«وهو الذي خلق من الماء بشرا» من المني إنسانا «فجعله نسبا» ذا نسب «وصهرا» ذا صهر بأن يتزوج ذكرا كان أو أنثي طلبا للتناسل «وكان ربُّك قديرا» قادرا على ما يشاء.
وَمَنْ تابَ وَعَمِلَ صالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتاباً (71) وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً (72)
«وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ» شهادة الزور الميل إلى الباطل عن الحق ، فإن الزور هو الميل «وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً» أي لم ينظروا لما أسقط اللّه النظر إليه ، فلم يتدنسوا بشيء منه ، فمروا به غير ملتفتين إليه «كِراماً» فما أثر فيهم ، فإنه مقام تستحليه النفوس ، وتقبل عليه للمخالفة التي جبلها اللّه عليه ، وهذه هي النفوس الأبية أي التي تأبى الرذائل ،
فهي نفوس الكرام من عباد اللّه ، والتحقوا بهذه الصفة بالملإ الأعلى ، الذين قال اللّه فيهم : (بِأَيْدِي سَفَرَةٍ كِرامٍ بَرَرَةٍ) فنعتهم بأنهم كرام ، فكل وصف يلحقك بالملإ الأعلى فهو شرف في حقك .
------------
(72) الفتوحات ج 2 /
620 ، 37
وقوله : ( وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا وكان ربك قديرا ) أي : خلق الإنسان من نطفة ضعيفة ، فسواه وعدله ، وجعله كامل الخلقة ، ذكرا أو أنثى ، كما يشاء ، ( فجعله نسبا وصهرا ) ، فهو في ابتداء أمره ولد نسيب ، ثم يتزوج فيصير صهرا ، ثم يصير له أصهار وأختان وقرابات . وكل ذلك من ماء مهين; ولهذا قال : ( وكان ربك قديرا ) .
قوله {وهو الذي خلق من الماء بشرا} أي خلق من النطفة إنسانا. {فجعله} أي جعل الإنسان {نسبا وصهرا}. وقيل {من الماء} إشارة إلى أصل الخلقة في أن كل حي مخلوق من الماء. وفي هذه الآية تعديد النعمة على الناس في، إيجادهم بعد العدم، والتنبيه على العبرة في ذلك. قوله {فجعله نسبا وصهرا} النسب والصهر معنيان يعمان كل قربى تكون بين آدميين. قال ابن العربي : النسب عبارة عن خلط الماء بين الذكر والأنثى على وجه الشرع؛ فإن كان بمعصية كان خلقا مطلقا ولم يكن نسبا محققا، ولذلك لم يدخل تحت قوله {حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم} النساء 23 بنته من الزنى؛ لأنها ليست ببنت له في أصح القولين لعلمائنا وأصح القولين في الدين؛ وإذا لم يكن نسب شرعا فلا صهر شرعا فلا يحرم الزنى بنت أم ولا أم بنت، وما يحرم من الحلال لا يحرم من الحرام؛ لأن الله امتن بالنسب والصهر على عباده ورفع قدرهما، وعلق الأحكام في الحل والحرمة عليهما فلا يلحق الباطل بهما ولا يساويهما. قلت : اختلف الفقهاء في نكاح الرجل ابنته من زنى أو أخته أو بنت ابنه من زنى؛ فحرم ذلك قوم منهم ابن القاسم، وهو قول أبى حنيفة وأصحابه، وأجاز ذلك آخرون منهم عبد الملك بن الماجشون، وهو قول الشافعي، وقد مضى هذا في النساء مجودا. قال الفراء : النسب الذي لا يحل نكاحه، والصهر الذي يحل نكاحه. وقاله الزجاج : وهو قول علي بن أبي طالب رضي الله عنه. واشتقاق الصهر من صهرت الشيء إذا خلطته؛ فكل واحد من الصهرين قد خالط صاحبه، فسميت المناكح صهرا لاختلاط الناس بها. وقيل : الصهر قرابة النكاح؛ فقرابة الزوجة هم الأختان، وقرابة الزوج هم الأحماء. والأصهار يقع عاما لذلك كله؛ قاله الأصمعي. وقال ابن الأعرابي : الأختان أبو المرأة وأخوهما وعمها - كما قال الأصمعي - والصهر زوج ابنة الرجل وأخوه وأبوه وعمه. وقال محمد بن الحسن في رواية أبي سليمان الجوزجاني : أختان الرجل أزواج بناته وأخواته وعماته وخالاته، وكل ذات محرم منه، وأصهاره كل ذي رحم محرم من زوجته. قال النحاس : الأولى في هذا أن يكون القول في الأصهار ما قال الأصمعي، وأن يكون من قبلهما جميعا. يقال : صهرت الشيء أي خلطته؛ فكل واحد منهما قد خلط صاحبه. والأولى في الأختان ما قال محمد بن الحسن لجهتين : إحداهما الحديث المرفوع، ""روى محمد بن إسحاق عن يزيد بن عبدالله بن قسيط"" عن محمد بن أسامة بن زيد عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (أما أنت يا علي فختني وأبو ولدي وأنت مني وأنا منك). فهذا على أن زوج البنت ختن. والجهة الأخرى أن اشتقاق الختن من ختنه إذا قطعه؛ وكان الزوج قد انقطع عن أهله، وقطع زوجته عن أهلها. وقال الضحاك : الصهر قرابة الرضاع. قال ابن عطية : وذلك عندي وهم أوجبه أن ابن عباس قال : حرم من النسب سبع، ومن الصهر خمس. وفي رواية أخرى من الصهر سبع؛ يريد قوله عز وجل {حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم وبنات الأخ وبنات الأخت} النساء 23 فهذا هو النسب. ثم يريد بالصهر قوله {وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم} إلى قوله {وأن تجمعوا بين الأختين}. ثم ذكر المحصنات. ومحمل هذا أن ابن عباس أراد حرم من الصهر ما ذكر معه، فقد أشار بما ذكر إلى عظمه وهو الصهر، لا أن الرضاع صهر، وإنما الرضاع عديل النسب يحرم منه ما يحرم من النسب بحكم الحديث المأثور فيه. ومن روى وحرم من الصهر خمس أسقط من الآيتين الجمع بين الأختين والمحصنات؛ وهن ذوات الأزواج. قلت : فابن عطية جعل الرضاع مع ما تقدم نسبا، وهو قول الزجاج. قال أبو إسحاق : النسب الذي ليس بصهر من قوله جل ثناؤه{حرمت عليكم أمهاتكم} 2@ 23 إلى قوله {وأن تجمعوا بين الأختين} النساء 23، والصهر من له التزويج. قال ابن عطية : وحكى الزهراوي قولا أن النسب من جهة البنين والصهر من جهة البنات. قلت : وذكر هذا القول النحاس، وقال : لأن المصاهرة من جهتين تكون. وقال ابن سيرين : نزلت هذه الآية في النبي صلى الله عليه وسلم وعلي رضي الله عنه؛ لأنه جمعه معه نسب وصهر. قال ابن عطية : فاجتماعهما وكادة حرمة إلى يوم القيامة. {وكان ربك قديرا} على خلق ما يريده.
وهو الذي خلق مِن منيِّ الرجل والمرأة ذرية ذكورًا وإناثًا، فنشأ من هذا قرابة النسب وقرابة المصاهرة. وكان ربك قديرًا على خلق ما يشاء.
أي: وهو الله وحده لا شريك له الذي خلق الآدمي من ماء مهين، ثم نشر منه ذرية كثيرة وجعلهم أنسابا وأصهارا متفرقين ومجتمعين، والمادة كلها من ذلك الماء المهين، فهذا يدل على كمال اقتداره لقوله: { وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا } ويدل على أن عبادته هي الحق وعبادة غيره باطلة.
( وهو الذي خلق من الماء ) من النطفة ، ( بشرا فجعله نسبا وصهرا ) أي : جعله ذا نسب وصهر ، قيل : " النسب " ما لا يحل نكاحه ، و " الصهر " : ما يحل نكاحه ، فالنسب ما يوجب الحرمة ، والصهر ما لا يوجبها ، وقيل : - وهو الصحيح - : النسب : من القرابة ، والصهر : الخلطة التي تشبه القرابة ، وهو السبب المحرم للنكاح ، وقد ذكرنا أن الله تعالى حرم بالنسب سبعا وبالسبب سبعا ، في قوله " حرمت عليكم أمهاتكم " ( النساء - 23 ) ، ( وكان ربك قديرا )
(وَهُوَ الَّذِي) هو مبتدأ واسم الموصول خبره والجملة مستأنفة (خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً) ماض فاعله مستتر ومفعول به والجار والمجرور متعلقان بخلق والجملة صلة (فَجَعَلَهُ) ماض وفاعل مستتر ومفعول به أول (نَسَباً) مفعول به ثان (وَصِهْراً) معطوف (وَكانَ رَبُّكَ قَدِيراً) كان واسمها وخبرها والجملة معطوفة.
Traslation and Transliteration:
Wahuwa allathee khalaqa mina almai basharan fajaAAalahu nasaban wasihran wakana rabbuka qadeeran
And He it is Who hath created man from water, and hath appointed for him kindred by blood and kindred by marriage; for thy Lord is ever Powerful.
Ve öyle bir mabuttur o ki bir katre sudan insanı yaratmış ve ona anababa tarafından soysop, karıkoca tarafından akRabalık vermiştir ve Rabbinin, her şeye gücü yeter.
Et c'est Lui qui de l'eau a créé une espèce humaine qu'Il unit par les liens de la parenté et de l'alliance. Et ton Seigneur demeure Omnipotent.
Und ER ist Derjenige, Der aus dem Wasser einen Menschen erschuf, dann machte ER ihn zur Abstammung und Verschwägerung. Und dein HERR ist immer allmächtig.
![](/images/arrowtop.jpg) |
بيانات السورة |
اسم السورة |
سورة الفرقان (Al-Furqan - The Criterian) |
ترتيبها |
25 |
عدد آياتها |
77 |
عدد كلماتها |
896 |
عدد حروفها |
3786 |
معنى اسمها |
(الْفُرْقَانُ): مِن أَسْمَاءِ الْقُرْآنِ الكَرِيمِ؛ وسُمِّيَ بِذَلِكَ لأَنَّهُ فَرَّقَ بَينَ الحَقِّ وَالبَاطِلِ |
سبب تسميتها |
دِلَالَةُ هَذَا الاسْمِ عَلَى الْمَقْصِدِ الْعَامِّ لِلسُّورَةِ وَمَوضُوعَاتِهَا |
أسماؤها الأخرى |
لا يُعرَفُ للسُّورَةِ اسمٌ آخَرُ سِوَى سُورَةِ (الفُرْقَانِ) |
مقاصدها |
مَعْرِفَةُ أَهْلِ البَاطِلِ وَصِفَاتِهِم، وَأَهْلِ الحَقِّ وَصِفَاتِهِم |
أسباب نزولها |
سُورَةٌ مَكِّيَّةٌ، لَمْ يُنقَل سَبَبٌ لِنـُزُوْلِهَا جُملَةً وَاحِدَةً، ولكِنْ صَحَّ لِبَعضِ آياتِهَا سَبَبُ نُزُولٍ |
فضلها |
لَمْ يَصِحَّ حَدِيثٌ أَو أَثَرٌ خَاصٌّ فِي فَضْلِ السُّورَةِ سِوَى أَنـَّهَا مِنَ المَثَانِي |
مناسبتها |
مُنَاسَبَةُ أَوَّلِ سُورَةِ (الفُرْقَانِ) بِآخِرِهَا: الحَدِيثُ عَنْ أَعْمَالِ الكُفَّارِ وَدَعْوَتِهِم لِلْحَقِّ، فقَالَ فِي فَاتِحَتِهَا: ﴿وَٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِۦٓ ءَالِهَةٗ ...٣﴾... الآيَاتِ، وَقَالَ فِي خَاتِمَتِهَا: ﴿قُلۡ مَا يَعۡبَؤُاْ بِكُمۡ رَبِّي لَوۡلَا دُعَآؤُكُمۡۖ فَقَدۡ كَذَّبۡتُمۡ فَسَوۡفَ يَكُونُ لِزَامَۢا ٧٧﴾.
مُنَاسَبَةُ سُورَةِ (الفُرْقَانِ) لِمَا قَبلَهَا مِنْ سُورَةِ (النُّورِ): اتِّفَاقُ الْلَّفْظِ وَالمَعْنَى، فَفِي خِتَامِ (النُّورِ) قَالَ: ﴿أَلَآ إِنَّ لِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ ...٦٤﴾، وَفِي مُفْتَتَحِ (الفُرْقَانِ) قَالَ: ﴿ٱلَّذِي لَهُۥ مُلۡكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ ...٢﴾. |