موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

كتاب شمس المغرب

سيرة الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه

جمع وإعداد: محمد علي حاج يوسف

هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


وقد ذكرت الباحثة كلوديا عدّاس[1] أنه ربما يكون دخول الشيخ محي الدين في الطريق قبل سنة 580/1184 بكثير، لا سيما وأنه يذكر أن لقاءه الشهير بابن رشد، الذي سنذكره في آخر هذا الفصل، قد تمّ في مرحلة من عمره كان "ما يزال صبيّاً ما بَقُل وجهُه ولا طرَّ شاربُه"، وهذا قد يوحي أن ذلك حصل قبل سنة 580/1184 بعدّة سنوات. ولكنّ هذا التحليل لا يبدو مقنعا رغم ما فيه من بعض الدلائل القويّة وذلك لأنّنا لا نجد نشاطا فعليّا للشيخ محي الدين ابن العربي إلا في سنة 586/1191 وهو يقول كما سنفصّل ذلك أدناه أنه لمّا دعاه الله تعالى إليه أجابه مدّة ثم حصلت عنده فترة، وهي الفترة المعلومة في الطريق عند أهل الله التي لا بدّ منها. فإذا كان قد نال المقامات التي ذكرناها أعلاه سنة 580/1184 كما قال هو عن نفسه فلا يبدو أن ذلك حصل بعد الفترة، لأن الفترة تبدو أنها حصلت بين سنة 580 وسنة 585 حيث لا يوجد له نشاطٌ يُذكر فيها رغم أنه قد أصبح شابّا، فلو كانت الفترة قبل سنة 580 لوجدنا على الأقل بعض الأحداث المهمة بعد ذلك وقبل سنة 585. وسوف نجد أيضاً في الفصل الرابع دليلا قويّا آخرا يؤكّد أنّ دخول الشيخ محي الدين في طريق التصوّف لا يمكن أن يكون قبل سنة 580 لأنّه يقول إنه بقي نحوا من ثمان وثلاثين سنة عازفا عن النساء والزواج إلى أن أتاه الحديث عن النبيّ صلى الله عليه وسلّم الذي يذكر فيه أن الله حبّب إليه من الدنيا ثلاث ومنها النساء، وكان ذلك في مكة سنة 598/1201 بعد أن تعرّف على الشيخ أبي شجاع الأصفهاني إمام الحرم الإبراهيمي وعلى ابنته نظام التي كتب لها ترجمان الأشواق وربّما تزوّجها أو خطبها كما سنتحدّث عن ذلك بالتفصيل في وقته.

فقد كان إذا محمّد يميل إلى التصوّف منذ صغره، فعندما حان الوقت وشاء الله تعالى قضاء ما قد قدّره، اعتزل ابن العربي في إحدى المقابر خارج البلد وهناك وبدون طول مقدمات أتاه الفتح من الله تعالى بشكل مفاجئ من غير جهاد أو رياضة ولا سلوك طريق طويل كما هو الأمر عادة مع أغلب الصوفية. لقد ذكر لاحقا بعض تلاميذه مثل هذه الرواية كما سنرى بعد قليل. والشيخ محي الدين نفسه قد ذكر مثلا في الفتوحات المكية بوضوح أن فتحه قد تقدّم على رياضته، مع أنه التزم بعد ذلك مع بعض شيوخ الصوفية ولو أنه لم تكن على الحقيقة علاقتُه بهم كما هي عادةً علاقة أيّ مريد بشيخه المرشد والتي عادة ما تكون علاقة تعليم واتّباع من المريد للمرشد حتى يأخذ بيده إلى أن يفتح الله عليه. ولكن بما أن الشيخ محي الدين كان على الحقيقة مُراداً قبل أن يكون مريداً ولذلك تمّ فتحه بوقتٍ قصيرٍ جداً وبلغ مراتب الشيوخ رغم صغر سنه، فلذلك كانت علاقته بشيوخه علاقة انتفاع متبادل فتعلّم منهم وعلّمهم، مثل الشيخ أبي يعقوب يوسف الكومي الذي يقول عنه:

وما راضني أحدٌ من مشايخي سواه، فانتفعت به في الرياضة، وانتفع بنا في مواجيده. فكان لي تلميذاً وأستاذاً وكنت له مثل ذلك. وكان الناس يتعجبون من ذلك ولا يعرف واحدٌ منهم سبب ذلك، وذلك سنة ست وثمانين وخمسمائة. فإنه كان قد تقدّم فتحي على رياضتي، وهو مقام خطر، فأفاء الله عليّ



[1] انظر في البحث عن الكبريت الأحمر: ص33-43.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!