«ولئن» لام قسم «أذقناه» آتيناه «رحمة» غنى وصحة «منا من بعد ضراء» شدة وبلاء «مسته ليقولن هذا لي» أي بعلمي «وما أظن الساعة قائمة ولئن» لام قسم «رجعت إلى ربي إن لي عنده للحسنى» أي الجنة «فلننبئن الذين كفروا بما عملوا ولنذيقنهم من عذاب غليظ» شديد، واللام في الفعلين لام قسم.
أَلا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقاءِ رَبِّهِمْ أَلا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ (54)
«أَلا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقاءِ رَبِّهِمْ» فإنه تعالى أبان لنا في هذه الإحالة عن أحسن الطرق في العلم به ، فتبين لنا أنه الحق ، وأنه على كل شيء شهيد ، وقال في حق من عدل عن هذا النظر بالنظر فيه تعالى ابتداء «أَلا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقاءِ رَبِّهِمْ» فلو رجعوا إلى ما دعاهم إليه من النظر في نفوسهم ، لم يكونوا في مرية من لقاء ربهم [ من عرف نفسه عرف ربه ] ثم تمم وقال : «أَلا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ»
- الوجه الأول -وأراد هنا شيئية الوجود لا شيئية الثبوت ، فإن الأمر هناك لا يتصف بالإحاطة ، فكل ما سوى اللّه لا يمكنه الخروج من قبضة الحق ، فهو موجدهم ، فارجع بالنظر والاستقبال إلى ما منه خرجت ، فإنه لا أين لك غيره ، وانظر فيه تجده محيطا بك مع كونه مستقبلك ، فقد جمع بين الإطلاق والتقييد
- الوجه الثاني -لما كان ظهور الحق في الآيات وفي الأنفس هو الذي تبين له بالآيات تمم وقال : «إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ» من العالم «مُحِيطٌ» والإحاطة بالشيء تستر ذلك الشيء ، فيكون الظاهر المحيط لا ذلك الشيء ، وصار ذلك الشيء وهو العالم في المحيط كالروح للجسم ، والمحيط كالجسم للروح ، الواحد شهادة وهو المحيط الظاهر والآخر غيب وهو المستور بهذه الإحاطة وهو عين العالم ، ولما كان الحكم للموصوف بالغيب في الظاهر الذي هو الشهادة ، وكانت أعيان شيئيات العالم على استعدادات في أنفسها ، حكمت على الظاهر فيها بما تقتضيه حقائقها ، فظهرت صورها في المحيط وهو الحق ، فقيل عرش وكرسي وأفلاك
وأملاك وعناصر ومولدات وأحوال تعرض ، وما ثم إلا اللّه
- الوجه الثالث - «أَلا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ» أي له في كل شيء إحاطة بما في ذلك المعلوم عليه ، إذا كانت الباء بمعنى في.
(42) سورة الشّورى مكيّة
------------
(54) الفتوحات ج 4 /
68 - ج 1 /
406 - ج 2 /
151 - ج 3 /
300
( ولئن أذقناه رحمة منا من بعد ضراء مسته ليقولن هذا لي ) أي : إذا أصابه خير ورزق بعد ما كان في شدة ليقولن : هذا لي ، إني كنت أستحقه عند ربي ، ( وما أظن الساعة قائمة ) أي : يكفر بقيام الساعة ، أي : لأجل أنه خول نعمة يفخر ، ويبطر ، ويكفر ، كما قال تعالى : ( كلا إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى ) [ العلق : 6 ، 7 ] .
( ولئن رجعت إلى ربي إن لي عنده للحسنى ) أي : ولئن كان ثم معاد فليحسنن إلي ربي ، كما أحسن إلي في هذه الدار ، يتمنى على الله ، عز وجل ، مع إساءته العمل وعدم اليقين . قال تعالى : ( فلننبئن الذين كفروا بما عملوا ولنذيقنهم من عذاب غليظ ) يتهدد تعالى من كان هذا عمله واعتقاده بالعقاب والنكال .
قوله تعالى: {لا يسأم الإنسان من دعاء الخير} أي لا يمل من دعائه بالخير. والخير هنا المال والصحة والسلطان والعز. قال السدي : والإنسان ها هنا يراد به الكافر. وقيل : الوليد بن المغيرة. وقيل : عتبة وشيبة ابنا ربيعة وأمية بن خلف. وفي قراءة عبدالله {لا يسأم الإنسان من دعاء المال}. {وإن مسه الشر} الفقر والمرض {فيئوس قنوط}{فيئوس} من روح الله {قنوط} من رحمته. وقيل: {يئوس} من إجابة الدعاء {قنوط}بسوء الظن بربه. وقيل: {يئوس} أي يئس من زوال ما به من المكروه {قنوط} أي يظن أنه يدوم؛ والمعنى متقارب. قوله تعالى: {ولئن أذقناه رحمة منا} عاقبة ورخاء وغنى {من بعد ضراء مسته} ضر وسقم وشدة وفقر. {ليقولن هذا لي وما أظن الساعة قائمة} أي هذا شيء استحقه على الله لرضاه بعملي، فيرى النعمة حتما واجبا على الله تعالى، ولم يعلم أنه ابتلاه بالنعمة والمحنة؛ ليتبين شكره وصبره. وقال ابن عباس: {هذا لي} أي هذا من عندي. {ولئن رجعت إلى ربي إن لي عنده للحسنى} أي الجنة، واللام للتأكيد. يتمنى الأماني بلا عمل. قال الحسن بن محمد بن علي بن أبي طالب : للكافر أمنيتان أما في الدنيا فيقول} لئن رجعت إلى ربي إن لي عنده للحسنى}، وأما في الآخرة فيقول: {يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين {الأنعام : 27] و{يا ليتني كنت ترابا} [النبأ : 40]. {فلننبئن الذين كفروا بما عملوا} أي لنجزينهم. قسم أقسم الله عليه. {ولنذيقنهم من عذاب غليظ} أي شديد. قوله تعالى: {وإذا أنعمنا على الإنسان} يريد الكافر وقال ابن عباس : يريد عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة وأمية بن خلف أعرضوا عن الإسلام وتباعدوا عنه. {أعرض ونأى بجانبه} {نأى بجانبه} أي ترفع عن الانقياد إلى الحق وتكبر على أنبياء الله. وقيل:{نأى} تباعد. يقال : نأيته ونأيت عنه نأيا بمعنى تباعدت عنه، وأنأيته فانتأى : أبعدته فبعد، وتناءوا تباعدوا، والمنتأى الموضع البعيد؛ قال النابغة : فإنك كالليل الذي هو مدركي ** وإن خلت أن المنتأى عنك واسع وقرأ يزيد بن القعقاع و{ناء بجانبه} بالألف قبل الهمزة. فيجوز أن يكون من {ناء} إذا نهض. ويجوز أن يكون على قلب الهمزة بمعنى الأول. {وإذا مسه الشر} أي أصابه المكروه {فذو دعاء عريض} أي كثير، والعرب تستعمل الطول والعرض في الكثرة. يقال : أطال فلان في الكلام وأعرض في الدعاء إذا أكثر. وقال ابن عباس: {فذو دعاء عريض} فذو تضرع واستغاثة. والكافر يعرف ربه في البلاء ولا يعرفه في الرخاء.
ولئن أذقنا الإنسان نعمة منا من بعد شدة وبلاء لم يشكر الله تعالى، بل يطغى ويقول: أتاني هذا؛ لأني مستحق له، وما أعتقد أن الساعة آتية، وذلك إنكار منه للبعث، وعلى تقدير إتيان الساعة وأني سأرجع إلى ربي، فإن لي عنده الجنة، فلنخبرن الذين كفروا يوم القيامة بما عملوا من سيئات، ولنذيقنهم من العذاب الشديد.
ثم قال تعالى: { وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ } أي: الإنسان الذي يسأم من دعاء الخير، وإن مسه الشر فيئوس قنوط { رَحْمَةً مِنَّا } أي: بعد ذلك الشر الذي أصابه، بأن عافاه الله من مرضه، أو أغناه من فقره، فإنه لا يشكر الله تعالى، بل يبغى، ويطغى، ويقول: { هَذَا لِي } أي: أتاني لأني له أهل، وأنا مستحق له { وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً } وهذا إنكار منه للبعث، وكفر للنعمة والرحمة، التي أذاقها الله له. { وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلَى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنَى } أي: على تقدير إتيان الساعة، وأني سأرجع إلى ربي، إن لي عنده، للحسنى، فكما حصلت لي النعمة في الدنيا، فإنها ستحصل ]لي[ في الآخرة وهذا من أعظم الجراءة والقول على الله بلا علم، فلهذا توعده بقوله: { فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِمَا عَمِلُوا وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ } أي: شديد جدًا.
( ولئن أذقناه رحمة منا ) آتيناه خيرا وعافية وغنى ، ( من بعد ضراء مسته ) من بعد شدة وبلاء أصابته ، ( ليقولن هذا لي ) أي : بعملي وأنا محقوق بهذا ، ( وما أظن الساعة قائمة ولئن رجعت إلى ربي إن لي عنده للحسنى ) يقول هذا الكافر : لست على يقين من البعث ، فإن كان الأمر على ذلك ، ورددت إلى ربي إن لي عنده للحسنى ، أي : الجنة ، أي : كما أعطاني في الدنيا سيعطيني في الآخرة . ( فلننبئن الذين كفروا بما عملوا ) قال ابن عباس - رضي الله عنهما - : لنقفنهم على مساوئ أعمالهم ، ( ولنذيقنهم من عذاب غليظ ) .
(وَلَئِنْ) الواو حرف استئناف واللام موطئة للقسم وإن شرطية (أَذَقْناهُ) ماض وفاعله ومفعوله الأول (رَحْمَةً) مفعوله الثاني (مِنَّا) متعلقان برحمة والجملة ابتدائية (مِنْ بَعْدِ) صفة لرحمة (ضَرَّاءَ) مضاف إليه مجرور بالفتحة لأنه ممنوع من الصرف (مَسَّتْهُ) ماض ومفعوله والفاعل مستتر والجملة صفة ضراء (لَيَقُولَنَّ) اللام واقعة في جواب القسم ومضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد والجملة جواب القسم لا محل لها (هذا) مبتدأ (لِي) خبر والجملة الاسمية مقول القول (وَما) الواو حالية وما نافية (أَظُنُّ) مضارع فاعله مستتر (السَّاعَةَ) مفعوله الأول (قائِمَةً) مفعوله الثاني والجملة حال (وَلَئِنْ) اللام موطئة للقسم وإن شرطية (رُجِعْتُ) ماض مبني للمجهول والتاء نائب فاعل (إِلى رَبِّي) متعلقان بالفعل (إِنَّ) حرف مشبه بالفعل (لِي) متعلقان بخبر إن المحذوف (عِنْدَهُ) ظرف مكان متعلق بالخبر المحذوف (لَلْحُسْنى) اللام لام الابتداء والحسنى اسم إن المؤخر والجملة جواب القسم لا محل لها (فَلَنُنَبِّئَنَّ) الفاء حرف استئناف واللام واقعة في جواب القسم المحذوف ومضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة والفاعل مستتر (الَّذِينَ) مفعول به أول (كَفَرُوا) ماض وفاعله والجملة صلة (بِما) متعلقان بالفعل وهما مفعوله الثاني (عَمِلُوا) ماض وفاعله والجملة صلة (وَلَنُذِيقَنَّهُمْ) معطوف على ما قبله (مِنْ عَذابٍ) متعلقان بالفعل وهما مفعوله الثاني (غَلِيظٍ) صفة عذاب.
Traslation and Transliteration:
Walain athaqnahu rahmatan minna min baAAdi darraa massathu layaqoolanna hatha lee wama athunnu alssaAAata qaimatan walain rujiAAtu ila rabbee inna lee AAindahu lalhusna falanunabbianna allatheena kafaroo bima AAamiloo walanutheeqannahum min AAathabin ghaleethin
And verily, if We cause him to taste mercy after some hurt that hath touched him, he will say: This is my own; and I deem not that the Hour will ever rise, and if I am brought back to my Lord, I surely shall be better off with Him - But We verily shall tell those who disbelieve (all) that they did, and We verily shall make them taste hard punishment.
Ve andolsun ki bir sıkıntıdan sonra katımızdan bir rahmet tattırsak ona, bu der, zaten benim hakkım ve hiç sanmıyorum ki kıyamet kopsun ve andolsun ki Rabbimin tapısına dönüp varsam bile hiç şüphesiz, onun katında daha güzel bir lütuf var bana; artık biz de, andolsun ki kafir olanlara, neler yaptıklarını elbette haber veririz ve elbette onlara çok ağır azabı tattırırız.
Et si nous lui faisons goûter une miséricorde de Notre part, après qu'une détresse l'ait touché, il dit certainement: «Cela m'est dû! Et je ne pense pas que l'Heure se lèvera [un jour]. Et si je suis ramené vers mon Seigneur, je trouverai, près de Lui, la plus belle part». Nous informerons ceux qui ont mécru de ce qu'ils ont fait et Nous leur ferons sûrement goûter à un dur châtiment.
Und wenn WIRihn Gnade von Uns erfahren lassen nach einem Unglück, das ihnen zustieß, wird er sicher sagen: "Dies ist mir! Und ich denke nicht, daß die Stunde anbrechen wird. Und würde ich zu meinem HERRN zurückgebracht, so würde für mich bei Ihm sicher das Schöne bestimmt sein." Gewiß, WIR werden denjenigen, die Kufr betrieben haben, Mitteilung über das machen, was sie taten. Und WIR werden sie doch von einer überharten Peinigung kosten lassen.
![](/images/arrowtop.jpg) |
بيانات السورة |
اسم السورة |
سورة فصلت ( Fussilat - Explained in Detail) |
ترتيبها |
41 |
عدد آياتها |
54 |
عدد كلماتها |
796 |
عدد حروفها |
3282 |
معنى اسمها |
فَصَّلَ الأَمْرَ: بَيَّنَهُ وَأَوْضَحَهُ، وَالمُرَادُ بِـ(فُصِّلَتْ): القُرْآنُ الكَرِيمُ بُيِّنَتْ مَعَانِيهِ، وَوُضِّحَتْ أَحْكَامُهُ |
سبب تسميتها |
انْفِرَادُ طَلَبِ المُشْرِكِينَ بِتَفْصِيلِ آيَاتِ الْكِتَابِ فِي السُّورَةِ، وَدِلَالَةُ هَذَا الاسْمِ عَلَى مَوضُوعَاتِهَا |
أسماؤها الأخرى |
اشتُهِرَتْ بِسُورَةِ (فُصِّلَتْ)، وتُسَمَّى سُورَةَ (حَـم ْالسَّجْدَة)، وَسُورَةَ (المَصَابِيحِ)، وَسُورَةَ (الأَقْواتِ) |
مقاصدها |
الْحَدِيثُ عَنْ الْقُرْآنِ الكَرِيمِ وَتَفْصِيلِ آيَاتِهِ وَبَيَانِهِ، وَمَوقِفِ المُشْرِكِينَ مِنْهُ |
أسباب نزولها |
سُورَةٌ مَكِّيَّةٌ، لَمْ يُنقَل سَبَبٌ لِنـُزُوْلِهَا جُملَةً وَاحِدَةً، ولكِنْ صَحَّ لِبَعضِ آياتِهَا سَبَبُ نُزُولٍ |
فضلها |
هِيَ مِنْ ذَوَاتِ ﴿حمٓ ﴾، فَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ رَجُلًا طَلَبَ مِنَ النَّبِيِّ ﷺ أَنْ يُقْرِئَهُ القُرْآنَ، فَقَالَ: «اقرَأْ ثَلاثًا مِنْ ذَوَاتِ ﴿حمٓ ﴾». (حَدِيثٌ صَحيحٌ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد) |
مناسبتها |
مُنَاسَبَةُ أَوَّلِ سُورَةِ (فصِّلَتْ) بِآخِرِهَا: تَفْصِيْلُ آيَاتِ اللهِ، فأشَارَ إِلَى تَفْصِيْلِ الآيَاتِ فِي فَاتِحَتِهَا؛ فَقَالَ: ﴿كِتَٰبٞ فُصِّلَتۡ ءَايَٰتُهُۥ ...٣﴾، وَدَعَا إَلَى النَّظَرِ فِي آيَاتِ اللهِ فِي خَاتِمَتِهَا؛ فَقَالَ: ﴿سَنُرِيهِمۡ ءَايَٰتِنَا فِي ٱلۡأٓفَاقِ وَفِيٓ أَنفُسِهِمۡ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمۡ أَنَّهُ ٱلۡحَقُّۗ ...٥٣﴾.
مُنَاسَبَةُ سُورَةِ (فُصِّلَتْ) لِمَا قَبلَهَا مِنْ سُورَةِ (غَافِرٍ): وَصَفَ سُبْحَانَهُ المُكَذِّبِينَ فِي أَوَاخِرِ (غَافِرٍ)؛ فَقَالَ: ﴿وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُواْ بِهِۦ يَسۡتَهۡزِءُونَ ٨٣﴾، وَوَصَفَهُمْ فِي أَوَّلِ (فُصِّلَتْ)؛ فَقَالَ: ﴿فَأَعۡرَضَ أَكۡثَرُهُمۡ فَهُمۡ لَا يَسۡمَعُونَ ٤﴾. |