موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

كتاب شمس المغرب

سيرة الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه

جمع وإعداد: محمد علي حاج يوسف

هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


اعتبر أن رسول الله أمره به في المنام عندما قال له: "تمسّك بي جيّدا وسوف تنجو"، كما ذكرنا في الفصل الأول. وأبو الوليد أحمد بن محمد ابن العربي هو ابن العالم الجليل القاضي أبو بكر محمد بن عبد الله ابن العربي،[1] المشهور في الفقه والأصول والحديث وله العديد من المؤلفات كما ذكرنا في المقدمة، والذي كثيرا ما يخطئ الناس بينه وبين الشيخ الأكبر، فكلاهما يلقب بابن العربي.

يذكر الشيخ الأكبر في مقدمة الفتوحات المكية أنه سمع من أبي الوليد في داره حديث أبي هريرة الذي ذكرناه أعلاه أنه أخذ عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وعاءين من العلم بثّ أحدهما واحتفظ بالآخر، ولو بثّه بين الناس لاتهموه بالكفر.[2]

لبس الخرقة لأول مرة (إشبيلية 592/1196)

من المعروف أن الصوفية قد درجوا على عادة تلقي الخرقة من الشيوخ المكملين بهدف تلقي بركاتهم واتّباع منهاجهم. وقد تكلم الصوفية كثيراً في الخرقة وألفوا حولها الكتب العديدة وحاولوا إيجاد أصل شرعي لها. والخرقة عند الصوفية ترمز إلى الصحبة والمبايعة وارتباط المريد بالشيخ. وتعتبر الخرقة رمزا لاتصال المريد بسلسلة الرجال الذين تلقى منهم الشيخ الخرقة من قبل، ولذلك فهناك سلاسل كثيرة للبس الخرقة تعود كلها في النهاية إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ثم إلى الله تعالى الذي قال في سورة الأعراف: ((يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ ... [26]))، وهي الآية التي يُرجِع إليها الشيخ الأكبر أصل رمزية لبس الخرقة مع أنه يقول إنه لا يوجد سند متصل بذلك. وكان الشيخ محي الدين رضي الله عنه لا يقول بلبس الخرقة إلى أن وجد أن الخضر عليه السلام قد أقرّها حين تلقّاها الشيخ محي الدين في إشبيلية سنة 592 من الشيخ تقيّ الدين عبد الرحمن بن علي بن ميمون بن أبي الوزري الذي لبسها من يد صدر الدين شيخ الشيوخ بالديار المصرية وهو ابن حمويه وكان جده قد لبسها من يد الخضر. فيقول الشيخ الأكبر أنه منذ ذلك الوقت أصبح يقول بلباس الخرقة وألبسها الناس لمّا رأى الخضر قد اعتبرها وكان قبل ذلك لا يقول بالخرقة المعروفة، لأن الخرقة عنده إنما هي عبارة عن الصحبة والأدب والتخلّق ولهذا لا يوجد لباسها متصلاً برسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ولكن توجد صحبة وأدباً وهو المعبّر عنه بلباس التقوى. ثم يضيف الشيخ رضي الله عنه موضحا المعنى الحقيقي لعادة لباس الخرقة أنه جرت عادة أصحاب الأحوال إذا رأوا أحداً من أصحابهم عنده نقص في أمر ما وأرادوا أن يكمّلوا له حاله يتحد به هذا الشيخ فإذا اتحد به أخذ ذلك الثوب الذي عليه في حال ذلك الحال ونزعه وأفرغه على الرجل الذي يريد تكملة حاله فيسري فيه ذلك الحال فيكمُل له ذلك. ويضيف أنه هذا هو



[1] لمزيد من التعريف بالقاضي أبي بكر وسيرته راجع مقدمة هذا الكتاب، ولتعريف ابنه أبي الوليد راجع "نفح الطيب": ج2ص626.

[2] الفتوحات المكية: ج1ص32.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!