موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

كتاب شمس المغرب

سيرة الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه

جمع وإعداد: محمد علي حاج يوسف

هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


الحديث الصحيح الذي رواه مسلم: "أَيُّمَا امْرئٍ قَالَ لأَخِيهِ: يَا كَافِرُ، فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا؛ إِنْ كَانَ كَمَا قَالَ، وَإِلاَّ رَجَعَتْ عَلَيْهِ."[1] وكذلك قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الذي رواه أبو داود عن أنس بن مالك رضي الله عنهم: "ثلاثٌ من أصل الإِيمان: الكفُّ عمَّن قال لا إله إلا الله، ولا نكفِّره بذنبٍ، ولا نخرجه من الإِسلام بعملٍ؛ والجهاد ماض منذ بعثني الله إلى أن يقاتل آخرُ أمتي الدجالَ، لا يبطله جور جائرٍ، ولا عدل عادلٍ؛ والإِيمان بالأقدار."[2] وكذلك يقول الشيخ محي الدين في وصاياه: "واحذر أن تكفّر مؤمناً فإن تكفير المؤمن كقتله".[3]

فلا شك أنّ مشكلة التكفير هي من أعتى الفتن التي عصفت بالمسلمين منذ الخلافة الراشدية وعصر الفتنة، ولقد كان لها الأثر العظيم في التفرقة وتشتيت شمل المسلمين وسفك الدماء بغير حق. وأول ما ظهرت هذه الفتنة على يد مجموعة عُرفت باسم الخوارج وهم الفئة التي خرجت على الإمام عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه بعد أن كانت تحارب معه، ثم بعد ذلك كفّروه وقتلوه. ومع ذلك فقد اختلف جمهور العلماء في تكفير الخوارج، حتى إن ابن بطّال قال: ذهب جمهور العلماء إلى أن الخوارج غير خارجين من جملة المسلمين لأنّ من ثبت له عقد الإسلام بيقين لا يخرج منه إلا بيقين، وقال: وسئل عليّ عن أهل النهروان هل كفروا؟ فقال: من الكفر فرّوا، وقال في "المفهم": باب التكفير خطر ولا يعدل بالسلامة شيء.[4]

ومع أن هذه الفئة لم تستمر طويلا نظراً لهشاشة مذهبهم وشدة اختلافهم وانقسامهم على أنفسهم، إلاّ أنّ بعض أعلام المسلمين نهجوا نهجهم إلى حدّ كبير وخاصة في ما يخصّ التكفير. ولقد استغل الاستعمار البريطاني هذه الثغرة أيّما استغلال ليزيد الشقّة بين المسلمين ويزرع الفتن من جديد حتى سفك المسلمون دماء بعضهم البعض؛ الأمر الذي أدى إلى انتهاء الخلافة الإسلامية وتفرق بلاد المسلمين إلى دول ودويلات لا تزال مستعمرة بشكل مباشر وغير مباشر. ومع أن ذلك أصبح من الماضي وتلاه صحوة محدودة بسبب تفتّح المسلمين على أصول الإسلام وروحه السمحة عندما تيسّرت لهم سبل دراسة الفقه والعلوم الإسلامية، إلا أننا ما زلنا نلاحظ الكثير من المسلمين اليوم يطلقون دعاوي التكفير على كلّ من لم يوافق مذهبهم أو من لم يفهموا هُم مذهبه، أو لمجرّد ما يصلهم عنه من الدعاوي المدسوسة والمغرضة من غير أن يتبيّنوا النبأ.



[1] صحيح مسلم، الجزء الثاني، تتمَّة كتاب الإيمان، باب بيان حال إيمان من قال لأخيه المسلم: يا كافر. انظر كذلك في صحيح البخاري، الجزء الرابع، كتاب الأدب، الحديث رقم: 5753.

[2] سُنَنُ أبي دَاوُد، الجزء الثاني، كتاب الجهاد، باب في الغزو مع أئمة الجوْر، الحديث رقم 2532.

[3] الفتوحات المكية: ج4ص489.

[4] انظر في: فتح الباري، شرح صحيح البخاري، للإمام ابن حجر العسقلاني، المجلد الثاني عشر، كِتَاب اسْتِتَابَةِ الْمُرْتَدِّينَ وَالْمُعَانِدِينَ وَقِتَالِهِمْ، باب مَنْ تَرَكَ قِتَالَ الْخَوَارِجِ لِلتَّأَلُّفِ وَأَنْ لا يَنْفِرَ النَّاسُ عَنْهُ. وانظر كذلك في: ‏فيض القدير، شرح الجامع الصغير، للإمامِ المناوي، الجزء الثالث، الحديث رقم 4148. وانظر أيضاً في كنز العمال: رقم 31568.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!