موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

معرض الصور

قراءة وشرح كتب الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

موقع القناة على اليوتيوب

25- فص حكمة علوية في كلمة موسوية - من فصوص الحكم وخصوص الكلم للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

http://www.ibnalarabi.com/video حكمة قتل الأبناء من أجل موسى ليعود إليه بالإمداد حياة كل من قُتِل من أجله لأنه قتل على أنه موسى.
وما ثَمَّ جهلٌ‏ ، فلا بد أن تعود حياته على موسى أعني حياة المقتول من أجله- وهي حياة طاهرة على الفطرة لم تدنسها الأغراض‏ النفسية، بل هي على فطرة «بلى».
فكان موسى مجموع حياة من قتل على أنه هو، فكل ما كان مهيئاً لذلك المقتول مما كان استعدادُ روحه له، كان في موسى عليه السلام.
وهذا اختصاص إلهي بموسى لم يكن لأحد من قبله: فإن حِكَمَ موسى كثيرة وأنا إن شاء اللَّه أسرد منها في هذا الباب على قدر ما يقع به الأمر الإلهي في خاطري.
فكان هذا أول ما شوفهتُ به من هذا الباب، فما ولد موسى إل وهو مجموع أرواح كثيرة جمع قوى فعَّالة لأن الصغير يفعل في الكبير.
...
«فَأَلْقى‏ عَصاهُ»*، وهي صورة ما عَصَى به فرعونُ موسى في إبائه عن إجابة دعوته، «فَإِذا هِيَ ثُعْبانٌ مُبِينٌ»* أي حيَّة ظاهرة. فانقلبت المعصية التي هي السيئة طاعة أي حسنة كما قال‏ «يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ» يعني في الحكم.
فظهر الحكم هنا عيناً متميزة في جوهر واحد .
فهي العص وهي الحية و الثعبان الظاهر، فالتقم أمثاله من الحيَّات من كونها حية والعصيَّ من كونها عصاً.
فظهرت‏ حجة موسى على حجج فرعون في صورة عِصيّ وحيات وحبال، فكانت للسحرة الحبال‏ ولم يكن لموسى حبل.
والحبل التل الصغير: أي مقاديرهم بالنسبة إلى قدر موسى بمنزلة الحبال من الجبال الشامخة.
فلما رأت السحرة ذلك علموا رتبة موسى في العلم، وأن الذي رأوه ليس من مقدور البشر: وإن كان من مقدورا لبشر فلا يكون إلا ممن له تميز في العلم المحقَّق عن التخيل والإيهام.
فآمنوا برب العالمين رب موسى وهارون: أي الرب الذي يدعو إليه موسى وهارون، لعلمهم بأن القوم يعلمون أنه ما دعا لفرعون.
و لما كان فرعون في منصب التحكم صاحب الوقت، وأنه الخليفة بالسيف- وإن جار في العرف الناموسي- لذلك قال‏ «أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى‏»: أي وإن كان الكل أرباباً بنسبة ما فأنا الأعلى منهم بما أُعْطِيته في الظاهر من التحكم فيكم.
ولما علمت السحرة صدقه في مقاله لم ينكروه وأقروا له بذلك فقالوا له: إنما تقضي هذه الحياة الدنيا فاقض ما أنت قاض‏ ، فالدولة لك‏ . فصح قوله‏ «أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى‏».
وإن كان عين‏ الحق فالصورة لفرعون. فقطع الأيدي والأرجل وصلب بعين حق في صورة باطل لنيل مراتب لا تنال إلا بذلك الفعل. فإن الأسباب لا سبيل إلى تعطيلها لأن الأعيان الثابتة اقتضتها، فلا تظهر في الوجود إلا بصورة ما هي عليه في الثبوت إذ لا تبديل لكلمات اللَّه.
وليست كلمات اللَّه سوى أعيان الموجودات ، فينسب إليها القدم من حيث ثبوتها، وينسب إليها الحدوث من حيث وجوده وظهورها.
كما تقول حدث عندنا اليوم إنسان وضيف، ولا يلزم من حدوثه أنه ما كان له وجود قبل هذا الحدوث. لذلك‏ قال تعالى في كلامه العزيز أي في إتيانه مع قدم كلامه‏ «ما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وهُمْ يَلْعَبُونَ»: «ما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنَ الرَّحْمنِ مُحْدَثٍ إِلَّا كانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ».
والرحمن‏ لا يأتي إلا يأتي إلا بالرحمة.
ومن أعرض عن الرحمة استقبل العذاب الذي هو عدم الرحمة.
وأما قوله‏ «فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبادِهِ» إلا قوم يونس، فلم يدل ذلك على أنه لا ينفعهم في الآخرة لقوله‏ في الاستثناء إلا قوم يونس، فأراد أن ذلك لا يرفع عنهم الأخذ في الدنيا، فلذلك أخذ فرعون مع وجود الإيمان منه.
هذا إن كان أمره أمر من تيقن بالانتقال في تلك الساعة.
وقرينة الحال تعطي أنه ما كان على يقين من الانتقال، لأنه عاين المؤمنين يمشون في الطريق اليَبَس الذي ظهر بضرب موسى بعصاه البحر.
فلم يتيقن فرعون بالهلاك إذ آمن، بخلاف‏ «فَاقْضِ ما أَنْتَ قاضٍ، إِنَّما تَقْضِي هذِهِ الْحَياةَ الدُّنْيا»
المحتضر حتى لا يلحق به.
فآمن بالذي آمنت به بنو إسرائيل على التيقن‏ بالنجاة، فكان كما تيقن لكن على‏ غير الصورة التي أراد.
فنجاه اللَّه من عذاب الآخرة في نفسه، ونجَّى بدَنه كما قال تعالى‏ «فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً»، لأنه لو غاب بصورته ربما قال قومه احتجب.
فظهر بالصورة المعهودة ميتاً ليُعْلَم أنه هو. فقد عمته النجاة حس ومعنى.
ومن حَقَّت عليه كلمة العذاب الأخروي لا يؤمن و لو جاءته كل آية حتى يروا العذاب الأليم، أي يذوقوا العذاب الأخروي.
فخرج فرعون من هذا الصنف.
هذا هو الظاهر الذي ورد به القرآن.
ثم إنّا نقول بعد ذلك: والأمر فيه إلى اللَّه، لما استقر في نفوس عامة الخلق من شقائه، وما لهم نص‏ في ذلك يستندون إليه. وأما آله فلهم حكم آخر ليس هذا موضعه.
ثم لتعلم أنه ما يقبض اللَّه أحدأل وهو مؤمن أي مصدِّق بما جاءت به الأخبار الإلهية: وأعني من المحتضرين : ولهذا يُكرَه موت الفجاءة وقتل الغفلة.
فأما موت الفجاءة فحدُّه أن يخرج النفس الداخل ولا يدخل النفس الخارج.
فهذا موت الفجاءة. وهذا غير المحتضر.
و كذلك قتل الغفلة بضرب عنقه من ورائه وهو لا يشعر: فيقبض على ما كان عليه من إيمان وكفر.
ولذلك قال عليه السلام «و يحشر على ما عليه مات‏ » كما أنه يُقْبَض على ما كان عليه.
والمحتضر ما يكون إلا صاحب شهود، فهو صاحب إيمان بما ثَمَّة .
فلا يقبض إلا على ما كان عليه، لأن «كان» حرف وجودي‏ لا ينجر معه الزمان إلا بقرائن الأحوال: فيفرق بين الكافر المحتَضَر في الموت وبين الكافر المقتول غفلة والميت فجاءة كما قلنا في حد الفجاءة.
وأما حكمة التجلي و الكلام‏ في صورة النار، فلأنها كانت بغية موسى .
فتجلى له في مطلوبه ليُقْبِلَ عليه ولا يعرض عنه.
فإنه لو تجلى له في غير صورة مطلوبه أعرض عنه لاجتماع همه‏ على مطلوب خاص.
ولو أعرض لعاد عمله عليه وأعرض‏ عنه الحق، وهو مصطفىً مقرب. فمن قربه أنه تجلى له في مطلوبه وهو لا يعلم.
كنار موسى رآها عين حاجته‏ .... وهو الإله ولكن ليس يدريه‏

مقاطع مشابهة
مقاطع عشوائية من كتب مختلفة
كتب ورسائل أخرى


يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!