موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

كتاب شمس المغرب

سيرة الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه

جمع وإعداد: محمد علي حاج يوسف

هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


المدينة هم الذين أبوا أن يضيفوا موسى والخضر عليهما السلام، وبها أقام الخضر الجدار وخرق السفينة، وكان الجلندى، وهو ملك قرطاجة في ذلك الوقت، هو الذي كان يأخذ كل سفينة غصباً. حكي ذلك عن وكيع بن الجراح.[1] ولكن ياقوت الحموي ينقل أن مدينة تلمسان هي التي أقام الخضر فيها الجدار كما سنرى بعد قليل.

الشيخ أبو إسحق ابن طريف (الجزيرة الخضراء، 589/1192)

وفي الجزيرة الخضراء التقى الشيخ الأكبر بالشيخ أبي اسحق ابن طريف القيسي في داره هناك، وكذلك التقاه عند العودة في مدينة سبتة على الطرف المقابل للجزيرة الخضراء من المغرب، ثم التقاه أيضاً في مصر حيث يبدو أنه استقر فيها حتى توفي رحمه الله.

يقول عنه الشيخ محي الدين في روح القدس أنه كان سمح الخلق لين الجانب قائلا بالحق لا تأخذه في الله لومة لائم. من أهل الجد والاجتهاد كان يحن إلى العزلة ولا يقدر عليها من أجل الحرفة. كان يبيع الفخار. قيّد كثيرا من كتب الطريق كانت المعاملة غالبة عليه يحب المعارف ويحن إليها.[2]

العفو عن الناس

إن العفو عن الناس صفة كريمة لا يتصف بها إلا كريم، والله سبحانه قال في القرآن الكريم في سورة آل عمران: ((الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ 134)). وكذلك كان الشيخ أبو إسحق يعفو عن جميع من يؤذيه وأكثر من ذلك أنه كان يرى جميع الناس في حقّه أولياء سواء الذين يحبونه ويمدحونه أو الذين لا يحبونه ويسبّونه، فإن أهل الله يرون وجوب الشفاعة فيمن آذاهم لأن الذين أحسنوا إليهم يشفع لهم إحسانهم لهم عند الله تعالى، وأما الذين آذوهم فهم يشفعون لهم عندما يأذن الله لهم يوم القيامة ويفتح لهم باب الشفاعة، فإذا كان يوم القيامة وظهر ما لهم من الجاه عند الله خاف منهم من آذاهم هنا في الدنيا فأول ما يشفعون يوم القيامة فيمن آذاهم قبل المؤاخذة، وهذا نص أبي يزيد البسطاميّ، كما يقول الشيخ الأكبر الذي يضيف أن هذا هو مذهبه أيضاً؛ فإن الذين أحسنوا إليهم يكفيهم عين إحسانهم فهم بإحسانهم شفعاء أنفسهم عند الله بما قدّموه من الخير في حق هذا الوليّ: و((هَلْ جَزَاء الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ [60])) [الرحمن]، ((... فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ... [40])) [الشورى]، وذلك للعافين عن الناس، بل الولي لا ينسى من يعرف الشيخ وإن كان الشيخ لا يعرفه فيسأل الله تعالى أن يغفر ويعفو عمّن سمع بذكره فسبّه وذمّه أو أثنى عليه خيراً. ويقول الشيخ محي الدين أنه ذاق ذلك من نفسه وأعطاه ربه بحمد الله ووعده بالشفاعة يوم القيامة فيمن أدركه بصره ممّن عرف ومن



[1] الحِميري، "الروض المعطار": ص223، 264، 338.

[2] روح القدس: ص79.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!