موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

كتاب شمس المغرب

سيرة الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه

جمع وإعداد: محمد علي حاج يوسف

هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


وذكرنا أيضاً أن الشيخ محي الدين لم يكن يعتقد بلباس الخرقة على الوجه التقليدي الذي يفعله الصوفية ولكن لمّا وجد الخضر عليه السلام قد اعتبرها قال بها الشيخ رضي الله عنه وألبسها لبعض الرجال والنساء منهم حفيدته صفية، ولو أن أكثر ذلك كان في المنام، كما سنرى في الفصل السادس.[1]

قضيب البان

ومن الشيوخ الذين يذكرهم الشيخ محي الدين عن فترة وجوده في الموصل شيخٌ يعرف باسم قضيب البان. وعبد الله قضيب البان كان له القدرة على التروحن والتشكل في صور مختلفة كما يشاء من صور بني آدم أمثاله وفي صور الحيوانات والنبات والحجر وقد وقع ذلك منه، فيقول ابن العربي أن في قوة الإنسان ما ليس في قوة عالَم الغيب فإن في قوة الإنسان من حيث روحه التمثل في غير صورته في عالم الشهادة.[2]

وكذلك فقد كان قضيب البان عنده قدرة الفعل بالهمة الذي ذكرناه في الفصل الثاني، وهو أمر عام في الآخرة ولكنه نادر في الدنيا، إلا أنه موجود في الدنيا لأن الله تعالى أبدع العالم ووضع فيه كل مراتب الكمال. فكما يقول الإمام أبي حامد أنه ليس في الإمكان أبدع من هذا العالم لأنه ليس أكمل من الصورة التي خُلق عليها الإنسان الكامل، فلو كان لكان في العالم ما هو أكمل من الصورة التي هي للحضرة الإلهية. ولكن ابن العربي يقول إن الفعل بالهمة في الدنيا ليس لكلّ أحد وإنما قد يكون في الدنيا لغير الولي كصاحب العين والغرانية بأفريقية، ولكن ما يكون بسرعة تكوين الشيء بالهمة في الدار الآخرة وهو في الدار الدنيا نادر شاذ كقضيب البان وغيره وهو في الدار الآخرة للجميع، في الجنة وفي النار، كما ذكرنا في الفصل الثاني.[3]

ومن كرامات قضيب البان أيضاً أنه كان له القدرة على تدبير أكثر من جسم في نفس الوقت فإن الروح الواحد يدبر أجساماً متعددة إذا كان له الاقتدار على ذلك، ويكون ذلك في الدنيا للولي بخرق العادة وفي الآخرة أيضاً، فإن نشأة الإنسان تعطي ذلك. فكان قضيب البان ممّن له هذه القوّة وكذلك ذو النون المصريّ. فكما يدبّر الروح الواحد سائر أعضاء البدن من يدٍ ورجلٍ وسمعٍ وبصرٍ وغيرِ ذلك كما تؤاخذ النفس بأفعال الجوارح على ما يقع منها كذلك الأجساد الكثيرة التي يدبّرها روح واحد أيّ شيء وقع منها يسأل عنه ذلك الروح الواحد وإن كان عين ما يقع من هذا الجسم من الفعل مثل ما يقع من الجسم الآخر فيكون ما يلزمه من المؤاخذة على فعل أحد الجسمين يلزمه على فعل الآخر وإن كان مثله.[4]



[1] الديوان: ص55-60.

[2] الفتوحات المكية: ج3ص42.

[3] الفتوحات المكية: ج1ص259.

[4] الفتوحات المكية: ج1ص621.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!