موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

معرض الصور

قراءة وشرح كتب الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

موقع القناة على اليوتيوب

1- الباب الأول في معرفة الروح الذي أخذ الشيخ محي الدين من تفصيل نشأته ما سطره في الفتوحات المكية

قلت عند الطواف كيف أطوف *** وهو عن درك سرنا مكفوف‏
جلمد غير عاقل حركاتي *** قيل أنت المحير المتلوف‏
انظر البيت نوره يتلألأ *** لقلوب تطهرت مكشوف‏
نظرته بالله دون حجاب *** فبدا سره العلي المنيف‏
وتجلى لها من أفق جلالي *** قمر الصدق ما اعتراه خسوف‏
لو رأيت الولي حين يراه *** قلت فيه مدله ملهوف‏
يلثم السر في سواد يميني *** أي سر لو أنه معروف‏
جهلت ذاته فقيل كثيف *** عند قوم وعند قوم لطيف‏
قال لي حين قلت لم جهلوه *** إنما يعرف الشريف الشريف‏
عرفوه فلازموه زمانا *** فتولاهم الرحيم الرءوف‏
واستقاموا فما يرى قط فيهم *** عن طواف بذاته تحريف‏
قم فبشر عني مجاور بيتي *** بأمان ما عنده تخويف‏
إن أمتهم فرحتهم بلقائي *** أو يعيشوا فالثوب منهم نظيف‏
اعلم أيها الولي الحميم والصفي الكريم أني لما وصلت إلى مكة البركات ومعدن السكنات الروحانية والحركات وكان من شأني فيه ما كان طفت ببيته العتيق في بعض الأحيان فبينا أنا أطوف مسبحا وممجدا ومكبرا ومهللا تارة ألثم واستلم وتارة للملتزم التزم إذ لقيت وأنا عند الحجر الأسود باهت الفتى الفائت المتكلم الصامت الذي ليس بحي ولا مائت المركب البسيط المحاط المحيط فعند ما أبصرته يطوف بالبيت طواف الحي بالميت عرفت حقيقته ومجازه وعلمت إن الطواف بالبيت كالصلاة على الجنازة وأنشدت الفتى المذكور ما تسمعه من الأبيات عند ما رأيت الحي طائفا بالأموات شعر
ولما رأيت البيت طافت بذاته *** شخوص لهم سر الشريعة غيبي‏
وطاف به قوم هم الشرع والحجا *** وهم كحل عين الكشف ما هم به عمى‏
تعجبت من ميت يطوف به حي *** عزيز وحيد الدهر ما مثله شي‏ء
تجلى لنا من نور ذات مجله *** وليس من الأملاك بل هو أنسي‏
تيقنت أن الأمر غيب وأنه *** لدى الكشف والتحقيق حي ومرئي‏
قلت فعند ما وقعت مني هذه الأبيات وألحقت بيته المكرم من جهة ما بجانب الأموات خطفني مني خطفة قاهر وقال لي قولة رادع زاجر انظر إلى سر البيت قبل الفوت تجده زاهيا بالمطيفين والطائفين بأحجاره ناظرا إليهم من خلف حجبه وأستاره فرأيته يزهو كما قال فأفصحت له في المقال وأنشدته في عالم المثال على الارتجال‏
أرى البيت يزهو بالمطيفين حوله *** وما الزهو إلا من حكيم له صنع‏
وهذا جماد لا يحس ولا يرى *** وليس له عقل وليس له سمع‏
فقال شخيص هذه طاعة لنا *** قد أثبتها طول الحياة لنا الشرع‏
فقلت له هذا بلاغك فاستمع *** مقالة من أبدى له الحكمة الوضع‏
رأيت جمادا لا حياة بذاته *** وليس له ضر وليس له نفع‏
ولكن لعين القلب فيه مناظر *** إذا لم يكن بالعين ضعف ولا صدع‏
يراه عزيزا إن تجلى بذاته *** فليس لمخلوق على حمله وسع‏
فكنت أبا حفص وكنت علينا *** فمني العطاء الجزل والقبض والمنع‏
(وصل) ثم إنه أطلعني على منزلة ذلك الفتى ونزاهته عن أين ومتى فلما عرفت منزلته وإنزاله وعانيت مكانته من الوجود وأحواله قبلت يمينه ومسحت من عرق الوحي جبينه وقلت له انظر من طالب مجالستك وراغب في مؤانستك فأشار إلى إيماء ولغزا إنه فطر على أن لا يكلم أحدا إلا رمزا وإن رمزى إذا علمته وتحققته وفهمته علمت أنه لا تدركه فصاحة الفصحاء ونطقه لا تبلغه بلاغة البلغاء فقلت له يا أيها البشير وهذا خير كثير فعرفني باصطلاحك وأوقفني على كيفية حركات مفتاحك فإني أريد مسامرتك وأحب مصاهرتك فإن عندك الكفؤ والنظير وهو النازل بذاتك والأمير ولو لا ما كانت لك حقيقة ظاهرة ما تطلعت إليه وجوه ناضرة ناظرة فأشار فعلمت وجلى لي حقيقة جماله فهيمت فسقط في يدي وغلبني في الحين علي فعند ما أفقت من الغشية وأرعدت فرائصى من الخشية علم أن العلم به قد حصل وألقى عصا سيره ونزل فتلا حاله على ما جاءت به الأنباء وتنزلت به الملائكة الأمناء إِنَّما يَخْشَى الله من عِبادِهِ الْعُلَماءُ فجعلها دليلا واتخذها إلى معرفة العلم الحاصل به سبيلا فقلت له أطلعني على بعض أسرارك حتى أكون من جملة أحبارك فقال انظر في تفاصيل نشأتي وفي ترتيب هيأتي تجد ما سألتني عنه في مرقوما فإني لا أكون مكلما ولا كليما فليس علمي بسواي وليست ذاتي مغايرة لأسمائي فأنا العلم والمعلوم والعليم وأنا الحكمة والمحكم والحكيم ثم قال لي طف على أثري وانظر إلي بنور قمري حتى تأخذ من نشأتي ما تسطره في كتابك وتمليه على كتابك وعرفني ما أشهدك الحق في طوافك من اللطائف مما لا يشهده كل طائف حتى أعرف همتك ومعناك فأذكرك على ما علمت منك هناك‏
فقلت أنا أعرفك أيها الشاهد المشهود ببعض ما أشهدني من أسرار الوجود المترفلات في غلائل النور والمتحدات العين من وراء الستور التي أنشأها الحق حجابا مرفوعا وسماء موضوعا والفعل إلى الذات لطيف ولعدم دركه على شريف‏
فوصفه ألطف من ذاته *** وفعله ألطف من وصفه‏
وأودع الكل بذاتي كما *** أودع معنى الشي‏ء في حرفه‏
فالخلق مطلوب لمعنى كما *** يطلب ذات المسك من عرفه‏
ولو لا ما أودع في ما اقتضته حقيقتي ووصلت إليه طريقتي لم أجد لمشربه نيلا ولا إلى معرفته ميلا ولذلك أعود علي عند النهاية ولهذا يرجع فخذ البيكار في فتح الدائرة عند الوصول إلى غاية وجودها إلى نقطة البداية فارتبط آخر الأمر بأوله وانعطف أبده على أزله فليس إلا وجود مستمر وشهود ثابت مستقر وإنما طال الطريق من أجل رؤية المخلوق فلو صرف العبد وجهه إلى الذي يليه من غير أن يخل فيه لنظر إلى السالكين إذا وصلوا بعين بئس والله‏ ما فعلوا ولو عرفوا من مكانهم ما انتقلوا لكن حجبوا بشفعية الحقائق عن وترية الحق الخالق الذي خلق الله به الأرض والطرائق فنظروا مدارج الأسماء وطلبوا معارج الإسراء وتخيلوها أعظم منزلة تطلب وأسنى حالة يقصد الحق تعالى فيها ويرغب فسير بهم على براق الصدق ورفارفه وحققهم بما عاينوه من آياته ولطائفه وذلك لما كانت النظرة شمالية وكانت الفطرة على النشأة الكمالية تقابل بوجهها في أصل الوضع نقطة الدائرة فشطر مهجتها من الجانب الأيمن منقبة ومن الجانب الغربي سافرة فلو سفرت عن اليمين لنالت من أول طرفتها مقام التمكين في مشاهدة التعيين ويا عجبا لمن هو في أعلى عليين ويتخيل أنه في أسفل سافلين أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ من الْجاهِلِينَ ...

مقاطع مشابهة
مقاطع عشوائية من كتب مختلفة
كتب ورسائل أخرى


يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!