موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

كتاب شمس المغرب

سيرة الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه

جمع وإعداد: محمد علي حاج يوسف

هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


عالم الروح والمثال.

رغم أن بعض الدارسين لابن العربي وتاريخه، مثل أسين بلاثيوس،[1] يتحدثون عن احتمال لقاء الشيخ محي الدين مع شيخه أبي مدين الذي يعتقد أكثر المؤرخين خطأً أنه قد توفي سنة 594/1198 (في تلمسان) في حين أن ابن العربي كان في تلمسان سنة 590 وفي بجاية سنة 597، فيقول بلاثيوث أنه ربما زاره في سنة 590 أثناء زيارته الأولى لتونس. ولكن الشيخ أبا مدين قد توفي سنة 589 قبيل مغادرة ابن العربي للأندلس كما سنذكر بعد قليل، يضاف إلى ذلك أن الشيخ محي الدين قد ذكر صراحة في "روح القدس" أن الشيخ أبا مدين قد أخبره عن طريق أحد أصحابه بأن الله لم يقدّر لقاء الأجساد بينهما ولكنهما التقيا كثيرا في عالم الروح والمثال. وكان ذلك يحدث ربما بمجيء أبي مدين إلى عند ابن العربي ليعلّمه ويربيه بما يتفق ويلزم، فقد ذكر ابن العربي أن أبا مدين كان يأتي، من غير سفر حقيقي، إلى الشيخ أبي الحجاج يوسف الشبربيلي الذي يسكن في قرية قريبة من إشبيلية:

دخلت عليه مع شيخنا أبي محمد رضي الله عنهما فقلت يا سيدنا هذا من أصحاب أبي مدين فتبسم الشيخ وقال: عجب أمس كان عندنا أبو مدين رضي الله عنه، نِعم الشيخ. وأبو مدين إذ ذاك ببجاية وبينه وبينهما مسيرة خمسة وأربعين يوما، فكان كشفا بينهما. وكانت هذه الحالة كثيرا تتفق لي مع أبي يعقوب فإن أبا مدين كان قد سكن عن الحركة وأحفظ من أخباره ما شاهدته كثيرا تضيق هذه العجالة عنه. وهكذا كل من أذكره وإنما أذكره ليعلم أن الزمان لا يخلو من الرجال.[2]

أو كذلك ربما كان الشيخ أبو مدين يرسل له بعض رجاله فيفاوضهم في أمور كثيرة، كما ذكر الشيخ محي الدين في "روح القدس" أيضاً:

ومنهم رضي الله عنهم موسى أبو عمران السيدراني. كان من الأبدال وكان مجهولا له عجائب وغرائب. كان سبب اجتماعي به أني قعدت بعد صلاة المغرب بمنزلي بإشبيلية في حياة الشيخ أبي مدين وتمنيت أن لو اجتمعت به، والشيخ في ذلك الزمن ببجاية مسيرة خمسة وأربعين يوما. فلما صليت المغرب تنفّلت ركعتين خفيفتين فلما سلّمت دخل علي هذا -أبو عمران- فسلّم فأجلسته إلى جانبي وقلت: من أين؟ فقال: من عند الشيخ أبي مدين من بجاية. قلت: متى عهدك به؟ قال: صليت معه هذا المغرب فردّ وجهه إلي وقال إن محمد ابن العربي بإشبيلية خطر له كذا وكذا فسِر إليه الساعة وأخبره عني بكذا وكذا وذكر لي من رغبتي في لقاء الشيخ وقال لي يقول لك: "أما الاجتماع بالأرواح فقد صح بيني وبينك وثبت، وأما الاجتماع بالأجسام في هذه الدار فقد أبى الله ذلك فسكّن خاطرك والموعد بيني وبينك عند الله في مستقر رحمته"، وذكر كلاما خلاف هذا ورجع إليه.[3]



[1] ابن العربي حياته ومذهبه، تأليف أسين ميغيل بلاثيوس، ترجمة عبد الرحمن بدوي، وكالة المطبوعات-الكويت، 1979، ص34-35.

[2] روح القدس: ص53-55.

[3] روح القدس: ص74-76.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!