موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

كتاب شمس المغرب

سيرة الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه

جمع وإعداد: محمد علي حاج يوسف

هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


وبعد أن كشف له هذا الروح عن رمزه قال له الشيخ محي الدين: أطلعني على بعض أسرارك، حتى أكون من جملة أحبارك.

فقال له: انظر في تفاصيل نشأتي، وفي ترتيب هيأتي، تجد ما سألتني عنه فيّ مرقوماً، فإني لا أكون مكلِّماً ولا كليماً، فليس علمي بسواي، وليست ذاتي مغايرة لأسمائي، فأنا العلم والمعلوم والعليم، وأنا الحكمة والمُحكم والحكيم.

ثم قال له: طُف على أثري، وانظر إليّ بنور قمري، حتى تأخذ من نشأتي ما تسطره في كتابك، وتمليه على كتّابك، وعرفني ما أشهدك الحق في طوافك من اللطائف، مما لا يشهده كل طائف، حتى أعرف همّتك ومعناك، فأذكرك على ما علمت منك هناك.[1]

ثم ذكر الشيخ رضي الله عنه تكملة حديثه مع هذا الروح وما استفاد منه وأفاده من العلم في هذا الباب الأول من الفتوحات المكية، وبعد ذلك شرع في الأبواب الأخرى التي بلغت 560 بابا من العلوم والمعارف الرفيعة التي أودعها في هذا الكتاب. ويقول الشيخ رضي الله عنه في الباب الثاني من الفتوحات أن تأليفه هذا الكتاب وغيره لا يجري مجرى التواليف، ولا يجري هو فيه مجرى المؤلفين؛ وذلك أنه لا يختار ما يقول وما يرتب ويصنّف وإنما هي قلوب عاكفة على باب الحضرة الإلهية مراقبة لما ينفتح له الباب، فقيرة خالية من كل علم، لو سئلت في ذلك المقام عن شيء ما سمعت لفقدها إحساسها، فمهما برز لها من وراء ذلك الستر أمرٌ ما بادرت لامتثاله وألّفتْه على حسب ما يُحدّ لها في الأمر. ولذلك فقد يضع بعض الأمور بغير ترتيب منطقي ولا مناسبة ظاهرة ولكن يكون هناك مناسبة خفيّة لا يشعر بها إلا أهل الكشف، وكذلك قد يلقى إلى هذا القلب أشياء يؤمر بإيصالها وهو لا يعلمها في ذلك الوقت لحكمة إلهية غابت عن الخلق.[2]

ثم يضيف رضي الله عنه فيقول:

فشتّان بين مؤلف يقول: "حدثني فلان رحمه الله عن فلان رحمه الله"، وبين من يقول: "حدثني قلبي عن ربي"، وإن كان هذا رفيع القدر فشتان بينه وبين من يقول: "حدثني ربي عن ربي"، أي حدثني ربي عن نفسه.[3]

ولكن الشيخ رضي الله عنه لم ينهِ هذا الكتاب الكبير إلا بعد أكثر من ثلاثين سنة في دمشق كما سنتكلم عن ذلك في الفصل السادس.

وتجدر الإشارة إلى أن للشيخ محي الدين كتب أخرى بأسماء مشابهة، منها "الفتح الفاسي"،[4] و"الفتوحات المدنية"، و"الفتوحات المصرية"،[5] وهي ليست بمثل حجم وأهمية كتاب الفتوحات المكية



[1] الفتوحات المكية: ج1ص48.

[2] الفتوحات المكية: ج1ص59.

[3] الفتوحات المكية: ج1ص57.

[4] مؤلفات ابن عربي: 430.

[5] مؤلفات ابن عربي: 474.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!