موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

كتاب شمس المغرب

سيرة الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه

جمع وإعداد: محمد علي حاج يوسف

هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


الجمع بنصف رغيف لمّا سمعت النبيّ صلّى الله عليه وسلّم يقول "اتقوا النار ولو بشق تمرة"،[1] وقال: "إن الصدقة لتطفىء غضب الرب وتدفع ميتة السوء"،[2] وقد فعل الله ذلك؛ دفع عنّي شرّكم وميتة السوء بنصف رغيف مع حقارتكم وعظم صدقتي فإن صدقتي أعظم من شق تمرة وغضبكم أقل من غضب النار وغضب الرب. فتعجب الحاضرون من قوّة إيمانه.[3]

الأمر الإلهي في الرؤيا وصاحبه محمد الحصّار (مراكش/فاس 597/1200)

وفي أثناء إقامته في مراكش رأى الشيخ الأكبر رؤية عظيمة ظهر له فيها العرش وأنواره ورأى الكنوز التي تحت العرش وخاصة كنز "لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم"[4] الذي هو على الحقيقة آدم عليه السلام. ورأى الكثير من الصالحين على شكل طيور تطير في فضاء العرش، وكان منهم محمد الحصّار الذي كان قد طلب من الله أن يحمله إلى المشرق وكان في مدينة فاس فذهب إليه الشيخ الأكبر وصحبه معه إلى مصر. يقول الشيخ الأكبر في الفتوحات المكية حينما كان يصف العرش:

واعلم أن هذا العرش قد جعل الله له قوائم نورانية لا أدري كم هي لكنّي أُشهدتها ونورها يشبه نور البرق ومع هذا فرأيت له ظلاً فيه من الراحة ما لا يقدّر قدرها، وذلك الظلّ ظلّ مقعّر هذا العرش يحجب نور المستوي الذي هو الرحمن. ورأيت الكنز الذي تحت العرش الذي خرجَت منه لفظة لا حول ولا قوة إلا بالله العليّ العظيم، فإذا الكنز آدم صلوات الله عليه. ورأيت تحته كنوزاً كثيرة أعرفها ورأيت طيوراً حسنة تطير في زواياه فرأيت فيها طائراً من أحسن الطيور فسلّم عليّ فأُلقى لي فيه أن آخذه صحبتي إلى بلاد الشرق وكنت بمدينة مراكش حين كشف لي عن هذا كلّه، فقلت ومن هو؟ قيل لي محمد الحصار بمدينة فاس سأل الله الرحلة إلى بلاد الشرق فخذه معك، فقلت السمع والطاعة. فقلت له وهو عين ذلك الطائر تكون صحبتي إن شاء الله. فلما جئت إلى مدينة فاس سألت عنه فجاءني فقلت له هل سألت الله في حاجة فقال نعم سألته أن يحملني إلى بلاد الشرق فقيل لي أن فلاناً يحملك وأنا أنتظرك من ذلك الزمان؛ فأخذته



[1] أخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن عديّ بن حاتم رضي الله عنه (وهو الجد الأعلى لابن العربي) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقّ تَمْرَةٍ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ". انظر في كنز العمال: حديث رقم 15938، 15939، 16088، 16089، 43387، 43751.

[2] رواه الترمذي في كتاب الزكاة باب ما جاء في فضل الصدقة رقم (644) وقال: حسن غريب. انظر في كنز العمال: حديث رقم 15995، 16095، 16114.

[3] الفتوحات المكية: ج1ص572، وكذلك: ج4ص496.

[4] ورد في الحديث أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال لأبي ذر الغفاري رضي الله عنه: "يا أبا ذر ألا أعلمك كلمات من كنز الجنة؟" قال أبو ذر: "بلى جعلني الله فداءك"، قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: "قل لا حول ولا قوة إلا بالله." (مجمع الزوائد، للحافظ الهيثمي، كتاب العلم، رقم 57)، وكذلك أخرج الإمام محمد بن عبد الله الحاكم النيسابوري في ‏المستدرك على الصحيحين (المجلد الأول، كتاب الإيمان) أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: "ألا أعلمك -أو قال: ألا أدلك على- كلمة من تحت العرش من كنز الجنة، تقول: لا حول ولا قوة إلا بالله، فيقول الله: أسلم عبدي واستسلم".


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!