موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

كتاب شمس المغرب

سيرة الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه

جمع وإعداد: محمد علي حاج يوسف

هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


ثم يقول ابن العربي أنه قصّ تلك الرؤيا على بعض العلماء بمكة من أهل توزر فأخبره في تأويلها بمثل ما وقع له، مع أنه كعادته لم يسمِّ له الرائي.[1]

خاتم الولاية المحمدية (مكة، 599/1203)

فإذاً قد تمّت البشرى في مكة المكرّمة بهذا المقام الرفيع بين الأولياء، ولكن ما هو المعنى الدقيق لمقام خاتم الولاية المحمدية؟ يقول الشيخ محي الدين أن الختم ختمان: ختم للولاية عامّة وهو عيسى عليه السلام عندما سينزل في آخر الزمان في محروسة دمشق ويحكم بدين الإسلام، وختم خاص للولاية المحمدية الذي هو الشيخ محي الدين ابن العربي رضي الله عنه. ولكي نفهم معنى خاتم الولاية المحمدية نعود إلى مفهوم الوراثة النبوية الذي تكلمنا عنه في الفصل الثاني، حيث يقول الشيخ محي الدين أن كل وليّ لا بدّ أن يكون وارثاً لنبيّ ما من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وذلك رغم أنه يدين بدين الإسلام، ولكن الشريعة الإسلامية جاءت مكمّلة للشرائع التي كانت قبلها، فمنها ما هو موجود في شريعة من هذه الشرائع السابقة، ومنها ما هو مختص بها. فمَن كان من الأولياء مختصّاً بعلمٍ ما من الشريعة الإسلامية ممّا كان موجودا من قبل في شريعة سابقة، فهو وارثٌ لنبيّ تلك الشريعة؛ فيقال فيه وارثٌ عيسويّ ووارثٌ موسويّ وهكذا. وأما الوارث المحمدي فهو الذي ورث علوم الشريعة الإسلامية كاملة بما فيها الشرائع الأخرى المتضمنة فيها.

وقد رأينا من قبل في الفصل الثاني أن الشيخ أبا العباس العريبي كان عيسويّ المقام، وكان الشيخ محي الدين في بدايته عيسويّ المقام أيضاً مثل شيخه، ثم ارتقى إلى الوراثة المحمدية الكاملة، وربما حصل ذلك مع هذه الرؤيا في مكّة المكرّمة. وبالإضافة إلى ذلك فإنّه كان خاتم هذا الصنف من الأولياء المحمّديين، وهذا مقام رفيع لا يناله إلا الأفراد من الرجال، وقد بُشّر به الشيخ محي الدين مرات عديدة حتى ناله فعليا في مكة المكرمة في هذه السنة، سنة 599، على ما يبدو.

في الحقيقة لقد بُشّر الشيخ محي الدين أنه سينال مقام الختم منذ بداية دخوله الطريق سنة 580، وذلك جليّ في قوله:

... فدخلنا في كل ما ذكرناه في هذه الإمدادات الإلهية ذوقاً مع عامّة أهل الله وزدنا عليهم باسم إلهي وهو "الآخر" أخذنا منه الرياسة وروح الله الذي يناله المقربون من قوله تعالى (من سورة الواقعة) ((فَأَمَّا إِن كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ [88] فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ [89]))، ونلت هذه المقامات في دخولي هذه الطريقة سنة ثمانين وخمسمائة في مدة يسيرة في حضرة النكاح مع أهل الصفاء وفي حضرة الشكوك مع أهل القهر والغلبة من أجل الاختلال في الشروط وهي المواثيق التي أُخذت على العالم بالله، فمِنّا من غدر



[1] الفتوحات المكية: ج4ص123، وكذلك: ج1ص319.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!