موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

كتاب شمس المغرب

سيرة الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه

جمع وإعداد: محمد علي حاج يوسف

هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


في باطني قائلا يقول مُرَّ غدا إلى العجوز بمرشانة، فقلت لصبيان المكتب لا يجيء أحدٌ منكم غداً، فلمّا أصبحتُ فتَر عني ذلك، فوجهت إلى الصبيان ووصلوا وأخذوا ألواحهم ليكتبوا؛ فبينما أنا كذلك إذ وجدت قلبي قد انقبض وشدّ عليه وقيل لي أخرج الساعة إلى مرشانة إلى زيارة العجوز، فقلت للصبيان سيروا إلى منازلكم، وهو كان خروجي إليكم فهذا الذي أبطأني. فيقول الشيخ محي الدين أنه لما ذكروا له ما حصل ووصفوا له الحال تعجب وقال هذا والله العظيم كان.

مصاحبة فقهاء الدنيا

ثمّ إن الشيخ محي الدين يروي أنه بعد هذه الحادثة كان أبو الحسن ينظر بعين التعظيم للشيخ الموروري وأمثاله من أهل الله، فبعد ذلك رحل إلى المرية إلى شيخ كان بها يقال له أبو عبد الله الغزّال وهو من أصحاب ابن العرّيف من أقران أبي الربيع الكفيف وأبي النجا وعبد الرحيم وهذه الطبقة. فرآه وانتفع به ثم عاد إلى قرمونة فلم يزل يخدم الفقراء ويضيفهم ويتواضع لهم وكان الشيخ محي الدين يستحسن منه ذلك.

ولكن يقول الشيخ محي الدين أن أبا الحسن لمّا وصل إلى إشبيلية وصاحب الفقهاء وجالس الطلبة المكبّين على الدنيا وقرأ الفقه وأصوله وعلم الكلام وسكن إشبيلية وكان يعلّم بها القرآن، فأدّاه صحبة أولئك إلى تجهيل الفقراء الصادقين في أحوالهم ونبذهم. ومن أجل ذلك كان الشيخ محي الدين يذمّ الفقهاء ليس من أجل أنّهم فقهاء أو لنقلهم الفقه لأن شرف الفقه وعلم الشرع لا خفاء به ولكنه كان يذم من الفقهاء الصنف الذي تكالب على الدنيا وطلب الفقه للرياء والسمعة وابتغى به نظر الناس ليقال عنه ويُمدح،[1] ولازم المِراء والجدال وأخذ يردّ على أبناء الآخرة الذين اتقوا الله فعلّمهم من لدنه علما؛ فأخذ هذا الصنف من الفقهاء في الردّ عليهم في علم لا يعلمونه ولا عرفوا أصوله ولو سئلوا عن شرح لفظة مما اصطلح عليه علماء الآخرة ما عرفوها وكفى بهم جهلا.

فيروي الشيخ محي الدين أنه بعد ذلك وصل عبد الله الموروري إلى الشيخ محي الدين في إشبيلية فأرادوا أن يزوروا أبا الحسن في داره فقرع عليه الباب وكان معهم عبد الله بدر الحبشي، فلما قرعوا الباب على أبي الحسن قال مَن بالباب؟ فقال عبد الله الموروري جاء ليزورك، فسكت ساعة ثم خرج إليه ابنه وقال له هو مشغول، ثم قال له ما هو هنا. وهكذا انتهى بغضه في الفقراء من شؤم الفقهاء. ثم بعد ذلك كان



[1] ورد في الحديث عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: "إن أول الناس يدخل النار يوم القيامة ثلاثة نفر: يؤتى بالرجل فيقول: رب علمتني الكتاب فقرأته آناء الليل والنهار رجاء ثوابك. فيقال: كذبت، إنما كنت تصلي ليقال: إنك قارئ مصل، وقد قيل. اذهبوا به إلى النار. ثم يؤتى بآخر، فيقول: رب رزقتني مالا فوصلت به الرحم، وتصدقت به على المساكين، وحملت به ابن السبيل رجاء ثوابك وجنتك، فيقال: كذبت إنما كنت تتصدق وتصلي ليقال: إنه سمح جواد، وقيل. اذهبوا به إلى النار. ثم يجاء بالثالث فيقول: رب خرجت في سبيلك، فقاتلت فيك حتى قتلت مقبلا غير مدبر، رجاء ثوابك وجنتك، فيقال: كذبت، إنما كنت تقاتل ليقال: إنك جريء شجاع وقد قيل، اذهبوا به إلى النار."، انظر كنز العمال: رقم 7516.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!