موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

استعراض الفقرات الفصل الأول في المعارف الفصل الثانى في المعاملات الفصل الرابع في المنازل
مقدمات الكتاب الفصل الخامس في المنازلات الفصل الثالث في الأحوال الفصل السادس في المقامات
الجزء الأول الجزء الثاني الجزء الثالث الجزء الرابع
يرجى زيارة هذا الموقع المخصص لكتاب الفتوحات المكية

الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية)

الباب:
فى معرفة منزل التوحيد والجمع وهو يحوى على خمسة آلاف مقام رفرفى وهو من الحضرة المحمدية وأكمل مشاهده من شاهده فى نصف الشهر أو فى آخره
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
 

الصفحة 509 - من الجزء الثالث (عرض الصورة)


futmak.com - الفتوحات المكية - الصفحة  - من الجزء

ويستفرغان في النظر إلى حسنها فإن وقع للمرأة حمل من ذلك الجماع أثر في ذلك الحمل ما تخيلا من تلك الصورة في النفس فيخرج المولود بتلك المنزلة ولا بد حتى أنه إن لم يخرج كذلك فلأمر طرأ في نفس الوالدين عند نزول النطفة في الرحم أخرجهما ذلك الأمر عن مشاهدة تلك الصورة في الخيال من حيث لا يشعرون وتعبر عنه العامة بتوحم المرأة وقد يقع بالاتفاق عند الوقاع في نفس أحد الزوجين أو الزوجين صورة كلب أو أسد أو حيوان ما فيخرج الولد من ذلك الوقاع في أخلاقه على صورة ما وقع للوالدين من تخيل ذلك الحيوان وإن اختلفا فيظهر في الولد صورة ما تخيله الوالد وصورة ما تخيلته الأم حتى في الحس الظاهر في الصورة أو في القبح وهم مع معرفتهم بهذا السلطان لا يرفعون به رأسا في اقتناء العلوم الإلهية لأنهم لجهلهم يطمعون في غير مطمع وهو التجرد عن المواد وذلك لا يكون أبدا لا في الدنيا ولا في الآخرة فهو أمر أعني التجرد عن المواد يعقل ولا يشهد وليس لأهل النظر غلط أعظم من هذا ولا يشعرون بغلطهم ويتخيلون أنهم في الحاصل وهم في الفائت فيقطعون أعمارهم في تحصيل ما ليس يحصل لهم ولهذا لا يسلم عقل من حكم وهم ولا خيال وهو في عالم الملائكة والأرواح إمكان فلا يسلم روح ولا عالم بالله من إمكان يقع له في كل ما يشهده لأن كل ما سوى الله حقيقته من ذاته الإمكان والشي‏ء لا يزول عن حكم نفسه فلا يرى ما يراه من قديم ومحدث إلا بنفسه فيصحبه الإمكان دائما ولا يشعر به إلا من علم الأمر على ما هو عليه فيعقل التجريد وهما ولا يقدر عليه في نفسه لأنه ليس ثم وهنا زلت أقدام الكثيرين إلا أهل الله الخاصة فإنهم علموا ذلك بإعلام الله أ لا ترى إلى زكريا عليه السلام لما دخل على مريم المحراب وهي بتول محررة وقد علم زكريا ذلك ورأى عندها رزقا آتاها الله فطلب من الله عند ذلك أن يهبه ولدا حين تعشق بحالها فقال رب هب لي من لدنك يقول من عندك عندية رحمة ولين وعطف ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعاءِ ومريم في خياله من حيث مرتبتها وما أعطاها الله من الاختصاص بالعناية الإلهية فَنادَتْهُ الْمَلائِكَةُ وهُوَ قائِمٌ يُصَلِّي في الْمِحْرابِ لأنه دخل عليها المحراب عند ما وجد عندها الرزق أَنَّ الله يُبَشِّرُكَ بِيَحْيى‏ مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ من الله وسَيِّداً وهو الكمال لأن مريم كملت فكمل يحيى بالنبوة وحَصُوراً وهو الذي اقتطعه الله عن مباشرة النساء وهو العنين عندنا كما اقتطع مريم عن مباشرة الرجال وهي البتول فكان يحيى عليه السلام زير نساء كما كانت حنة مريم لأن المريم المنقطعة من الرجال واسمها حنة ومريم لقب لها وصفت به لما ذكرناه آنفا فانظر ما أثر سلطان الخيال من زكريا في ابنه يحيى عليه السلام حين استفرغت قوة زكريا في حسن حال مريم عليه السلام لما أعطاها الله من المنزلة ونَبِيًّا من الصَّالِحِينَ فما عصى الله قط وهو طلب الأنبياء كلهم أن يدخلهم الله برحمته في عباده الصالحين وهم الذين لم يقع منهم معصية قط كبيرة ولا صغيرة وما رأيت أعجب من حال زكريا عليه السلام وما رأيت من ظهر فيه سلطان الإنسانية مثله هو الذي يقول هَبْ لِي من لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً فما سأل حتى تصور الوقوع ولا بقوله رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وامْرَأَتِي عاقِرٌ فأين هذه الحالة من تلك الحالة فإن لم يكن ثم قرينة حال جعلته أن يقول مثل هذا حتى يقال له في الوحي كَذلِكَ الله يَفْعَلُ ما يَشاءُ فيكون قصده إعلام الله بذلك حتى يعلم غيره إِنَّ الله يَفْعَلُ ما يَشاءُ في المعتاد أن يخرقه كما وقع وإن كان ذلك القول من نفسه فقد أعطته الإنسانية قوتها فإن الإنسان بذاته كما ذكره الله في كتابه فما ذكره الله في موضع إلا وذكر عند ذكره صفة نقص تدل على خلاف ما خلق له لأن الله خلق الإنسان في أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ وهو أنه خلقه تعالى ثم رده إلى أسفل سافلين ليكون له الرقي إلى ما خلقه الله له ليقع الثناء عليه بما ظهر منه من رقية فمن الناس من بقي في أسفل سافلين الذي رد إليه وإنما رد إليه لأنه منه خلق ولو لا

ذلك ما صح رده وليس أريد بأسفل سافلين إلا حكم الطبيعة التي منه نشأ عند ما أنشأ الله صورة جسده وروحه المدبرة له فرده إلى أصل ما خلقه منه فلم ينظر ابتداء إلا إلى طبيعته وما يصلح جسده وأين هو من قوله بلى عن معرفة صحيحة

[أن في حضرة الخيال في الدنيا يكون الحق محل تكوين العبد]

واعلم أن في حضرة الخيال في الدنيا يكون الحق محل تكوين العبد فلا يخطر له خاطر في أمر ما إلا والحق يكونه في هذه الحضرة كتكوينه أعيان الممكنات إذا شاء ما يشاء منها فمشيئة العبد في هذه الحضرة من مشيئة الحق فإن العبد ما يشاء إلا أن يشاء الله فما شاء الحق إلا أن يشاء العبد في الدنيا ويقع بعض ما يشاء العبد في الدنيا في الحس وأما في الخيال فكمشيئة الحق في النفوذ فالحق‏


مخطوطة قونية
8267
8268
8269
8270
8271
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
  الفتوحات المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين.

 

البحث في كتاب الفتوحات المكية

الصفحة 509 - من الجزء الثالث (اقتباسات من هذه الصفحة)

[الباب: 560] - فى وصية حكمية ينتفع بها المريد السالك والواصل ومن وقف عليها إن شاء الله تعالى (مقاطع فيديو مسجلة لقراءة هذا الباب)



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!