
فصوص الحكم وخصوص الكلم
للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
مع تعليقات الدكتور أبو العلا عفيفي
[نسخة أخرى فيها التعليقات فقط]
![]() |
![]() |
فإن له حداً يقف عنده إذا جاوزه «1» صاحب الكشف واليقين. ولهذا جاء موسى في الجواب «2» بما يقبله الموقن والعاقل خاصة «19». «فَأَلْقى عَصاهُ»*، وهي صورة ما عَصَى به فرعونُ موسى في إبائه عن إجابة دعوته، «فَإِذا هِيَ ثُعْبانٌ مُبِينٌ»* أي حيَّة ظاهرة. فانقلبت المعصية التي هي السيئة طاعة أي حسنة كما قال «يُبَدِّلُ الله سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ» يعني في الحكم. فظهر الحكم هنا عيناً متميزة في جوهر واحد «20». فهي العصا وهي الحية والثعبان الظاهر، فالتقم أمثاله من الحيَّات من كونها حية والعصيَّ من كونها عصاً. فظهرت «3» حجة موسى على حجج فرعون في صورة عِصيّ وحيات وحبال، فكانت للسحرة الحبال «4» ولم يكن لموسى حبل. والحبل التل الصغير: أي مقاديرهم بالنسبة إلى قدر موسى بمنزلة الحبال من الجبال الشامخة. فلما رأت السحرة ذلك علموا رتبة موسى في العلم، وأن الذي رأوه ليس من مقدور البشر: وإن كان من مقدورا لبشر فلا يكون إلا ممن له تميز «5» في العلم المحقَّق عن التخيل والإيهام. فآمنوا برب العالمين رب موسى وهارون: أي الرب الذي يدعو إليه موسى وهارون، لعلمهم بأن القوم يعلمون أنه ما دعا لفرعون. ولما كان فرعون في منصب التحكم صاحب الوقت، وأنه الخليفة بالسيف- وإن جار في العرف الناموسي- لذلك قال «أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى»: أي وإن كان الكل أرباباً بنسبة ما «6» فأنا الأعلى منهم بما أُعْطِيته في الظاهر من التحكم فيكم. ولما علمت السحرة صدقه في مقاله لم ينكروه وأقروا له بذلك فقالوا له: إنما تقضي هذه الحياة الدني
(1) ب: حاوره
(2) ب: بالجواب
(3) ا: فظهر
(4) ب: الجبال
(5) ب: تمييز
(6) ب: بنسبة ما وإضافة لمن ير به: ولعل هذه الإضافة مقتبسة من شرح القاشاني لأنها واردة فيه.
![]() |
![]() |
البحث في نص الكتاب
يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!