موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

كتاب شمس المغرب

سيرة الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه

جمع وإعداد: محمد علي حاج يوسف

هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


(518/1124-567/1171)

فبعد سقوط دولة المرابطين بدأت فترة ملوك الطوائف الثانية، مثل ابن مردنيش وبني غانية، إلا أن هذه الممالك لم تعمّر طويلا، فقد زحفت جيوش الموحدين إلى الأندلس لتحلّ مكان قوات المرابطين كما رأينا. فخاض عبد المؤمن وبنوه حروبا كثيرة ضد ابن مردنيش الذي استعان بالنصارى على الموحّدين، فهزمهم عبد المؤمن، وقتلهم أبرح قتل، واستخلص غرناطة سنة 557/1163 من يد ابن مردنيش. فاستقر ابن مردنيش في مرسية وفالنسيا إلى أن مات سنة 568/1172 فاستولى الموحدون على إمارته.

وابن مردنيش هو محمد بن سعد بن محمد بن أحمد بن مردنيش الجذامي الأندلسي، كان صهراً لأبي محمد عبد الله بن عياض فارس الأندلس، وبطلها المشهور الذي دافع عن شرقي الأندلس في أواخر دولة المرابطين، فلما توفي ابن عياض اتفق رأي أجناده على تقديم ابن مردنيش عليهم، وكان صغير السن شاباً، لكنه كان ممن يُضرب بشجاعته المثل.[1]

وقد اهتم ابن مردنيش بجمع الصناع واشتغل ببناء القصور العجيبة والبساتين العظيمة، فبعد أن تولّى مرسية بعد ابن عياض وضمّ إليها بلنسية وشاطبة ودانية واتسعت إمارته، طمع بقرطبة وإشبيلية وكاد يستولي على جميع الأندلس، فنهض الموحدون لقتاله فلم يتردّد بالاستعانة بالإسبان عليهم، وكان ذلك أكبر زلاته، ولكنهم غلبوه وحصروه بمرسية، فمات في أثناء الحصار. قال الصفدي: سقته والدته السم، ولما أحس بالموت أمر أهله بتسليم البلاد إلى ابن عبد المؤمن. فحين رآهم يوسف بن عبد المؤمن فرح بهم، وسرّه قدومهم عليه، وتسلم بلادهم وتزوج أختهم، وأكرمهم وأقاموا معه. ولا شك أن والد ابن العربي الذي كان من المقربين عند ابن مردنيش ذهب معهم إلى إشبيلية وكان ذلك سنة 568/1172 حين كان ابن العربي قد بلغ من العمر ثمانية سنين.

يقول الشيخ محي الدين عن ابن مردنيش سلطان مرسية:

ولقد نادى بعض الرعايا سلطاناً كبيراً بمرسية فلم يجبه السلطان، فقال الراعي كلمني فإن الله تعالى كلّم موسى. فقال له السلطان حتى تكون أنت موسى! فقال له الراعي حتى تكون أنت الله! فمسك السلطان له فرسه حتى ذكر له حاجته فقضاها. كان هذا السلطان صاحب شرق الأندلس يقال له محمد بن سعد بن مردنيش الذي وُلدت أنا في زمانه وفي دولته بمرسية.[2]



[1] سير أعلام النبلاء، تصنيف الإمام شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي، حقق نصوصه وخرج أحاديثه وعلق عليه شعيب الأرنؤوط وحسين الأسد، مؤسسة الرسالة-بيروت، 1981-1986: ج20ص240-242.

[2] الفتوحات المكية: ج4ص264، انظر كذلك في محاضرة الأبرار: ج1ص34.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!