موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

كتاب شمس المغرب

سيرة الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه

جمع وإعداد: محمد علي حاج يوسف

هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


بذلك الهوى الذي عندك فتعلم أنه صاحبك.

ويقول الشيخ محي الدين أن هذا من أخفى دقائق استشراف النفوس على الأشياء من خلف حجاب الغيب؛ فتجهل حالها ولا تدري بمن هامت ولا فيمن هامت ولا ما هيّمها. ثم يقول الشيخ الأكبر أن ذلك هو سبب القبض والبسط الذي يجده الناس ولا يعرفون له سبباً، فبعد ذلك يأتيه ما يحزنه فيعرف أن ذلك القبض كان لهذا الأمر، أو يأتيه ما يسرّه فيعرف أن ذلك البسط كان لهذا الأمر؛ وذلك كلّه من قبيل الاستشراف على الأمور من قبل تكوينها في تعلق الحواس الظاهرة وهي مقدمات التكوين، ويشبه ذلك أخذَ الميثاق كما قال الله تعالى في سورة الأعراف: ((وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ [172]))، فلم يقدر أحد على إنكاره بعد ذلك؛ فتجد في فطرة كلّ إنسان افتقاراً لموجودٍ يستند إليه وهو الله ولا يشعر به، ولهذا قال الله تعالى في سورة فاطر: ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاء إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ [15])).

فكان الشيخ محي الدين يكنّ في نفسه حبّا عميقا للشام وما فيها حيث يقول إنه وجد ميلاً مجهولاً مدة طويلة لحقيقة إلهية متخيلة في صورة جسدية فقال يخاطبها في ذلك بالحال ولسانه:[1]

أقول وعندي من هواك الذي عندي
ولما دخلت الشام خولطت في عقلي
عشقت وما أدري الذي قد عشقته
ولا سمعت أذناي قط بذكره
فجُبت بلاد الله شرقاً ومغربا

مقالة من قال الحبيب له قل لي
فلم أر قبلي في الهوى عاشقاً مثلي
أخالقي المحبوب أم هو من شكلي
فهل قال هذا عاشق غيرنا قبلي
لعلي أرى شخصاً يوافقني علّى

ثمّ في بقيّة القصيدة ألغز الشيخ محي الدين اسم حبيبه ولم يصرّح به لأنّه قال إن هذا من العلم المضاف إلى البخل، أي الذي لا يجوز التصريح به، ولكنّه أعطى بعض المفاتيح التي تعتمد على أسرار الحروف التي ذكرها في الباب الثاني من الفتوحات المكية ببعض التفصيل وكذلك في كتب أخرى أشار إليها مثل كتاب "المبادئ والغايات فيما تحوي عليه حروف المعجم من العجائب والآيات".[2]

انصح عبادي (دمشق)

وكذلك فكما ذكرنا من قبل في الفصل الثالث والفصل الخامس أن الله تعالى قد أمر ابن العربي بشكل مباشر في الرؤيا أن ينصح عباده، وذلك عندما كان في الأندلس وفي مكة، فالأمر أيضاً في دمشق كان كذلك حيث تفرّغ الشيخ كليّاً للتدريس والكتابة.[3]



[1] الفتوحات المكية: ج2ص324.

[2] مؤلفات ابن عربي: ص540.

[3] الفتوحات المكية: ج1ص334، ص658.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!