موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية: القرآن الكريم: سورة آل عمران: [الآية 49]

سورة آل عمران
وَرَسُولًا إِلَىٰ بَنِىٓ إِسْرَٰٓءِيلَ أَنِّى قَدْ جِئْتُكُم بِـَٔايَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ ۖ أَنِّىٓ أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ ٱلطِّينِ كَهَيْـَٔةِ ٱلطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًۢا بِإِذْنِ ٱللَّهِ ۖ وَأُبْرِئُ ٱلْأَكْمَهَ وَٱلْأَبْرَصَ وَأُحْىِ ٱلْمَوْتَىٰ بِإِذْنِ ٱللَّهِ ۖ وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِى بُيُوتِكُمْ ۚ إِنَّ فِى ذَٰلِكَ لَءَايَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ﴿49﴾

تفسير الجلالين:

«و» يجعله «رسولا إلى بنى إسرائيل» في الصبا أو بعد البلوغ فنفخ جبريل في جيب درعها فحملت، وكان من أمرها ما ذكر في سورة مريم فلما بعثه الله إلى بني إسرائيل قال لهم إني رسول الله إليكم «إني» أي بأني «قد جئتكم بآية» علامة على صدقي «من ربكم» هي «أنِّي» وفي قراءة بالكسر استئنافا «أخلق» أصوِّر «لكم من الطين كهيئة الطير» مثل صورته فالكاف اسم مفعول «فأنفخ فيه» الضمير للكاف «فيكون طيرا» وفي قراءة طائرا «بإذن الله» بإرادته فخلق لهم الخفاش لأنه أكمل الطير خلقا فكان يطير وهم ينظرونه فإذا غاب عن أعينهم سقط ميتا «وأبرئ» أشفي «الأكمه» الذي وُلد أعمى «والأبرص» وخصا بالذكر لأنهما ذا إعياء وكان بعثه في زمن الطب فأبرأ في يوم خمسين ألفا بالدعاء بشرط الإيمان «وأحيي الموتى بإذن الله» كرره لنفي توهم الألوهية فيه فأحيا عازر صديقا له وابن العجوز وابنة العاشر فعاشوا وولد لهم، وسام بن نوح ومات في الحال «وأنبئكم بما تأكلون وما تدَّخرون» تخبئون «في بيوتكم» مما لم أعانيه فكان يخبر الشخص بما أكل وبما يأكل وبما يأكل بعد «إن في ذلك» المذكور «لآية لكم إن كنتم مؤمنين».

تفسير الشيخ محي الدين:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصابِرُوا وَرابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (200)

الرباط أن يلزم الانسان نفسه دائما من غير حد ينتهي إليه ، أو يجعله في نفسه ، فإذا ربط نفسه بهذا الأمر ، فهو مرابط ، والرباط ملازمة ، وهو من أفضل أحوال المؤمن ، فكل إنسان إذا مات يختم على عمله إلا المرابط ، فإنه ينمّى له إلى يوم القيامة ، ويأمن فتان القبر ، ثبت هذا عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم ، والرباط في الخير كله ، ما يختص به خير من خير ، فالكل

489



سبيل اللّه ، فإن سبيل اللّه ما شرعه اللّه لعباده أن يعملوا به ، فما يختصّ بملازمة الثغور فقط ولا بالجهاد ، فإن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم قال في انتظار الصلاة بعد الصلاة : إنه رباط . «وَاتَّقُوا اللَّهَ) يعني في ذلك كله ، أي اجعلوه وقاية تتقوا به هذه العزائم ، وذلك معونته في قوله (اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ) * (واستعينوا باللّه) فهذا معنى قوله «اتَّقُوا اللَّهَ» * «لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ» أي تكون لكم النجاة من مشقة الصبر والرباط .

------------

(200) الفتوحات ج 4 / 482 ، 347 ، 482

تفسير ابن كثير:

وقوله : ( ورسولا إلى بني إسرائيل ) أي : [ و ] يجعله رسولا إلى بني إسرائيل ، قائلا لهم : ( أني قد جئتكم بآية من ربكم أني أخلق لكم من الطين كهيئة الطير فأنفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله ) وكذلك كان يفعل : يصور من الطين شكل طير ، ثم ينفخ فيه ، فيطير عيانا بإذن الله ، عز وجل ، الذي جعل هذا معجزة يدل على أن الله أرسله .

( وأبرئ الأكمه ) قيل : هو الذي يبصر نهارا ولا يبصر ليلا . وقيل بالعكس . وقيل : هو الأعشى . وقيل : الأعمش . وقيل : هو الذي يولد أعمى . وهو أشبه ، لأنه أبلغ في المعجزة وأقوى في التحدي ) والأبرص ) معروف .

( وأحيي الموتى بإذن الله ) قال كثير من العلماء : بعث الله كل نبي من الأنبياء بمعجزة تناسب أهل زمانه ، فكان الغالب على زمان موسى ، عليه السلام ، السحر وتعظيم السحرة . فبعثه الله بمعجزة بهرت الأبصار وحيرت كل سحار ، فلما استيقنوا أنها من عند العظيم الجبار انقادوا للإسلام ، وصاروا من الأبرار . وأما عيسى ، عليه السلام ، فبعث في زمن الأطباء وأصحاب علم الطبيعة ، فجاءهم من الآيات بما لا سبيل لأحد إليه ، إلا أن يكون مؤيدا من الذي شرع الشريعة . فمن أين للطبيب قدرة على إحياء الجماد ، أو على مداواة الأكمه والأبرص ، وبعث من هو في قبره رهين إلى يوم التناد ؟ وكذلك محمد صلى الله عليه وسلم بعثه [ الله ] في زمن الفصحاء والبلغاء ونحارير الشعراء ، فأتاهم بكتاب من الله ، عز وجل ، لو اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثله ، أو بعشر سور من مثله ، أو بسورة من مثله لم يستطيعوا أبدا ، ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا ، وما ذاك إلا لأن كلام الرب لا يشبهه كلام الخلق أبدا .

وقوله : ( وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم ) أي : أخبركم بما أكل أحدكم الآن ، وما هو مدخر [ له ] في بيته لغده ( إن في ذلك ) أي : في ذلك كله ( لآية لكم ) أي : على صدقي فيما جئتكم به . ( إن كنتم مؤمنين )


تفسير الطبري :

قوله تعالى {ويعلمه الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل} قال ابن جريج : الكتاب الكتابة والخط. وقيل : هو كتاب غير التوراة والإنجيل علمه الله عيسى عليه السلام. {ورسولا} أي ونجعله رسولا. أو يكلمهم رسولا. وقيل : هو معطوف على قوله {وجيها}. وقال الأخفش : وإن شئت جعلت الواو في قوله {ورسولا} مقحمة والرسول حالا للهاء، تقديره ويعلمه الكتاب رسولا. وفي حديث أبي ذر الطويل (وأول أنبياء بني إسرائيل موسى وآخرهم عيسى عليه السلام). {أني أخلق لكم} أي أصور وأقدر لكم. {من الطين كهيئة الطير} قرأ الأعرج وأبو جعفر {كهيّة} بالتشديد. الباقون بالهمز. والطير يذكر ويؤنث. {فأنفخ فيه} أي في الواحد منه أو منها أو في الطين فيكون طائرا. وطائر وطير مثل تاجر وتجر. قال وهب : كان يطير ما دام الناس ينظرون إليه فإذا غاب عن أعينهم سقط ميتا ليتميز فعل الخلق من فعل الله تعالى. وقيل : لم يخلق غير الخفاش لأنه أكمل الطير خلقا ليكون أبلغ في القدرة لأن لها ثديا وأسنانا وأذنا، وهي تحيض وتطهر وتلد. ويقال : إنما طلبوا خلق خفاش لأنه أعجب من سائر الخلق؛ ومن عجائبه أنه لحم ودم يطير بغير ريش ويلد كما يلد الحيوان ولا يبيض كما يبيض سائر الطيور، فيكون له الضرع يخرج منه اللبن، ولا يبصر في ضوء النهار ولا في ظلمة الليل، وإنما يرى في ساعتين : بعد غروب الشمس ساعة وبعد طلوع الفجر ساعة قبل أن يُسفر جدا، ويضحك كما يضحك الإنسان، ويحيض كما تحيض المرأة. ويقال : إن سؤالهم كان له على وجه التعنت فقالوا : أخلق لنا خفاشا واجعل فيه روحا إن كنت صادقا في مقالتك؛ فأخذ طينا وجعل منه خفاشا ثم نفخ فيه فإذا هو يطير بين السماء والأرض؛ وكان تسوية الطين والنفخ من عيسى والخلق من الله، كما أن النفخ من جبريل والخلق من الله. قوله تعالى {وأبرئ الأكمه والأبرص وأحي الموتى بإذن الله} الأكمه : الذي يولد أعمى؛ عن ابن عباس. وكذا قال أبو عبيدة قال : هو الذي يولد أعمى؛ وأنشد لرؤبة : فارتد ارتداد الأكمه ** وقال ابن فارس : الكمه العمى يولد به الإنسان وقد يعرض. قال سويد : كَمَهت عيناه حتى ابيضتا ** مجاهد : هو الذي يُبصر بالنهار ولا يبصر بالليل. عكرمة : هو الأعمش، ولكنه في اللغة العمى؛ يقال كَمِه يَكْمه كَمَها وكمَّهتها أنا إذا أعميتها. والبرص معروف وهو بياض يعتري الجلد، والأبرص القمر، وسامُّ أبرص معروف، ويجمع على الأبارص. وخُص هذان بالذكر لأنهما عياءان. وكان الغالب على زمن عيسى عليه السلام الطب فأراهم الله المعجزة من جنس ذلك. {وأحيي الموتى بإذن الله} قيل : أحيا أربعة أنفس : العاذر : وكان صديقا له، وابن العجوز وابنة العاشر وسام بن نوح؛ فالله أعلم. فأما العاذر فإنه كان قد توفى قبل ذلك بأيام فدعا الله فقام بإذن الله وودكه يقطر فعاش وولد له، وأما ابن العجوز فإنه مر به يُحمل على سريره فدعا الله فقام ولبس ثيابه وحمل السرير على عنقه ورجع إلى أهله. وأما بنت العاشر فكان أتى عليها ليلة فدعا الله فعاشت بعد ذلك وولد لها؛ فلما رأوا ذلك قالوا : إنك تحيي من كان موته قريبا فلعلهم لم يموتوا فأصابتهم سكتة فأحيي لنا سام بن نوح. فقال لهم : دلوني على قبره، فخرج وخرج القوم معه، حتى انتهى إلى قبره فدعا الله فخرج من قبره وقد شاب رأسه. فقال له عيسى : كيف شاب رأسك ولم يكن في زمانكم شيب؟ فقال : يا روح الله، إنك دعوتني فسمعت صوتا يقول : أجب روح الله، فظننت أن القيامة قد قامت، فمن هول ذلك شاب رأسي. فسأله عن النزع فقال : يا روح الله إن مرارة النزع لم تذهب عن حنجرتي؛ وقد كان من وقت موته أكثر من أربعة آلاف سنة، فقال للقوم : صدقوه فإنه نبي؛ فآمن به بعضهم وكذبه بعضهم وقالوا : هذا سحر. وروي من حديث إسماعيل بن عياش قال : حدثني محمد بن طلحة عن رجل أن عيسى ابن مريم كان إذا أراد أن يحيي الموتى صلى ركعتين يقرأ في الأولى {تبارك الذي بيده الملك} [الملك : 1]. وفي الثانية {تنزيل}[السجدة : 2] فإذا فرغ حمد الله وأثنى عليه ثم دعا بسبعة أسماء : يا قديم يا خفي يا دائم يا فرد يا وتر يا أحد يا صمد؛ ذكره البيهقي وقال : ليس إسناده بالقوي. قوله تعالى {وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم إن في ذلك لآية لكم إن كنتم مؤمنين} أي بالذي تأكلونه وما تدخرون. وذلك أنهم لما أحيا لهم الموتى طلبوا منه آية أخرى وقالوا : أخبرنا بما نأكل في بيوتنا وما ندخر للغد؛ فأخبرهم فقال : يا فلان أنت أكلت كذا وكذا، وأنت أكلت كذا وكذا وادخرت كذا وكذا؛ فذلك قوله {وأنبئكم} الآية. وقرأ مجاهد والزهري والسختياني "وما تدخرون" بالذال المعجمة مخففا. وقال سعيد بن جبير وغيره : كان يخبر الصبيان في الكتاب بما يدخرون حتى منعهم آباؤهم من الجلوس معه. قتادة : أخبرهم بما أكلوه من المائدة وما ادخروه منها خفية.

التفسير الميسّر:

ويجعله رسولا إلى بني إسرائيل، ويقول لهم: إني قد جئتكم بعلامة من ربكم تدلُّ على أني مرسل من الله، وهي أني أصنع لكم من الطين مثل شكل الطير، فأنفخ فيه فيكون طيرًا حقيقيا بإذن الله، وأَشفي مَن وُلِد أعمى، ومَن به برص، وأُحيي من كان ميتًا بإذن الله، وأخبركم بما تأكلون وتدَّخرون في بيوتكم من طعامكم. إن في هذه الأمور العظيمة التي ليست في قدرة البشر لدليلا على أني نبي الله ورسوله، إن كنتم مصدِّقين حجج الله وآياته، مقرِّين بتوحيده.

تفسير السعدي

ثم ذكر له كمالا آخر وفضلا زائدا على ما أعطاه الله من الفضائل، فقال { ورسولا إلى بني إسرائيل } فأرسله الله إلى هذا الشعب الفاضل الذين هم أفضل العالمين في زمانهم يدعوهم إلى الله، وأقام له من الآيات ما دلهم أنه رسول الله حقا ونبيه صدقا ولهذا قال { أني قد جئتكم بآية من ربكم أني أخلق لكم من الطين } طيرا، أي: أصوره على شكل الطير { فأنفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله } أي: طيرا له روح تطير بإذن الله { وأبرى الأكمه } وهو الذي يولد أعمى { والأبرص } بإذن الله { وأحيي الموتى بإذن الله وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم إن في ذلك لآية لكم إن كنتم مؤمنين } وأي: آية أعظم من جعل الجماد حيوانا، وإبراء ذوي العاهات التي لا قدرة للأطباء في معالجتها، وإحياء الموتى، والإخبار بالأمور الغيبية، فكل واحدة من هذه الأمور آية عظيمة بمفردها، فكيف بها إذا اجتمعت وصدق بعضها بعضها؟ فإنها موجبة للإيقان وداعية للإيمان.


تفسير البغوي

( ورسولا ) أي ونجعله رسولا ( إلى بني إسرائيل ) قيل : كان رسولا في حال الصبا ، وقيل : إنما كان رسولا بعد البلوغ ، وكان أول أنبياء بني إسرائيل يوسف وآخرهم عيسى عليهما السلام فلما بعث قال : ( أني ) قال الكسائي : إنما فتح لأنه أوقع الرسالة عليه ، وقيل : معناه بأني ( قد جئتكم بآية ) علامة ( من ربكم ) تصدق قولي وإنما قال : بآية وقد أتى بآيات لأن الكل دل على شيء واحد وهو صدقه في الرسالة ، فلما قال ذلك عيسى عليه السلام لبني إسرائيل قالوا : وما هي قال : ( أني ) قرأ نافع بكسر الألف على الاستئناف ، وقرأ الباقون بالفتح على معنى بإني ( أخلق ) أي أصور وأقدر ( لكم من الطين كهيئة الطير ) قرأ أبو جعفر كهيئة الطائر هاهنا وفي المائدة ، والهيئة : الصورة المهيأة من قولهم : هيأت الشيء إذا قدرته وأصلحته ( فأنفخ فيه ) أي في الطير ( فيكون طيرا بإذن الله ) قراءة الأكثرين بالجمع لأنه خلق طيرا كثيرا ، وقرأ أهل المدينة ويعقوب فيكون طائرا على الواحد هاهنا وفي سورة المائدة ذهبوا إلى نوع واحد من الطير لأنه لم يخلق غير الخفاش وإنما خص الخفاش ، لأنه أكمل الطير خلقا لأن لها ثديا وأسنانا وهي تحيض قال وهب : كان يطير ما دام الناس ينظرون إليه فإذا غاب عن أعينهم سقط ميتا ، ليتميز فعل الخلق من فعل الخالق ، وليعلم أن الكمال لله عز وجل ( وأبرئ الأكمه والأبرص ) أي أشفيهما وأصححهما ، واختلفوا في الأكمه ، قال ابن عباس وقتادة : هو الذي ولد أعمى ، وقال الحسن والسدي : هو الأعمى وقال عكرمة : هو الأعمش وقال مجاهد : هو الذي يبصر بالنهار ولا يبصر بالليل ، ( والأبرص ) الذي به وضح ، وإنما خص هذين لأنهما داءان عياءان ، وكان الغالب في زمن عيسى عليه السلام الطب ، فأراهم المعجزة من جنس ذلك قال وهب : ربما اجتمع عند عيسى عليه السلام من المرضى في اليوم الواحد خمسون ألفا من أطاق منهم أن يبلغه بلغه ومن لم يطق مشى إليه عيسى عليه السلام وكان يداويهم بالدعاء على شرط الإيمان

قوله تعالى : ( وأحيي الموتى بإذن الله ) قال ابن عباس رضي الله عنهما قد أحيا أربعة أنفس ، عازر وابن العجوز ، وابنة العاشر ، وسام بن نوح ، فأما عازر فكان صديقا له فأرسلت أخته إلى عيسى عليه السلام : أن أخاك عازر يموت وكان بينه وبينه مسيرة ثلاثة أيام فأتاه هو وأصحابه فوجدوه قد مات منذ ثلاثة أيام ، فقال لأخته : انطلقي بنا إلى قبره ، فانطلقت معهم إلى قبره ، فدعا الله تعالى فقام عازر وودكه يقطر فخرج من قبره وبقي وولد له .

وأما ابن العجوز مر به ميتا على عيسى عليه السلام على سرير يحمل فدعا الله عيسى فجلس على سريره ، ونزل عن أعناق الرجال ، ولبس ثيابه ، وحمل السرير على عنقه ورجع إلى أهله فبقي وولد له .

وأما ابنة العاشر كان [ أبوها ] رجلا يأخذ العشور ماتت له بنت بالأمس ، فدعا الله عز وجل [ باسمه الأعظم ] فأحياها [ الله تعالى ] وبقيت [ بعد ذلك زمنا ] وولد لها . وأما سام بن نوح عليه السلام فإن عيسى عليه السلام جاء إلى قبره فدعا باسم الله الأعظم فخرج من قبره وقد شاب نصف رأسه خوفا من قيام الساعة ، ولم يكونوا يشيبون في ذلك الزمان فقال : قد قامت القيامة؟ قال : لا ولكن دعوتك باسم الله الأعظم ، ثم قال له : مت قال : بشرط أن يعيذني الله من سكرات الموت فدعا الله ففعل .

قوله تعالى : ( وأنبئكم ) وأخبركم ( بما تأكلون ) مما لم أعاينه ( وما تدخرون ) ترفعونه ( في بيوتكم ) حتى تأكلوه وقيل : كان يخبر الرجل بما أكل البارحة وبما يأكل اليوم وبما ادخره للعشاء

وقال السدي : كان عيسى عليه السلام في الكتاب يحدث الغلمان بما يصنع آباؤهم ويقول للغلام : انطلق فقد أكل أهلك كذا وكذا ، ورفعوا لك كذا وكذا ، فينطلق الصبي إلى أهله ويبكي عليهم حتى يعطوه ذلك الشيء فيقولون : من أخبرك بهذا؟ . فيقول : عيسى فحبسوا صبيانهم عنه وقالوا : لا تلعبوا مع هذا الساحر فجمعوهم في بيت فجاء عيسى عليه السلام يطلبهم فقالوا : ليسوا هاهنا ، فقال : فما في هذا البيت؟ قالوا خنازير ، قال عيسى كذلك يكونون ففتحوا عليهم فإذا هم خنازير ففشى ذلك في بني إسرائيل فهمت به بنو إسرائيل ، فلما خافت عليه أمه حملته على [ حمير ] لها وخرجت ( هاربة منهم ) إلى أهل مصر ، وقال قتادة : إنما هذا في المائدة وكان خوانا ينزل عليهم أينما كانوا كالمن والسلوى ، وأمروا أن لا يخونوا ولا يخبئوا لغد فخانوا وخبئوا فجعل عيسى يخبرهم بما أكلوا من المائدة وبما ادخروا منها فمسخهم الله خنازير

قوله تعالى ( إن في ذلك ) الذي ذكرت ( لآية لكم إن كنتم مؤمنين ) .


الإعراب:

(وَرَسُولًا) الواو عاطفة رسولا اسم معطوف على وجيها أو مفعول به لفعل محذوف أي ويجعله رسولا فالجملة معطوفة (إِلى بَنِي) بني اسم مجرور بالياء لأنه ملحق بجمع المذكر السالم (إسرائيل) مضاف إليه مجرور بالفتحة للعلمية والعجمة (أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ) أن والياء اسمها والجملة خبرها. وأن واسمها وخبرها في تأويل مصدر في محل جر بحرف الجر، والجار والمجرور متعلقان برسولا.

(بِآيَةٍ) متعلقان بجئتكم (مِنْ رَبِّكُمْ) متعلقان بمحذوف صفة آية (أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ) أن واسمها وجملة أخلق خبرها لكم متعلقان بمحذوف حال تقديره: مبرهنا لكم (مِنَ الطِّينِ) متعلقان بأخلق وأن وما بعدها في تأويل مصدر في محل جر بدل من آية أو خبر لمبتدأ محذوف تقديره هي.

(كَهَيْئَةِ) الكاف اسم بمعنى مثل في محل نصب مفعول به وهيئة مضاف إليه (الطَّيْرِ) مضاف إليه (فَأَنْفُخُ فِيهِ) عطف على أخلق (فَيَكُونُ طَيْرًا) فعل مضارع ناقص واسمها ضمير مستتر تقديره هو طيرا خبرها (بِإِذْنِ الله) متعلقان بصفة طير ولفظ الجلالة مضاف إليه والجملة معطوفة (وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ) فعل مضارع ومفعول به والفاعل أنا والجملة معطوفة (وَأُحْيِ الْمَوْتى بِإِذْنِ الله) عطف والجار والمجرور متعلقان بالفعل ولفظ الجلالة مضاف إليه (وَأُنَبِّئُكُمْ بِما تَأْكُلُونَ) بما متعلقان بالفعل أنبئكم والجملة معطوفة وجملة تأكلون صلة الموصول لا محل لها.

(وَما تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ) عطف على ما قبلها.

(إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً) إن ولآية اسمها واللام هي المزحلقة وفي ذلك متعلقان بمحذوف خبرها (لَكُمْ) متعلقان بمحذوف صفة لآية (إِنَّ) شرطية جازمة (كُنْتُمْ) فعل ماض ناقص وهو في محل جزم فعل الشرط، والتاء اسمها (مُؤْمِنِينَ) خبرها منصوب بالياء والجملة مستأنفة، وجواب الشرط محذوف تقديره: إن كنتم مؤمنين اعتبرتم.

---

Traslation and Transliteration:

Warasoolan ila banee israeela annee qad jitukum biayatin min rabbikum annee akhluqu lakum mina altteeni kahayati alttayri faanfukhu feehi fayakoonu tayran biithni Allahi waobrio alakmaha waalabrasa waohyee almawta biithni Allahi waonabbiokum bima takuloona wama taddakhiroona fee buyootikum inna fee thalika laayatan lakum in kuntum mumineena

بيانات السورة

اسم السورة سورة آل عمران (Al-i'Imran - Family of Imran)
ترتيبها 3
عدد آياتها 200
عدد كلماتها 3503
عدد حروفها 14605
معنى اسمها عِمرَانُ: رَجُلٌ صَالِحٌ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَالمُرَادُ بِـ(آلِ عِمْرَانَ): عِيسَى وَأُمُّهُ مَريَمُ وَيَحْيَى عليه السلام
سبب تسميتها ذِكْرُ قِصَّةِ آلِ عِمْرَانَ، وَدِلَالَةُ هَذَا الاسْمِ عَلَى المَقصِدِ العَامِّ لِلسُّورَةِ وَمَوضُوعَاتِهَا
أسماؤها الأخرى اشتُهِرَتْ بِسُورَةِ (آلِ عِمرَانَ)، وَتُسَمَّى سُورَةَ (الكَنـْزِ)، وَسُورَةَ (الأَمَانِ)، وَتُلقَّبُ بِـ(الزَّهْرَاءِ)
مقاصدها بَيانُ الأَدِلَّةِ وَالبَرَاهِينَ عَلَى وَحْدَانِيَّةِ اللهِ وَأَحْكَامِ الجِهَادِ وغَيرِهِ، وَردِّ شُبُهَاتِ النَّصَارَى
أسباب نزولها سُورَةٌ مَدَنيَّةٌ، لَمْ يُنْقَل سَبَبٌ ِلنـُزُوْلِهَا جُملَةً وَاحِدَةً، ولكِنْ صَحَّ لِبَعضِ آياتِهَا سَبَبُ نُزُولٍ
فضلها تُحَاجُّ عَنْ صَاحِبِهَا يَومَ القِيَامَةِ، قَالَ ﷺ: «اقرَؤوا الزَّهْرَاوَيْنِ: البَقرةَ، وآلَ عِمرانَ؛ فَإِنَّهُمَا تَأْتِيَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانِ -أي سَحَابتانِ- أَوْ كَأَنَّهُمَا غَيَايَتَانِ، أَوْ كَأَنَّهُمَا فِرْقَانِ مِنْ طَيْرٍ صَوَافَّ، تُحَاجَّانِ عَنْ صَاحِبِهِما». (رَوَاهُ مُسْلِم). هِيَ مِنَ السَّبعِ، قَالَ ﷺ: «مَنْ أخَذَ السَّبعَ الْأُوَلَ مِنَ القُرآنِ فَهُوَ حَبْرٌ» أَيْ: عَالِم. (حَدِيثٌ حَسَنٌ، رَوَاهُ أَحمَد)
مناسبتها مُنَاسَبَةُ أَوَّلِ سُورَةِ (آلِ عِمْرَانَ) بِآخِرِهَا: الحَدِيثُ عَنِ الكُتُبِ السَّمَاوِيَّةِ وَالإِشَارَةُ إِلَيهَا. فَقَالَ فِي فَاتِحَتِهَا: ﴿نَزَّلَ عَلَيۡكَ ٱلۡكِتَٰبَ بِٱلۡحَقِّ﴾ ...الآيَاتِ،وَقَالَ فِي خَاتِمَتِهَا: ﴿وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِمْ﴾ ...الآيَاتِ. مُنَاسَبَةُ سُورَةِ (آلِ عِمْرانَ) لِمَا قَبلَهَا مِنْ سُورَةِ (البَقَرَةِ): ذِكْرُ دُعَاءِ الْمُؤْمِنِينَ فِي خَوَاتِيم سُورَةِ (البَقَرَةِ) وفي أوَّلِ سُورَةِ (آلِ عِمْرَانَ).
اختر الًجزء:
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
25
26
27
28
29
30
اختر السورة:
1 - ﴿الفاتحة﴾
2 - ﴿البقرة﴾
3 - ﴿آل عمران﴾
4 - ﴿النساء﴾
5 - ﴿المائدة﴾
6 - ﴿الأنعام﴾
7 - ﴿الأعراف﴾
8 - ﴿الأنفال﴾
9 - ﴿التوبة﴾
10 - ﴿يونس﴾
11 - ﴿هود﴾
12 - ﴿يوسف﴾
13 - ﴿الرعد﴾
14 - ﴿إبراهيم﴾
15 - ﴿الحجر﴾
16 - ﴿النحل﴾
17 - ﴿الإسراء﴾
18 - ﴿الكهف﴾
19 - ﴿مريم﴾
20 - ﴿طه﴾
21 - ﴿الأنبياء﴾
22 - ﴿الحج﴾
23 - ﴿المؤمنون﴾
24 - ﴿النور﴾
25 - ﴿الفرقان﴾
26 - ﴿الشعراء﴾
27 - ﴿النمل﴾
28 - ﴿القصص﴾
29 - ﴿العنكبوت﴾
30 - ﴿الروم﴾
31 - ﴿لقمان﴾
32 - ﴿السجدة﴾
33 - ﴿الأحزاب﴾
34 - ﴿سبأ﴾
35 - ﴿فاطر﴾
36 - ﴿يس﴾
37 - ﴿الصافات﴾
38 - ﴿ص﴾
39 - ﴿الزمر﴾
40 - ﴿غافر﴾
41 - ﴿فصلت﴾
42 - ﴿الشورى﴾
43 - ﴿الزخرف﴾
44 - ﴿الدخان﴾
45 - ﴿الجاثية﴾
46 - ﴿الأحقاف﴾
47 - ﴿محمد﴾
48 - ﴿الفتح﴾
49 - ﴿الحجرات﴾
50 - ﴿ق﴾
51 - ﴿الذاريات﴾
52 - ﴿الطور﴾
53 - ﴿النجم﴾
54 - ﴿القمر﴾
55 - ﴿الرحمن﴾
56 - ﴿الواقعة﴾
57 - ﴿الحديد﴾
58 - ﴿المجادلة﴾
59 - ﴿الحشر﴾
60 - ﴿الممتحنة﴾
61 - ﴿الصف﴾
62 - ﴿الجمعة﴾
63 - ﴿المنافقون﴾
64 - ﴿التغابن﴾
65 - ﴿الطلاق﴾
66 - ﴿التحريم﴾
67 - ﴿الملك﴾
68 - ﴿القلم﴾
69 - ﴿الحاقة﴾
70 - ﴿المعارج﴾
71 - ﴿نوح﴾
72 - ﴿الجن﴾
73 - ﴿المزمل﴾
74 - ﴿المدثر﴾
75 - ﴿القيامة﴾
76 - ﴿الإنسان﴾
77 - ﴿المرسلات﴾
78 - ﴿النبأ﴾
79 - ﴿النازعات﴾
80 - ﴿عبس﴾
81 - ﴿التكوير﴾
82 - ﴿الانفطار﴾
83 - ﴿المطففين﴾
84 - ﴿الانشقاق﴾
85 - ﴿البروج﴾
86 - ﴿الطارق﴾
87 - ﴿الأعلى﴾
88 - ﴿الغاشية﴾
89 - ﴿الفجر﴾
90 - ﴿البلد﴾
91 - ﴿الشمس﴾
92 - ﴿الليل﴾
93 - ﴿الضحى﴾
94 - ﴿الشرح﴾
95 - ﴿التين﴾
96 - ﴿العلق﴾
97 - ﴿القدر﴾
98 - ﴿البينة﴾
99 - ﴿الزلزلة﴾
100 - ﴿العاديات﴾
101 - ﴿القارعة﴾
102 - ﴿التكاثر﴾
103 - ﴿العصر﴾
104 - ﴿الهمزة﴾
105 - ﴿الفيل﴾
106 - ﴿قريش﴾
107 - ﴿الماعون﴾
108 - ﴿الكوثر﴾
109 - ﴿الكافرون﴾
110 - ﴿النصر﴾
111 - ﴿المسد﴾
112 - ﴿الإخلاص﴾
113 - ﴿الفلق﴾
114 - ﴿الناس﴾
اختر الًصفحة:
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
25
26
27
28
29
30
31
32
33
34
35
36
37
38
39
40
41
42
43
44
45
46
47
48
49
50
51
52
53
54
55
56
57
58
59
60
61
62
63
64
65
66
67
68
69
70
71
72
73
74
75
76
77
78
79
80
81
82
83
84
85
86
87
88
89
90
91
92
93
94
95
96
97
98
99
100
101
102
103
104
105
106
107
108
109
110
111
112
113
114
115
116
117
118
119
120
121
122
123
124
125
126
127
128
129
130
131
132
133
134
135
136
137
138
139
140
141
142
143
144
145
146
147
148
149
150
151
152
153
154
155
156
157
158
159
160
161
162
163
164
165
166
167
168
169
170
171
172
173
174
175
176
177
178
179
180
181
182
183
184
185
186
187
188
189
190
191
192
193
194
195
196
197
198
199
200
201
202
203
204
205
206
207
208
209
210
211
212
213
214
215
216
217
218
219
220
221
222
223
224
225
226
227
228
229
230
231
232
233
234
235
236
237
238
239
240
241
242
243
244
245
246
247
248
249
250
251
252
253
254
255
256
257
258
259
260
261
262
263
264
265
266
267
268
269
270
271
272
273
274
275
276
277
278
279
280
281
282
283
284
285
286
287
288
289
290
291
292
293
294
295
296
297
298
299
300
301
302
303
304
305
306
307
308
309
310
311
312
313
314
315
316
317
318
319
320
321
322
323
324
325
326
327
328
329
330
331
332
333
334
335
336
337
338
339
340
341
342
343
344
345
346
347
348
349
350
351
352
353
354
355
356
357
358
359
360
361
362
363
364
365
366
367
368
369
370
371
372
373
374
375
376
377
378
379
380
381
382
383
384
385
386
387
388
389
390
391
392
393
394
395
396
397
398
399
400
401
402
403
404
405
406
407
408
409
410
411
412
413
414
415
416
417
418
419
420
421
422
423
424
425
426
427
428
429
430
431
432
433
434
435
436
437
438
439
440
441
442
443
444
445
446
447
448
449
450
451
452
453
454
455
456
457
458
459
460
461
462
463
464
465
466
467
468
469
470
471
472
473
474
475
476
477
478
479
480
481
482
483
484
485
486
487
488
489
490
491
492
493
494
495
496
497
498
499
500
501
502
503
504
505
506
507
508
509
510
511
512
513
514
515
516
517
518
519
520
521
522
523
524
525
526
527
528
529
530
531
532
533
534
535
536
537
538
539
540
541
542
543
544
545
546
547
548
549
550
551
552
553
554
555
556
557
558
559
560
561
562
563
564
565
566
567
568
569
570
571
572
573
574
575
576
577
578
579
580
581
582
583
584
585
586
587
588
589
590
591
592
593
594
595
596
597
598
599
600
601
602
603
604


يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!