موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

كتاب شمس المغرب

سيرة الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه

جمع وإعداد: محمد علي حاج يوسف

هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


سُبْحَانَ الّذِي لَبِسَ المَجْدَ وَتكّرمَ بِهِ، سبحَان الّذِي لا يَنْبَغِي التّسْبِيحُ إلاّ لَهُ. سُبْحَانَ ذِي الفَضْلِ وَالنِّعَمِ. سُبْحَانَ ذِي المَجْدِ والكَرَمِ، سُبْحَانَ ذِي الجَلاَلِ والإكْرَامِ."[1]

وما يهمنا في هذا الدعاء الطويل الذي ذكرناه بكامله للفائدة هو إلحاح رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بأن يجعل الله له نورا في قلبه وقبره ومن بين يديه ومن خلفه وعن شماله ومن فوقه ومن تحته وفي سمعه وفي بصره وفي شعره وفي بشره وفي لحمه وفي دمه وفي عظامه، وأن يُعظم له الله نورا ويعطيه نورا ويجعل له نورا، وفي رواية ويجعله نورا.

فيقول الشيخ محي الدين في فصل السجود في الصلاة من الباب الثامن والستين من الفتوحات المكية أنه إذا سجد العارف دعا بهذا الدعاء ليجعل له الله في كل عضو إدراكا بنور خاص يقع به التمييز ثم يقيمه بعد هذا في عين الجمع والوجود فتتحد الأنوار بأحدية العين بأن "يجعله نورا" إن كان في حالة الأحدية أو "يجعل فيه نورا" يهتدي به في ظلمات كونه إن لم يكن هناك.[2]

ثم يفصّل الشيخ الأكبر في الباب السادس ومائتين حيت يتكلم عن التجلي وأنواع الأنوار فيقول إن النور هو العلم فالنور الذي هو من فوقنا هو العلم الخارج عن الكسب أي هو علم الكشف الذوقي وأما النور الذي من تحتنا فهو العلم الذي نحكم عليه بالفكر والعقل، وأما النور الذي هو عين ذاتنا فهو كما دعا فيه صلّى الله عليه وسلّم "واجعلني نوراً" فهو عين ذاته، وفي رواية "واجعل لي نوراً" فهو جميع ما ذكر من الأنوار (في الباب السادس ومائتين). ثم يقول إن قوله صلّى الله عليه وسلّم: :اجعلني نوراً" هو مشاهدة نور ذاته إذ لا يُشهد إلا به فإنّ ذاته ما قبلت هذه الأنوار من هذه الجهات الست إلا لعدم إدراكها نور نفسها الذي قال فيه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "من عرف نفسه عرف ربه" و"((اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ)) [النور: 35]" وغيرها من الأمثلة التي مثّله بها.

ثم يقول الشيخ محي الدين في هذا الباب أن العبد إذا حصل له هذا المقام يشاهد الأنوار منفهقة منه يتنور بذاته عالم سمواته وأرضه، فما يحتاج إلى نور غريب يستضيء به، لأنه يصبح هو المصباح والفتيلة والمشكاة والزجاجة، فإذا عرف هذا عرف أيضاً الزيت، وهو الإمداد الإلهي، وعرف الشجرة التي يكاد زيتها يضيء. ويضيف قائلا: "فإذا كانت الزجاجة كالكوكب الدرّي، وهو الشمس هنا، فما ظنك بالمصباح الذي هو عين ذاتك! فلا يكن يا أخي دعاؤك أبداً إلا أن يجعلك الله نوراً. ويزيد قائلا أن هنا سرّ عجيب ينبه عليه من غير شرح لأنه لا يحتمل الشرح؛ وهو أن الله يضرب الأمثال لنفسه ولا تُضرب له الأمثال فيُشبِهُ الأشياء ولا تُشبِهُهُ الأشياء، فيقال: "مَثَلُ الله في خلقه مَثَلُ الملك في ملكه" ولا يقال: "مَثَلُ الملك في ملكه مَثَلُ الله في خلقه"، فإنّه عين ما ظهر وليس ما ظهر عينه، فإنّه الباطن كما هو الظاهر في حال ظهوره، فلهذا



[1] كنز العمال: رقم 3608. وهذا الحديث أخرجه الطبراني والبيهقي في الدعوات عن ابن عباس والترمذي في سننه في كتاب الدعوات رقم 3415، وقال: هذا حديث غريب.

[2] الفتوحات المكية: ج1ص434.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!