاح الحادي وقال المفضل : صِعِد وأصْعَد وصَعَّد بمعنى واحد. ومعنى {تلوون} تعرجون وتقيمون، أي لا يلتفت بعضكم إلى بعض هربا؛ فإن المعرج على الشيء يلوي إليه عنقه أو عنان دابته. {على أحد} يريد محمدا صلى الله عليه وسلم؛ قاله الكلبي. {والرسول يدعوكم في أخراكم} أي في آخركم؛ يقال : جاء فلان في آخر الناس وأخرة الناس وأخرى الناس وأخريات الناس. وفي البخاري "أُخْراكُم" تأنيث آخركم : حدثنا عمرو بن خالد حدثنا زهير حدثنا أبو إسحاق قال : سمعت البراء بن عازب قال : جعل النبي صلى الله عليه وسلم على الرجالة يوم أحد عبدالله بن جبير وأقبلوا منهزمين فذاك إذ يدعوهم الرسول في أخراهم. ولم يبق مع النبي صلى الله عليه وسلم غير اثني عشر رجلا. قال ابن عباس وغيره : كان دعاء النبي صلى الله عليه وسلم : (أي عباد الله ارجعوا) وكان دعاءه تغييرا للمنكر، ومحال أن يرى عليه السلام المنكر وهو الانهزام ثم لا ينهى عنه. قلت : هذا على أن يكون الانهزام معصية وليس كذلك، على ما يأتي بيانه إن شاء الله تعالى. قوله تعالى {فأثابكم غما بغم} الغم في اللغة : التغطية. غممت الشيء غطيته. ويوم غم وليلة غمة إذا كانا مظلمين. ومنه غم الهلال إذا لم ير، وغمني الأمر يغمني. قال مجاهد وقتادة وغيرهما : الغم الأول القتل والجراح، والغم الثاني الإرجاف بقتل النبي صلى الله عليه وسلم؛ إذ صاح به الشيطان. وقيل : الغم الأول ما فاتهم من الظفر والغنيمة، والثاني ما أصابهم من القتل والهزيمة. وقيل : الغم الأول الهزيمة، والثاني إشراف أبي وسفيان وخالد عليهم في الجبل؛ فلما نظر إليهم المسلمون غمهم ذلك، وظنوا أنهم يميلون عليهم فيقتلونهم فأنساهم هذا ما نالهم؛ فعند ذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم : (اللهم لا يعلن علينا) كما تقّدم. والباء في {بغم} على هذا بمعنى على. وقيل : هي على بابها، والمعنى أنهم غموا النبّي صلى الله عليه وسلم بمخالفتهم إياه، فأثابهم بذلك غمهم بمن أصيب منهم. وقال الحسن {فأثابكم غما} يوم أحد {بغم} يوم بدر للمشركين. وسمي الغم ثوابا كما سمي جزاء الذنب ذنبا. وقيل : وقفهم الله على ذنبهم فشغلوا بذلك عما أصابهم. قوله تعالى {لكيلا تحزنوا على ما فاتكم ولا ما أصابكم والله خبير بما تعملون} اللام متعلقة بقوله {ولقد عفا عنكم} وقيل : هي متعلقة بقوله {فأثابكم غما بغم} أي كان هذا الغم بعد الغم لكيلا تحزنوا على ما فات من الغنيمة، ولا ما أصابكم من الهزيمة. والأول أحسن. و{ما} في قوله {ما أصابكم} في موضع خفض. وقيل {لا} صلة. أي لكي تحزنوا على ما فاتكم وما أصابكم عقوبة لكم على مخالفتكم رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهو مثل قوله {ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك} [الأعراف : 12] أي أن تسجد. وقوله {لئلا يعلم أهل الكتاب} ]الحديد : 29] أي ليعلم، وهذا قول المفضل. وقيل : أراد بقوله {فأثابكم غما بغم} أي توالت عليكم الغموم، لكيلا تشتغلوا بعد هذا بالغنائم. {والله خبير بما تعملون} فيه معنى التحذير والوعيد.

التفسير الميسّر:

اذكروا -يا أصحاب محمد- ما كان مِن أمركم حين أخذتم تصعدون الجبل هاربين من أعدائكم، ولا تلتفتون إلى أحد لِمَا اعتراكم من الدهشة والخوف والرعب، ورسول الله صلى الله عليه وسلم ثابت في الميدان يناديكم من خلفكم قائلا إليَّ عبادَ الله، وأنتم لا تسمعون ولا تنظرون، فكان جزاؤكم أن أنزل الله بكم ألمًا وضيقًا وغمًّا؛ لكي لا تحزنوا على ما فاتكم من نصر وغنيمة، ولا ما حلَّ بكم من خوف وهزيمة. والله خبير بجميع أعمالكم، لا يخفى عليه منها شيء.

تفسير السعدي

يذكرهم تعالى حالهم في وقت انهزامهم عن القتال، ويعاتبهم على ذلك، فقال: { إذ تصعدون } أي: تجدون في الهرب { ولا تلوون على أحد } أي: لا يلوي أحد منكم على أحد، ولا ينظر إليه، بل ليس لكم هم إلا الفرار والنجاء عن القتال. والحال أنه ليس عليكم خطر كبير، إذ لستم آخر الناس مما يلي الأعداء، ويباشر الهيجاء، بل { الرسول يدعوكم في أخراكم } أي: مما يلي القوم يقول: "إليَّ عباد الله" فلم تلتفتوا إليه، ولا عرجتم عليه، فالفرار نفسه موجب للوم، ودعوة الرسول الموجبة لتقديمه على النفس، أعظم لوما بتخلفكم عنها، { فأثابكم } أي: جازاكم على فعلكم { غما بغم } أي: غما يتبع غما، غم بفوات النصر وفوات الغنيمة، وغم بانهزامكم، وغم أنساكم كل غم، وهو سماعكم أن محمدا صلى الله عليه وسلم قد قتل. ولكن الله -بلطفه وحسن نظره لعباده- جعل اجتماع هذه الأمور لعباده المؤمنين خيرا لهم، فقال: { لكيلا تحزنوا على ما فاتكم } من النصر والظفر، { ولا ما أصابكم } من الهزيمة والقتل والجراح، إذا تحققتم أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يقتل هانت عليكم تلك المصيبات، واغتبطتم بوجوده المسلي عن كل مصيبة ومحنة، فلله ما في ضمن البلايا والمحن من الأسرار والحكم، وكل هذا صادر عن علمه وكمال خبرته بأعمالكم، وظواهركم وبواطنكم، ولهذا قال: { والله خبير بما تعملون }


تفسير البغوي

( إذ تصعدون ) يعني : ولقد عفا عنكم إذ تصعدون هاربين ، وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي والحسن وقتادة ( تصعدون ) بفتح التاء والعين والقراءة المعروفة بضم التاء وكسر العين .

والإصعاد : السير في مستوى الأرض والصعود : الارتفاع على الجبال والسطوح ، قال أبو حاتم : يقال أصعدت إذا مضيت حيال وجهك وصعدت إذا ارتقيت في جبل أو غيره ، وقال المبرد : أصعد إذا أبعد في الذهاب ، وكلتا القراءتين صواب فقد كان يومئذ من المنهزمين مصعد وصاعد وقال المفضل : صعد وأصعد وصعد بمعنى واحد .

( ولا تلوون على أحد ) أي : لا تعرجون ولا تقيمون على أحد ولا يلتفت بعضكم إلى بعض ، ( والرسول يدعوكم في أخراكم ) أي : في آخركم ومن ورائكم ، إلي عباد الله فأنا رسول الله ، من يكر فله الجنة ، ( فأثابكم ) فجازاكم جعل الإثابة بمعنى العقاب ، وأصلها في الحسنات لأنه وضعها موضع الثواب كقوله تعالى : ( فبشرهم بعذاب أليم ) جعل البشارة في العذاب ومعناه : جعل مكان الثواب الذي كنتم ترجون ( غما بغم ) وقيل : الباء بمعنى على أي : غما على غم وقيل : غما متصلا بغم فالغم الأول : ما فاتهم من الظفر والغنيمة ، والغم الثاني : ما نالهم من القتل والهزيمة .

وقيل : الغم الأول ما أصابهم من القتل والجراح ، والغم الثاني : ما سمعوا أن محمدا صلى الله عليه وسلم قد قتل فأنساهم الغم الأول .

وقيل : الغم الأول : إشراف خالد بن الوليد عليهم بخيل المشركين ، والغم الثاني : حين أشرف عليهم أبو سفيان ، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم انطلق يومئذ يدعو الناس حتى انتهى إلى أصحاب الصخرة ، فلما رأوه وضع رجل سهما في قوسه وأراد أن يرميه ، فقال أنا رسول الله ففرحوا حين وجدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وفرح النبي صلى الله عليه وسلم حين رأى أن في أصحابه من يمتنع ، فأقبلوا يذكرون الفتح وما فاتهم منه ، ويذكرون أصحابهم الذين قتلوا فأقبل أبو سفيان وأصحابه حتى وقفوا بباب الشعب ، فلما نظر المسلمون إليهم أهمهم ذلك وظنوا أنهم يميلون عليهم فيقتلونهم فأنساهم هذا ما نالهم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ليس لهم أن يعلونا اللهم إن تقتل هذه العصابة لا تعبد في الأرض ، ثم ندب أصحابه فرموهم بالحجارة حتى أنزلوهم .

وقيل : إنهم غموا الرسول بمخالفة أمره ، فجازاهم الله بذلك الغم ، غم القتل والهزيمة .

قوله تعالى : ( لكيلا تحزنوا على ما فاتكم ) من الفتح والغنيمة ، ( ولا ما أصابكم ) أي : ولا على ما أصابكم من القتل والهزيمة ، ( والله خبير بما تعملون ) .


الإعراب:

(إِذْ) ظرف لما مضى من الزمن متعلق بصرفكم وقيل بفعل محذوف تقديره: اذكروا (تُصْعِدُونَ) فعل مضارع وفاعل والجملة في محل جر بالإضافة (وَلا تَلْوُونَ) الواو عاطفة لا نافية تلوون عطف على تصعدون (عَلى أَحَدٍ) متعلقان بالفعل قبلهما (وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ) الواو حالية يدعوكم فعل مضارع والكاف مفعوله.

(فِي أُخْراكُمْ) متعلقان بيدعوكم وجملة يدعوكم خبر المبتدأ الرسول (فَأَثابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ) أثابكم فعل ماض ومفعول به أول فاعله مستتر غما مفعول به ثان أو تمييز بغم متعلقان بمحذوف صفة غما والجملة معطوفة على جملة تصعدون (لِكَيْلا تَحْزَنُوا) اللام حرف جر كي حرف مصدري ونصب لا زائدة نافية لا عمل لها تحزنوا مضارع منصوب بحذف النون والواو فاعل (عَلى ما فاتَكُمْ) متعلقان بتحزنوا وجملة فاتكم صلة الموصول (وَلا ما أَصابَكُمْ) عطف على ما فاتكم (وَالله خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ) تقدم إعرابها.

---

Traslation and Transliteration:

Ith tusAAidoona wala talwoona AAala ahadin waalrrasoolu yadAAookum fee okhrakum faathabakum ghamman bighammin likayla tahzanoo AAala ma fatakum wala ma asabakum waAllahu khabeerun bima taAAmaloona

بيانات السورة

اسم السورة سورة آل عمران (Al-i'Imran - Family of Imran)
ترتيبها 3
عدد آياتها 200
عدد كلماتها 3503
عدد حروفها 14605
معنى اسمها عِمرَانُ: رَجُلٌ صَالِحٌ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَالمُرَادُ بِـ(آلِ عِمْرَانَ): عِيسَى وَأُمُّهُ مَريَمُ وَيَحْيَى عليه السلام
سبب تسميتها ذِكْرُ قِصَّةِ آلِ عِمْرَانَ، وَدِلَالَةُ هَذَا الاسْمِ عَلَى المَقصِدِ العَامِّ لِلسُّورَةِ وَمَوضُوعَاتِهَا
أسماؤها الأخرى اشتُهِرَتْ بِسُورَةِ (آلِ عِمرَانَ)، وَتُسَمَّى سُورَةَ (الكَنـْزِ)، وَسُورَةَ (الأَمَانِ)، وَتُلقَّبُ بِـ(الزَّهْرَاءِ)
مقاصدها بَيانُ الأَدِلَّةِ وَالبَرَاهِينَ عَلَى وَحْدَانِيَّةِ اللهِ وَأَحْكَامِ الجِهَادِ وغَيرِهِ، وَردِّ شُبُهَاتِ النَّصَارَى
أسباب نزولها سُورَةٌ مَدَنيَّةٌ، لَمْ يُنْقَل سَبَبٌ ِلنـُزُوْلِهَا جُملَةً وَاحِدَةً، ولكِنْ صَحَّ لِبَعضِ آياتِهَا سَبَبُ نُزُولٍ
فضلها تُحَاجُّ عَنْ صَاحِبِهَا يَومَ القِيَامَةِ، قَالَ ﷺ: «اقرَؤوا الزَّهْرَاوَيْنِ: البَقرةَ، وآلَ عِمرانَ؛ فَإِنَّهُمَا تَأْتِيَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانِ -أي سَحَابتانِ- أَوْ كَأَنَّهُمَا غَيَايَتَانِ، أَوْ كَأَنَّهُمَا فِرْقَانِ مِنْ طَيْرٍ صَوَافَّ، تُحَاجَّانِ عَنْ صَاحِبِهِما». (رَوَاهُ مُسْلِم). هِيَ مِنَ السَّبعِ، قَالَ ﷺ: «مَنْ أخَذَ السَّبعَ الْأُوَلَ مِنَ القُرآنِ فَهُوَ حَبْرٌ» أَيْ: عَالِم. (حَدِيثٌ حَسَنٌ، رَوَاهُ أَحمَد)
مناسبتها مُنَاسَبَةُ أَوَّلِ سُورَةِ (آلِ عِمْرَانَ) بِآخِرِهَا: الحَدِيثُ عَنِ الكُتُبِ السَّمَاوِيَّةِ وَالإِشَارَةُ إِلَيهَا. فَقَالَ فِي فَاتِحَتِهَا: ﴿نَزَّلَ عَلَيۡكَ ٱلۡكِتَٰبَ بِٱلۡحَقِّ﴾ ...الآيَاتِ،وَقَالَ فِي خَاتِمَتِهَا: ﴿وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِمْ﴾ ...الآيَاتِ. مُنَاسَبَةُ سُورَةِ (آلِ عِمْرانَ) لِمَا قَبلَهَا مِنْ سُورَةِ (البَقَرَةِ): ذِكْرُ دُعَاءِ الْمُؤْمِنِينَ فِي خَوَاتِيم سُورَةِ (البَقَرَةِ) وفي أوَّلِ سُورَةِ (آلِ عِمْرَانَ).
اختر الًجزء:
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
25
26
27
28
29
30
اختر السورة:
1 - ﴿الفاتحة﴾
2 - ﴿البقرة﴾
3 - ﴿آل عمران﴾
4 - ﴿النساء﴾
5 - ﴿المائدة﴾
6 - ﴿الأنعام﴾
7 - ﴿الأعراف﴾
8 - ﴿الأنفال﴾
9 - ﴿التوبة﴾
10 - ﴿يونس﴾
11 - ﴿هود﴾
12 - ﴿يوسف﴾
13 - ﴿الرعد﴾
14 - ﴿إبراهيم﴾
15 - ﴿الحجر﴾
16 - ﴿النحل﴾
17 - ﴿الإسراء﴾
18 - ﴿الكهف﴾
19 - ﴿مريم﴾
20 - ﴿طه﴾
21 - ﴿الأنبياء﴾
22 - ﴿الحج﴾
23 - ﴿المؤمنون﴾
24 - ﴿النور﴾
25 - ﴿الفرقان﴾
26 - ﴿الشعراء﴾
27 - ﴿النمل﴾
28 - ﴿القصص﴾
29 - ﴿العنكبوت﴾
30 - ﴿الروم﴾
31 - ﴿لقمان﴾
32 - ﴿السجدة﴾
33 - ﴿الأحزاب﴾
34 - ﴿سبأ﴾
35 - ﴿فاطر﴾
36 - ﴿يس﴾
37 - ﴿الصافات﴾
38 - ﴿ص﴾
39 - ﴿الزمر﴾
40 - ﴿غافر﴾
41 - ﴿فصلت﴾
42 - ﴿الشورى﴾
43 - ﴿الزخرف﴾
44 - ﴿الدخان﴾
45 - ﴿الجاثية﴾
46 - ﴿الأحقاف﴾
47 - ﴿محمد﴾
48 - ﴿الفتح﴾
49 - ﴿الحجرات﴾
50 - ﴿ق﴾
51 - ﴿الذاريات﴾
52 - ﴿الطور﴾
53 - ﴿النجم﴾
54 - ﴿القمر﴾
55 - ﴿الرحمن﴾
56 - ﴿الواقعة﴾
57 - ﴿الحديد﴾
58 - ﴿المجادلة﴾
59 - ﴿الحشر﴾
60 - ﴿الممتحنة﴾
61 - ﴿الصف﴾
62 - ﴿الجمعة﴾
63 - ﴿المنافقون﴾
64 - ﴿التغابن﴾
65 - ﴿الطلاق﴾
66 - ﴿التحريم﴾
67 - ﴿الملك﴾
68 - ﴿القلم﴾
69 - ﴿الحاقة﴾
70 - ﴿المعارج﴾
71 - ﴿نوح﴾
72 - ﴿الجن﴾
73 - ﴿المزمل﴾
74 - ﴿المدثر﴾
75 - ﴿القيامة﴾
76 - ﴿الإنسان﴾
77 - ﴿المرسلات﴾
78 - ﴿النبأ﴾
79 - ﴿النازعات﴾
80 - ﴿عبس﴾
81 - ﴿التكوير﴾
82 - ﴿الانفطار﴾
83 - ﴿المطففين﴾
84 - ﴿الانشقاق﴾
85 - ﴿البروج﴾
86 - ﴿الطارق﴾
87 - ﴿الأعلى﴾
88 - ﴿الغاشية﴾
89 - ﴿الفجر﴾
90 - ﴿البلد﴾
91 - ﴿الشمس﴾
92 - ﴿الليل﴾
93 - ﴿الضحى﴾
94 - ﴿الشرح﴾
95 - ﴿التين﴾
96 - ﴿العلق﴾
97 - ﴿القدر﴾
98 - ﴿البينة﴾
99 - ﴿الزلزلة﴾
100 - ﴿العاديات﴾
101 - ﴿القارعة﴾
102 - ﴿التكاثر﴾
103 - ﴿العصر﴾
104 - ﴿الهمزة﴾
105 - ﴿الفيل﴾
106 - ﴿قريش﴾
107 - ﴿الماعون﴾
108 - ﴿الكوثر﴾
109 - ﴿الكافرون﴾
110 - ﴿النصر﴾
111 - ﴿المسد﴾
112 - ﴿الإخلاص﴾
113 - ﴿الفلق﴾
114 - ﴿الناس﴾
اختر الًصفحة:
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
25
26
27
28
29
30
31
32
33
34
35
36
37
38
39
40
41
42
43
44
45
46
47
48
49
50
51
52
53
54
55
56
57
58
59
60
61
62
63
64
65
66
67
68
69
70
71
72
73
74
75
76
77
78
79
80
81
82
83
84
85
86
87
88
89
90
91
92
93
94
95
96
97
98
99
100
101
102
103
104
105
106
107
108
109
110
111
112
113
114
115
116
117
118
119
120
121
122
123
124
125
126
127
128
129
130
131
132
133
134
135
136
137
138
139
140
141
142
143
144
145
146
147
148
149
150
151
152
153
154
155
156
157
158
159
160
161
162
163
164
165
166
167
168
169
170
171
172
173
174
175
176
177
178
179
180
181
182
183
184
185
186
187
188
189
190
191
192
193
194
195
196
197
198
199
200
201
202
203
204
205
206
207
208
209
210
211
212
213
214
215
216
217
218
219
220
221
222
223
224
225
226
227
228
229
230
231
232
233
234
235
236
237
238
239
240
241
242
243
244
245
246
247
248
249
250
251
252
253
254
255
256
257
258
259
260
261
262
263
264
265
266
267
268
269
270
271
272
273
274
275
276
277
278
279
280
281
282
283
284
285
286
287
288
289
290
291
292
293
294
295
296
297
298
299
300
301
302
303
304
305
306
307
308
309
310
311
312
313
314
315
316
317
318
319
320
321
322
323
324
325
326
327
328
329
330
331
332
333
334
335
336
337
338
339
340
341
342
343
344
345
346
347
348
349
350
351
352
353
354
355
356
357
358
359
360
361
362
363
364
365
366
367
368
369
370
371
372
373
374
375
376
377
378
379
380
381
382
383
384
385
386
387
388
389
390
391
392
393
394
395
396
397
398
399
400
401
402
403
404
405
406
407
408
409
410
411
412
413
414
415
416
417
418
419
420
421
422
423
424
425
426
427
428
429
430
431
432
433
434
435
436
437
438
439
440
441
442
443
444
445
446
447
448
449
450
451
452
453
454
455
456
457
458
459
460
461
462
463
464
465
466
467
468
469
470
471
472
473
474
475
476
477
478
479
480
481
482
483
484
485
486
487
488
489
490
491
492
493
494
495
496
497
498
499
500
501
502
503
504
505
506
507
508
509
510
511
512
513
514
515
516
517
518
519
520
521
522
523
524
525
526
527
528
529
530
531
532
533
534
535
536
537
538
539
540
541
542
543
544
545
546
547
548
549
550
551
552
553
554
555
556
557
558
559
560
561
562
563
564
565
566
567
568
569
570
571
572
573
574
575
576
577
578
579
580
581
582
583
584
585
586
587
588
589
590
591
592
593
594
595
596
597
598
599
600
601
602
603
604


يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!