موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

كتاب شمس المغرب

سيرة الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه

جمع وإعداد: محمد علي حاج يوسف

هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


سورة الإسراء عن النبي صلّى الله عليه وسلّم عندما أسرى به إلى المسجد الأقصى: ((سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ ... [1])) وقال عن الخضر عليه السلام في سورة الكهف: ((... عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَا ... [65]))، والكل على الحقيقة عباد الله سواء الملائكة أو الجن أو الإنس كما يقول الله تعالى في سورة مريم ((إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا [93])).

ولكن العبودية لها مراتب لأنها تتعلق بأسماء الله تعالى الفاعلة في الكون، فمثلاً إن الذي يطلب الرزق هو عبد الرزاق والذي يطلب المغفرة هو عبد الغفور والذي يطلب العلم هو عبد العليم وهكذا كل عبد يتعلق تلقائياً باسم من أسماء الله الحسنى أو ببعضها، فأعظم هذه المراتب في العبودية هو العبد الذي يتعلق بالاسم الجامع وهو اسم الله سبحانه تعالى الذي هو اسم الذات الإلهية من غير نظرٍ لأيّة نسبة معينة. ولكن التحقق في هذا المقام هو المطلوب وليس فقط الدعوى، فليس كلّ من سمّي عبد الله هو عبدٌ لله وحده.

ففي الليلة التي كتب فيها الشيخ الأكبر الباب الأحد عشر وثلاثمائة من الفتوحات المكية رأى رؤية عظيمة سرّ بها كثيرا واستيقظ وهو ينشد بيتاً كان قد عمله قبل ذلك في نفسه وهو من باب الفخر وهو:

في كل عصـر واحد يسمو به

وأنا لباقي العصـر ذاك الواحد[1]

وحُقَّ له أن يفخر لأنه يقول إنه لا يعرف في ذلك اليوم في علمه من تحقق بمقام العبودية أكثر منه وإن كان ثَمّ فهو مثله فإنه بلغ من العبودية غايتها فهو العبد المحض الخالص لا يعرف للربوبية طعماً.[2]

ولقد ذكرنا القصيدة الكاملة التي منها هذا البيت في بداية الفصل الأول وشرحناها في آخره وقلنا هناك أن هذا البيت منقوش على مدخل الحجرة التي فيها ضريح الشيخ محي الدين في دمشق.

الأوتاد في الشام (دمشق)

لقد ذكرنا بعض الأحاديث النبوية الشريفة أعلاه حول سبب تفضيل الشام، ورأينا أن بعض هذه الأحاديث تحدد أن "الأبدال في أهل الشام، وبهم يُنصرون، وبهم يُرزقون" وأن "الأبدال بالشام، وهم أربعون رجلا، كلما مات رجل أبدل الله مكانه رجلا: يُسقى بهم الغيث، ويُنتصر بهم على الأعداء، ويُصرف عن أهل الشام بهم العذاب".

وبالإضافة إلى ذلك فإن الشيخ محي الدين يقول إنه رأى الأوتاد أيضاً في دمشق. وقد ذكرنا كذلك في الفصول السابقة التسلسل الهرمي للأولياء والذي يعلوه القطب ثم الإمامان ثم الأوتاد الأربعة الذين يقول الشيخ محي الدين أنه لقيهم بدمشق فعرف أنهم هم وقد كان رآهم ببلاد الأندلس واجتمعوا به ولم يكن يعلم أن لهم هذا المقام، بل حسبهم من جملة عباد الله.[3]


[1] ولقد قرأت هذا البيت أمام سيدي الشيخ رمضان ديب، فصححه بقوله: "وأنا لهذا العصر ذاك الواحد".

[2] الفتوحات المكية: ج3ص41.

[3] الفتوحات المكية: ج2ص13.



  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!