موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

كتاب شمس المغرب

سيرة الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه

جمع وإعداد: محمد علي حاج يوسف

هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


ويبدو كما ذكرنا أن أحمد كان أصغر من أخيه محمد الخياط، وربما كان هو من عمر محي الدين وهذا ما جمع بينهما ابتداءً وربما عن طريق أحمد تعرّف ابن العربي على أخيه محمد. ويصف الشيخ محي الدين صديقه أحمد وصفا جميلا فيقول إنه جمع الفضائل، واجتنب الرذائل، عرف الحقّ فلزمه، وكُشف له عن السرّ فكتمه، هو ممن يُنادَى من وراء حجاب.[1] قويّ المجاهدة، كثير المساعدة، وطِيْء الأخلاق، حسن المعاشرة، سمح الخليقة، موافقٌ فيما يرضي الله، مخالفٌ لما لا يرضي الله. لزم الاسم فسما،[2] وعمّر ذكره كل أرضٍ وسما. تراه كأنه ذاهل، سريع الحركة كأنه مطلوب بثأر، يخضع تحت وارد الأسرار، كثير المكاشفة.

ثم يضيف الشيخ محي الدين أن أحمد أبا العباس كان يُخاطب في سرّه (وهو نفس معنى قوله أنه كان ينادى من وراء حجاب) فكانوا عندما يتناقشون في مسألة يغيب عنهم ثم يرجع فيخبرهم بوجه من وجوه المسألة التي هم فيها.

وقد فارق الشيخ محي الدين الأخوين أحمد ومحمد عند ترحاله وهُما أيضاً سافرا معا إلى مصر فسكنا فيها فترةً وصادف وجودهما هناك مجاعة عامة حدثت في مصر كما سنتكلم عنها في الفصل الرابع، وهناك مرض محمد الخياط فلزم أخوه أحمد خدمته إلى أن مات في مصر حيث التقيا بالشيخ الأكبر هناك عندما كان متجها نحو مكة سنة 598/1201، وأرادا الذهاب معه للحج ولكن مرض محمد الخياط منعهما من ذلك.[3]

أمّه الترابية وأمّه الروحية

لا نعلم الكثير عن الأم "الترابية" لابن العربي، لأنه لا يذكرها كثيراً في كتبه، إلا أنها كانت أيضاً من أسرة عريقة وذلك كما سنرى بعد قليل أن خاله يحيى بن يغان (أو: يوجان) كان ملك تلمسان في تونس كما أن خاله الثاني وهو أحد أجداد أمه هو التابعي الشهير أبو مسلم الخولاني الذي كان مقرَّبا من معاوية ابن أبي سفيان.

لقد كان اسم أمه "نور"، وهي التي ولدته وربّته في مرسية وإشبيلية. ولكن ابن العربي يركّز دائما على البنوّة الروحية، فكما أننا نحن جميعا أبناءَ سيّدنا آدم عليه السلام بالجسد، فنحن أبناءُ سيّدنا محمد صلّى الله عليه وسلّم بالروح، وحتى آدم عليه السلام فهو ابنه بالروح. فابن العربي يؤكد في الباب الحادي عشر من الفتوحات المكية الذي وضعه بعنوان: "في معرفة آبائنا العلويات وأمهاتنا السفليات" أن: "كل مؤثِّر أب وكل مؤثَّر فيه أم"،[4] ولقد وضع ابن العربي نظرية شاملة في هذا النكاح الروحي أو المعنوي يفسّر على



[1] انظر قوله تعالى في سورة الشورى: ((وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِن وَرَاء حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاء إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ [51])).

[2] لزم الاسم أي الذكر، أي ذكر اسم الله تعالى.

[3] روح القدس ص59-61.

[4] الفتوحات المكية: ج1ص138.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!