موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

كتاب شمس المغرب

سيرة الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه

جمع وإعداد: محمد علي حاج يوسف

هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


مجبوراً في اختياره، أو تحت العلم الذي يبثّه خاصّة؛ فيلقى ما يشاء ويمسك ما يشاء، أو يلقي ما يعطيه العلم وتحكم عليه المسألة التي هو بصددها حتى تبرز حقيقتها، ونحن في تواليفنا لسنا كذلك إنما هي قلوب عاكفة على باب الحضرة الإلهية، مراقبة لما ينفتح له الباب، فقيرة خالية من كل علم، لو سُئلت في ذلك المقام عن شيء ما سمعت لفقدها إحساسها؛ فمهما برز لها من وراء ذلك الستر أمرٌ ما بادرت لامتثاله وألّفته على حسب ما يحدّ لها في الأمر.[1]

وعلى كلّ حال فإن هذا لا يعني أن الشيخ محي الدين لم يطّلع على الكتب الأخرى، وإن كان على الحقيقة لم يعكف أبدا على الدراسة إلا فيما يخص القرآن الكريم والحديث الشريف، كما سنرى في الفصل القادم، وهو لم يتطرّق أبداً للعلوم النظرية كالفلسفة والفقه وغيرها.

أما بخصوص المذاهب الصوفية الأخرى، فإن الشيخ محي الدين كذلك لم يتأثّر بها بمعنى أنّه لم يقم بتقمّص أي مذهب محدد، ولكنه لا شكّ اتّبع سنّة أهل الله في الذكر والزهد والخلوة وغيرها مما هو معروف في طريق الصوفية. وكما سنرى في الفصل القادم، فإن الشيخ محي الدين رضي الله عنه قد سبق فتحه رياضته، بمعنى أنه لم يسلك طريق التصوف ابتداءً ولم يمرّ في مراحل السلوك الطويلة التي عادة ما يكابدها المريدون حتى يصلوا إلى الفتح، بل كان الأمر معكوسا بالنسبة له لأنه كان مُراداً قبل أن يكون مريداً.

ومع ذلك فقد التزم الشيخ الأكبر مع شيوخ التصوف المعروفين في وقته كما سنذكرهم بعد قليل في الفصل الثاني، ولكنّه لم يتأثّر كثيرا بالصوفية السابقين رغم أنه كثيرا ما يستشهد بكلامهم. وهذا بخلاف ما يحاول الباحث أسين بلاثيوس إثباته في كتبه بأن الشيخ محي الدين قد تأثر بالمدارس الصوفية التي كانت سائدة في الأندلس كمدرسة المرية وابن مسرّة (توفي 319/931) مع أنه أحيانا يستشهد بأقواله.[2]

شرح قصيدة مطلع الفصل

كما سنفعل في بداية كل فصل، فقد وضعنا قصيدة صغيرة في بداية هذا الفصل فيها إشارات على محتوى الفصل وأهميّته، وهذه العادة أخذناها من الشيخ محي الدين رضي الله عنه وهو الذي يبدأ جميع الأبواب الستين والخمسمائة في الفتوحات المكية وكذلك العديد من أبواب كتبه الأخرى بقصائد مختصرة.

وفي هذه القصيدة التي ذكرناها أعلاه يفتخر الشيخ محي الدين بنسبه الحاتمي وباسمه الذي هو على اسم النبي محمد صلّى الله عليه وسلّم، ثم يضيف أن ذلك ليس ادّعاءً وتبلّدا بل هو حقيقة رغم بعد مكان المولد عن مكان المنشأ. ولقد نسب الشيخ نفسه في قصيدة أخرى إلى اليمن حيث قال في ترجمان



[1] الفتوحات المكية: ج1ص59.

[2] الفتوحات المكية: ج1ص148-149، ج2ص581.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!