المكتبة الأكبرية: القرآن الكريم: سورة المؤمنون: [الآية 91]
|  |  |  | 
| سورة المؤمنون | ||
|  | 
|  |  | 
تفسير الجلالين:
تفسير الشيخ محي الدين:
وَقُلْ رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ (118)
[ «وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ» ]
فأمر نبيه أن يقول «رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ» هذه الفرق التي وفّت النظر استطاعتها التي آتيتها ، فلم تصل إلا إلى التعطيل أو الشرك «وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ» فإنهم ما تعدوا ما آتاهم اللّه ، فيشفع هنا فيهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم من حيث لا يشعرون ، فإذا نالتهم السعادة بالخروج من النار ، وقد غفر لهم اللّه بسؤال الرسول فيهم إذ قال «رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ» حين أمره اللّه بذلك ، وما أمره بهذا الدعاء إلا ليجيبه ، فأجابه في ذلك ، فعرفوا قدر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم عند ذلك إذا دخلوا الجنة ، فينتمون إليه فيها لأنه السيد الأكبر ، وهذا الدعاء يعم كل من هو بهذه المثابة من وقت آدم إلى نفخة الصعق ، لأنه ما خصص في دعوته إلا من هذه صفته ، ومن ينبغي أن يرحم ويغفر له ، فكل موحد للّه ولو بدليله وإن لم يكن مؤمنا ففي الجنة ، يدخله اللّه خاصة لا غيره ، ويشفع المؤمنون والأنبياء في أهل الكبائر من أهل الإيمان ، لأن الأنبياء بعثت بالخير وهو الإيمان ، والموحدون الذين لم يؤمنوا لكونهم ما بعث إليهم رسول ، أو كانوا في فترة ، فهم الذين يحشر كل واحد منهم أمة وحده ، فإن بعث في أمة - هو فيهم - رسول فلم يؤمن به مع علمه بأحدية خالقه دخل النار ، فما يخرج منها إلا بإخراج خالقه ، لأن الخلود في النار لا يكون بالنص لأهل التوحيد بأي وجه حصل لهم ، قال صلّى اللّه عليه وسلم [ من مات وهو يعلم أنه لا إله إلا اللّه دخل الجنة ]
ولم يقل يقول ولا يؤمن ، وإنما ذكر العلم خاصة ، فلا يبقى في النار إلا مشرك أو معطل لا عن شبهة ولا عن نظر مستوف في النظر قوته ، فلم يبق في النار إلا المقلدة الذين كان في قوتهم واستعدادهم أن ينظروا فما نظرو
- مسئلة -قوله تعالى : «خَيْرُ الرَّاحِمِينَ» من باب المفاضلة ، فمعلوم أنه ما يرحم أحد من المخلوقين أحدا إلا بالرحمة التي أوجدها الرحمن فيه ، فهي رحمته تعالى ، لا رحمتهم ، ظهرت
في صورة مخلوق ، كما قال في [ سمع اللّه لمن حمده ] أن ذلك القول هو قول اللّه على لسان عبده ، فقوله تعالى الذي سمعه موسى أتم في الشرف من قوله تعالى على لسان قائل ، فوقع التفاضل بالمحل الذي سمع منه القول المعلوم أنه قول اللّه ،
وكذلك أيضا رحمته من حيث ظهورها من مخلوق أدنى من رحمته بعبده في غير صورة مخلوق ، فتعيّن التفاضل والأفضلية بالمحال ، إلا أن رحمة اللّه بعبده في صورة المخلوق تكون عظيمة ، فإنه يرحم عن ذوق ، فيزيل برحمته ما يجده الراحم من الألم في نفسه من هذا المرحوم ، والحق ليس كذلك ، فرحمته خالصة لا يعود عليه منها إزالة ألم ، فهو خير الراحمين ، فرحمة المخلوق عن شفقة ورحمة اللّه مطلقة .
(24) سورة النّور مدنيّة
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
------------
(118) الفتوحات ج 3 / 285 ، 553تفسير ابن كثير:
ينزه تعالى نفسه عن أن يكون له ولد أو شريك في الملك ، فقال : ( ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله إذا لذهب كل إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض ) أي : لو قدر تعدد الآلهة ، لانفرد كل منهم بما يخلق ، فما كان ينتظم الوجود . والمشاهد أن الوجود منتظم متسق ، كل من العالم العلوي والسفلي مرتبط بعضه ببعض ، في غاية الكمال ، ( ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت ) [ الملك : 3 ] ثم لكان كل منهم يطلب قهر الآخر وخلافه ، فيعلو بعضهم على بعض . والمتكلمون ذكروا هذا المعنى وعبروا عنه بدليل التمانع ، وهو أنه لو فرض صانعان فصاعدا ، فأراد واحد تحريك جسم وأراد الآخر سكونه ، فإن لم يحصل مراد كل واحد منهما كانا عاجزين ، والواجب لا يكون عاجزا ، ويمتنع اجتماع مراديهما للتضاد . وما جاء هذا المحال إلا من فرض التعدد ، فيكون محالا فأما إن حصل مراد أحدهما دون الآخر ، كان الغالب هو الواجب ، والآخر المغلوب ممكنا; لأنه لا يليق بصفة الواجب أن يكون مقهورا; ولهذا قال : ( ولعلا بعضهم على بعض سبحان الله عما يصفون ) أي : عما يقول الظالمون المعتدون في دعواهم الولد أو الشريك علوا كبيرا .
تفسير الطبري :
التفسير الميسّر:
تفسير السعدي
{ مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ } كذب يعرف بخبر الله، وخبر رسله، ويعرف بالعقل الصحيح، ولهذا نبه تعالى على الدليل العقلي، على امتناع إلهين فقال: { إِذًا } أي: لو كان معه آلهة كما يقولون { لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ } أي: لانفرد كل واحد من الإلهين بمخلوقاته, واستقل بها، ولحرص على ممانعة الآخر ومغالبته، { وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ } فالغالب يكون هو الإله، وإلا فمع التمانع لا يمكن وجود العالم، ولا يتصور أن ينتظم هذا الانتظام المدهش للعقول، واعتبر ذلك بالشمس والقمر، والكواكب الثابتة، والسيارة، فإنها منذ خلقت، وهي تجري على نظام واحد، وترتيب واحد، كلها مسخرة بالقدرة، مدبرة بالحكمة لمصالح الخلق كلهم، ليست مقصورة على مصلحة أحد دون أحد، ولن ترى فيها خللا ولا تناقضا، ولا معارضة في أدنى تصرف، فهل يتصور أن يكون ذلك، تقدير إلهين ربين؟"{ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ } قد نطقت بلسان حالها، وأفهمت ببديع أشكالها، أن المدبر لها إله واحد كامل الأسماء والصفات، قد افتقرت إليه جميع المخلوقات، في ربوبيته لها، وفي إلهيته لها، فكما لا وجود لها ولا دوام إلا بربوبيته، كذلك، لا صلاح لها ولا قوام إلا بعبادته وإفراده بالطاعة
تفسير البغوي
( ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله ) أي : من شريك ، ( إذا لذهب كل إله بما خلق ) أي : تفرد بما خلقه فلم يرض أن يضاف خلقه وإنعامه إلى غيره ، ومنع الإله الآخر من الاستيلاء على ما خلق . ( ولعلا بعضهم على بعض ) أي : طلب بعضهم مغالبة بعض كفعل ملوك الدنيا فيما بينهم ، ثم نزه نفسه فقال : ( سبحان الله عما يصفون )
الإعراب:
(مَا) نافية (اتَّخَذَ اللَّهُ) ماض ولفظ الجلالة فاعله (مِنْ) حرف جر زائد (وَلَدٍ) مفعول به محلا (وَما) الواو عاطفة وما نافية (كانَ) ماض ناقص (مَعَهُ) ظرف مكان متعلق بالخبر المحذوف والهاء مضاف اليه والجملة معطوفة (مِنْ) حرف جر زائد (إِلهٍ) اسم كان مجرور لفظا مرفوع محلا (إِذاً) حرف جواب (لَذَهَبَ كُلُّ) اللام واقعة في جواب لو وماض وفاعله (إِلهٍ) مضاف إليه (بِما) ما موصولية ومتعلقان بذهب (خَلَقَ) ماض فاعله مستتر والجملة صلة (وَلَعَلا) معطوف على ذهب (بَعْضُهُمْ) فاعل علا والهاء مضاف إليه (عَلى بَعْضٍ) متعلقان بعلا (سُبْحانَ) مفعول مطلق لفعل محذوف وجملته مستأنفة (اللَّهُ) لفظ الجلالة مضاف إليه (عَمَّا) عن حرف جر وما اسم موصول متعلقان بسبحان (يَصِفُونَ) مضارع مرفوع بثبوت النون والواو فاعل والجملة صلة





 
  
  
  
 