موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

كتاب شمس المغرب

سيرة الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه

جمع وإعداد: محمد علي حاج يوسف

هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


ولكن الشيخ محي الدين يقول إن أبا الحكم ذكر ذلك من جهة علم الفلك، وجعل ذلك ستراً على كشفه حين قطع بفتح بيت المقدس سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة. ولكن الشيخ محي الدين يبيّن بوضوح كيفيّة استنتاج ذلك من أوائل سورة الروم فيعتبر أن البضع الذي في سورة الروم ثمانية (لأن فتح مكة كان سنة ثمانية)، ثم يأخذ عدد حروف "الم" بالجزم الصغير (ا=1، ل=3، م=4) فتكون ثمانية أيضاً، فتجمعها إلى ثمانية البضع فتكون ستة عشر، فتزيل الواحد الذي للألف للأس فيبقى خمسة عشر، فتمسكها عندك ثم ترجع إلى العمل في ذلك بالجمل الكبير، وهو الجزم، فتضرب ثمانية البضع في أحد وسبعين (ا=1، ل=30، م=40)، واجعل ذلك كله سنين، يخرج لك في الضرب خمسمائة وثمانية وستون (8×71=568)، فتضيف إليها الخمسة عشر المذكورة فتصير ثلاثة وثمانين وخمسمائة سنة (568+15=583)، وهو زمان فتح بيت المقدس على قراءة من قرأ "غَلَبت الروم"، بفتح الغين واللام، "سيُغلَبون"، بضم الياء وفتح اللام، ففي سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة كان ظهور المسلمين في أخذ حج الكفار وهو فتح بيت المقدس.[1]

ولكن الشيخ محي الدين لا يبيّن لماذا تمت عملية الحساب بهذا الشكل، وعلى كل حال فعلم الحروف وحساب الجمل علم قائم بذاته ولا يتطرق له الشيخ محي الدين ابن العربي إلا نادراً.

المدينة المنورة (موسم الحج 598/1202)

من القدس ذهب الشيخ محي الدين إلى المدينة المنورة لزيارة النبي محمد صلّى الله عليه وسلّم قبل أن يذهب إلى مكة المكرمة ليقضي مناسك الحج، وليقيم هناك لمدة تزيد عن سنتين. فإنه وإن كانت مكة أعظم في الفضل كما سنرى بعد قليل، فقد ثبت في الحديث عن النبي محمد صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: "صَلاَةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا، خَيْرٌ مِنْ ألفِ صَلاَةٍ فِيمَا سِوَاهُ، إِلاَّ المَسْجِدِ الحَرَامَ".[2] من أجل ذلك نجد أن الشيخ محي الدين رضي الله عنه سيزور المدينة كلما قصد الحج وربما كلما رحل عن مكة إلى بلاد الشام أو العراق، حيث تمر معظم قوافل الحج من المدينة المنورة.

في الحقيقة يقول الشيخ محي الدين لصاحبه عبد العزيز المهدوي في رسالة روح القدس يصف له هذه الأسفار فيقول: "وخرجت إلى القدس الشريف ومشيت إلى مكة شرفها الله تعالى". فربما يكون ذلك تصريح بأن ابن العربي ذهب من القدس الشريف إلى مكة المكرّمة (عن طريق المدينة المنوّرة) مشياً على الأقدام، كما فعل في تونس حين ذهب إلى شيخه أبي عبد الله بن خميس الكناني حين زاره حافيا على قدميه في شدة الحرّ كما رأينا في الفصل الثالث. ولكن من جهة أخرى فربما لا يقصد الشيخ الأكبر المعنى الحرفي لهذا الوصف.



[1] الفتوحات المكية: ج1ص60، وكذلك ج4ص220.

[2] شرح صحيح مسلم، الإمام محي الدين بن شرف النووي، الجزء التاسع، تتمَّة كتاب الحجِّ.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!