موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

كتاب شمس المغرب

سيرة الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه

جمع وإعداد: محمد علي حاج يوسف

هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


عليه وسلّم، هل أدركته؟ قال نعم أنا واحد من جنّ نصيبين الذين قدموا على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فسمعنا منه وما بقي من تلك الجماعة غيري فأنا أحكم في أصحابي بما سمعته من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. ولكن ابن العربي يقول إن الراوي يقول إن الرجل لم يذكر لنا اسم ذلك الرجل من الجن ولا سألت عن اسمه. ويضيف ابن العربي أنّه قد حدث بهذا الحديث الشيخ الذي حدثهم به صاحبَه شمس الدين محمد بن برنقش المعظمي وبرهان الدين إسماعيل بن محمد الأيدني بحلب أيضاً فإنه لمّا كان يحدثهما بهذا الحديث فلما جاؤوا إلى مدينة حلب بعثهما إليه ليحدثهما كما حدثه فحدثهما كما حدثه.[1]

تجلي سورة الإخلاص (حلب)

وفي مدينة حلب اطلع الشيخ محي الدين رضي الله عنه على منزل سورة الإخلاص وسرّ الإخلاص في الدين ولماذا سميت بهذا الاسم خصوصاً وقد خصّص الباب الخامس والأربعين وثلاثمائة من الفتوحات المكية لهذا الموضوع وسماه "في معرفة منزل سرّ الإخلاص في الدين وما هو الدين ولماذا سمي الشرع ديناً وقول النبي صلّى الله عليه وسلّم الخير عادة[2]"، فقال إنه قد تجلت له هذه السورة بمدينة حلب وقيل له لما رآها: هذه سورة لم يطمثها إنس ولا جان، فرأى منه ميلاً عظيماً لها ومنها كذلك ميلاً عظيماً إلى جانبه، وقد مُثّلت له في شبه هذا المنزل الذي كان قد دخله قبل ذلك، ثم قيل له: هي خالصة لك من دون المؤمنين، ففهم الإشارة وعلم أنها ذاته وعين صورته لا غيره، فإنه ما لموجود شيءٌ مُخلَص له ليس لغيره قديمه وحديثه إلا ذاته خاصة، فقال "ها أنا ذا"، وعلم عند ذلك معنى التخليص وعلم ما تُلي عليه فيما أنزل عليه من القرآن[3] عند التلاوة لأنه لما نزل الإلهام بتلاوة سورة الإخلاص رُزق عين الفهم في تسميتها بهذا الاسم دون غيرها من السور؛ فإنها كلُّها نسبُ الله وصفته، وهي عين مجموع العالم، ففهم الإشارة بها في أن العالم مع كونه هو الحق المبين من حيث مجموعه لا من حيث جزء جزء منه؛ فتخلص النسب لله من حيث ذاته، فهذا المجموع هو في الحق عينٌ واحدةٌ وهو في العالم عين الحق المبين.[4]

وهكذا يؤكد الشيخ الأكبر أن كل شيء في العالم تميّز بصفة ما من الصفات المذكورة في سورة الإخلاص، ولكن الله وحده سبحانه قد تميّز بجميع هذه الصفات؛ فلم يشبهه شيء من خلقه، فخلّصت هذه السورة الحقَّ من التشبيه كما خلّصته من التنزيه، وهنا سرّ لطيف يقول عنه الشيخ الأكبر: فإذا فهمت ما أشرنا إليه فاعلم أن سرّ الإخلاص هو سرّ القدر الذي أَخفى الله علمه عن العالم لا بل عن أكثر العالم فميّز الأشياء



[1] الفتوحات المكية: ج3ص49.

[2] حديث: "الخير عادة والشر لجاجة" أخرجه ابن ماجه في المقدمة (باب فضل العلماء والحث على طلب العلم، رقم 221) ورواه ابن حبان في صحيحه من طريق هاشم بن عمار باسناده ومتنه عن معاوية.‏ انظر كنز العمال: حديث رقم28722، وكذلك: 44128.

[3] ليس معنى ذلك أنه ينزل على قلبه قرآن جديد، ولكن القرآن لا يزال ينزل على قلوب الأولياء رضي الله عنهم، بمعنى أنهم لا يزالون يتحققون في حقائق معانيه فيرزقون عين الفهم في آياته.

[4] الفتوحات المكية: ج3ص181.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!