موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

كتاب شمس المغرب

سيرة الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه

جمع وإعداد: محمد علي حاج يوسف

هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


ولقد فرضنا هنا وعلى الخريطة أنه كان في بلاد الروم عندما استلم كتاب كيكاؤس وعندما ردّ عليه، وسبب هذا الافتراض هو أنه من الواضح من خلال كلام الشيخ محي الدين في آخر ردّه، وخاصة في القصيدة التي أرفقها للملك كيكاؤس مع الكتاب، أنه كان على اطلاع واسع بما يجري في مملكته وحتى في قصره؛ حيث يلوّح له بوجود شخص يسيء استخدام السلطة التي منحها له الملك وينصحه بإقالته.

ولقد استغل أسين بلاثيوس هذا الكتاب لمهاجمة الشيخ محي الدين ابن العربي وكلَّ المسلمين باعتباره أن فيه تحريضاً على الكراهية ضد النصارى.[1] ولكن كلوديا عدّاس ردّت عليه ردّاً شافياً في كتابها "البحث عن الكبريت الأحمر".[2] ونضيف هنا أنه على الرغم من أن كلمات الشيخ محي الدين، والتي هي في الحقيقة بسط للعهد الذي أخذه عمر بن الخطاب رضي الله عنه على أهل الذمة حتى يعيشوا بين المسلمين بسلام، نقول أنه قد تبدو هذه الكلمات قاسية إذا ما أُخذت بمعزل عن الظروف التي كانت في ذلك الوقت، فلا يجوز أن يغيب عنّا أنها كانت في فترة شكّل فيها النصارى خطراً كبيراً على المسلمين وتسبّبوا في قتل الآلاف منهم، ليس فقط خلال الحروب الصليبية التي لم تندمل بعد جراحاتها في ذلك الوقت، ولكن حتى في فترة حكم كيكاؤس وأبيه كيخسرو حيث سيطر الصليبيون على جزء كبير من مملكته ومن سورية وبلاد الشام وكانوا يعيثون في الأرض فساداً وما استطاع ردّهم سوى صلاح الدين بعد حرب سجالٍ دامت سنيناً طوالاً، ومع ذلك فبعد أن استردّ القدس ومعظم بلاد شام منهم وسمح لهم بالخروج إلى بلادهم آمنين كما ذكرنا في الفصل الرابع، ثم مع ذلك عادوا من جديد في آخر حياته وبعد وفاته فعاثوا في الأرض فساداً. وكذلك في هذه الفترة نفسها كان النصارى في الأندلس يقتّلون المسلمين بلا أدنى رحمة ويخرجونهم من هذه الديار بعد أن بنوا فيها حضارة بديعة قائمة على الحب والسلام، ولم يكن هناك أية كراهية أو عداء للنصارى ولا حتى لليهود الذين كانوا يفضلون العيش بين المسلمين.

وكما سنذكر بعد قليل فإن الملك غياث الدين كيخسرو والد عزّ الدين كيكاؤس كان قد استرجع أنطاكية من يد الفرنجة (النصارى) سنة 602/1205 وبقيت بيده حتى سنة 607/1210 حيث هجم الفرنجة عليها وقتلوا من بها من المسلمين من غير رحمة، فربّما كان هذا هو سبب كتابة الملك كيكاؤس لابن العربي يستشيره بأمر النصارى الذين في بلاده.

ومن جهة أخرى نلاحظ في هذا الخطاب كيف أن الشيخ محي الدين يعامل الملك كيكاؤس معاملة الوالد لولده، وينصحه نصيحة إسلامية مخلصة، ويبدو أن العلاقة بينهما كانت علاقة محبة ومودّة ولا شكّ أنهما كانا يلتيقان كثيراً حيث يذكر الشيخ أنه يكتب له كتاباً مختصراً حتى يحين وقت لقائهما.

فيقول الشيخ محي الدين في قسم الوصايا وهو الباب الأخير من الفتوحات المكية أنه كتب وصية ونصيحة إلى السلطان الغالب بأمر الله كيكاؤس صاحب بلاد الروم بلاد يونان رحمه الله جواباً على كتاب



[1] أسين بلاثيوس، "ابن عربي، حياته ومذهبه": ص70.

[2] البحث عن الكبريت الأحمر: ص235-236.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!