موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

كتاب شمس المغرب

سيرة الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه

جمع وإعداد: محمد علي حاج يوسف

هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


وفي دمشق أيضاً كان للشيخ محي الدين رضي الله عنه تجربة فريدة من هذا النوع حيث يقول في الباب الأحد والسبعين وثلاثمائة أنه في ليلة تقييده لبعض ما كان يكتبه في هذا الباب أراه الحق في واقعته رجلاً ربع القامة فيه شقرة فقعد بين يديه وهو ساكت فقال له الحق: هذا عبدٌ من عبادنا أفِده ليكون هذا في ميزانك. فقال الشيخ محي الدين: من هو؟ فقال له الحق: هذا أبو العباس بن جودي، من ساكني البشرّات،[1] فقال الشيخ محي الدين: يا رب، وكيف يستفيد مني وأين أنا منه؟ فقال له الحق: قل فإنه يستفيد منك، فكما أريتك إيّاه أريتُه إيّاك، فهو الآن يراك كما تراه فخاطبه يسمع منك، ويقول مثل ما تقول أنت؛ يقول أُريت رجلاً بالشام يقال له محمد ابن العربي، وأفادني أمراً لم يكن عندي فهو أستاذي.

فعندئذ قال الشيخ محي الدين لذلك الرجل: يا أبا العباس ما الأمر؟ قال: كنت أجهد في الطلب وأنصب وأبذل جهدي فلما كُشف لي علمت أني مطلوب فاسترحت من ذلك الكدّ! فقال له الشيخ: يا أخي من كان خيراً منك وأوصلَ بالحق وأتمَّ بالشهود وأكشفَ للأمر قيل له: "وقل رب زدني علماً"، فأين الراحة في دار التكليف! ما فهمت ما قيل لك، قولك: "علمت أني مطلوب" ولم تدر بماذا! نعم أنت مطلوب بما كنت عليه من الاجتهاد والجدّ، فما هذه الدار دار راحة، فإذا فرغت من أمرٍ أنت فيه فانصب في أمرٍ يأتيك في كل نَفَس، فأين الفراغ؟

فحينئذ تذكّر أبو العباس وشكر الشيخ محي الدين على ذلك.[2]

العصمة (دمشق)

تحدثنا من قبل عن موضوع العصمة وأنها أنواع، فمن العصمة أن لا تجد،[3] ومن العصمة كذلك أن لا تحدّثك نفسك بمعصية، توفيقا من الله تعالى. فيقول الشيخ محي الدين أنه التقى في دمشق بمقصورة الدولعي زاوية عائشة في جامع دمشق، وهو الجامع الأموي، بسليمان الدنبلي وكان عبداً صالحاً كثير البكاء وكان له أنس بالله، فقعد معه وجرى بينهما كلام، فقال سليمان للشيخ الأكبر: يا أخي لي والله أكثر من خمسين سنة ما حدثتني نفسي بمعصية قط، لله الحمد على ذلك.[4]

أمر النبي صلّى الله عليه وسلّم له أن يكتب قصيدة في حق الأنصار (دمشق)

وقد ذكرنا في الفصل الثاني قصة الرؤيا التي رأى فيها يحيى بن الأخفس النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم وأمره أن يُبلغ محي الدين ابن العربي أن يكتب قصيدة في حق الأنصار، وكان ذلك في دمشق.



[1] وهي منطقة في الأندلس قريبة من مضيق جبل طارق.

[2] الفتوحات المكية: ج3ص431.

[3] ذكر السيوطي في الدرر المنتثرة عن عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن عون بن عبد الله أنه كان يقول: "إِنَّ مِنَ الْعِصْمَةِ أَنْ تَطْلُبَ الشَّيْءَ مِنَ الدُّنْيَا فَلاَ تَجِدُهُ" (زيادة الجامع الصغير والدرر المنتثرة، للإمام السيوطي، حرف الهمزة).‏

[4] الفتوحات المكية: ج4ص492.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!