موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

كتاب شمس المغرب

سيرة الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه

جمع وإعداد: محمد علي حاج يوسف

هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


كتاب الفتوحات المكية للكلام عن الأحكام الفقهية المختلفة للعبادات كالصلاة والصيام والزكاة والحج، ولكنه لم يقحم نفسه في أي جدل وغايته أن يذكر الآراء المختلفة ثم يذكر ما يقول به هو.[1] وكتب كذلك بعض الكتب المتخصصة بالفقه ولكنها ما زالت مخطوطة لم تُطبع، ومنها: "أسرار تكبيرات الصلاة"، "أسرار الوضوء وأركانه"، "جامع الأحكام فيما يتعلق بالحلال والحرام"، "حجة الوداع"، "كتاب الحكم والشرائع"، "رسالة الاستخارة"، "رسالة في أصول الفقه"، "رسالة في الصلاة"، "المحجّة البيضاء في الأحكام الشرعية".

ولقد ذم الشيخ الأكبر بعض أصناف الفقهاء، من غير تحديد أي اسم معيّن، ولكنه أكّد أنه لا يقصد سوى الفقهاء الذين غرّتهم الحياة الدنيا ولم يقصدوا من علومهم وجه الله تعالى بل قصدوا الشهرة والجاه لدى السلاطين كما كان حال أغلبهم.[2] وقد تمثّل ذلك أيضاً في بعض المنامات التي رآها أو رواها عن بعض الصالحين، فقال مثلا في كتاب المبشرات أن رجلا من الصالحين رأى فقهاء البلد الذي كان فيه قد اجتمعوا ودفنوا النبي صلّى الله عليه وسلّم وقد مات بينهم، فاستيقظ الرجل فسأل فوجدهم في مسألة من الحج قد أُبينت لهم الأحاديث الصحيحة التي لا مَطعن فيها فأبوا قبولها وحكموا في المسألة بالرأي وقالوا مذاهب قد استقرت يريد هذا المنازع أن يردها بهذه الأحاديث فتعصبوا عليه.[3]

اعتزاله في المقابر ومصاحبته للموتى (~586/1190)

إن الجذبة التي حصلت للشيخ محي الدين عند دخوله إلى المقبرة كما ذكرنا أعلاه أطلعته على عالم آخر عادة ما يكون مهجوراً ومهملاً من قبل الناس، بل ويخشى معظم الناس من الاقتراب منه، وذلك عالم الأموات والأرواح. فنحن لا نشك أن الموت ما هو إلا انتقال من عالم المادة إلى عالم الروح، من سجن عالم الشهادة والملك إلى سعة عالم الغيب والملكوت. ولكنّ عجزنا عن الاتصال بهذا العالم وجهلنا به جعلنا نقف منه موقف العداء والحذر. ولكن لمّا تذوّق الشيخ محي الدين هذا العالم واتّصل مع أشخاصه كان دائما يرجع إليهم ويحنّ لهم ويعاشرهم ويكلّمهم ويلقي عليهم الدروس ويحاورهم فيقضي معهم الساعات والأيام بل الشهور معتزلا الناس وخوضهم في أحاديث الهوى.

ذكر مؤيّد الدين الجندي (توفي تقريبا سنة 700/1300) وهو أحد تلاميذ صدر الدين القونوي (توفي 672/1274) الذي تبنّاه ابن العربي كما سنتكلم عن ذلك في الفصل الخامس والفصل السابع إن شاء الله تعالى، ذكر أن الشيخ الأكبر بقي في الخلوة تسعة أشهر حيث دخل الخلوة في محرم وأذن له بالخروج في عيد الفطر. ويبدو أن هذه الخلوة كانت سنة 586 وذلك بعد دخوله الطريق بفترة ليست قصيرة.[4] وربما هذه هي نفسها الخلوة التي ذكرها الشيخ الأكبر في الفتوحات، حين بلغه أن شيخه يوسف بن يخلف



[1] انظر النصف الثاني من الجزء الأول من كتاب الفتوحات المكية، وهي الأبواب: 69-71.

[2] روح القدس: ص4-6، 66، 97، 108.

[3] رسالة المبشرات، مخطوطة بيازيد 1686.

[4] ذكر ذلك الجندي في شرح فصوص الحكم، انظر في "البحث عن الكبريت الأحمر": ص38.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!