موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

كتاب شمس المغرب

سيرة الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه

جمع وإعداد: محمد علي حاج يوسف

هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


وآخر روحانية ميكائيل وآخر روحانية جبريل وآخر روحانية عزرائييل. ولكل وتد ركن من أركان بيت الله الذي هو الكعبة، فالذي على قلب آدم عليه السلام له الركن الشامي والذي على قلب إبراهيم له الركن العراقي والذي على قلب عيسى عليه السلام له الركن اليمانيّ والذي على قلب محمد صلّى الله عليه وسلّم له ركن الحجر الأسود وهو لنا بحمد الله.

ولكن الشيخ محي الدين يعود فيؤكد أن هؤلاء الأولياء الأوتاد (الذين منهم الإمامان والقطب) إنما هم على الحقيقة نائبون عن الأوتاد الأصليين الذين هم الأنبياء والرسل الذين أبقاهم الله أحياءً بأجسادهم في الدار الدنيا بعد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وهم إدريس عليه السلام بقي حيا بجسده وأسكنه الله السماء الرابعة، حيث يقول الله تعالى عنه في سورة مريم: ((وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا [57]))، وأبقى في الأرض أيضاً إلياس وعيسى وكلاهما من المرسلين وهما قائمان بالدين الحنيفي الذي جاء به محمد صلّى الله عليه وسلّم. فهؤلاء ثلاثة من الرسل المجمع عليهم أنهم رسل، وأما الخضر وهو الرابع فهو من المختلف فيه عند الفقهاء ولكن الصوفية يقطعون بأنه نبي. فهؤلاء الأربعة باقون بأجسامهم في الدار الدنيا فكلهم الأوتاد واثنان منهم الإمامان وواحد منهم القطب الذي هو موضع نظر الحق من العالم. فبالواحد يحفظ الله الإيمان و بالثاني يحفظ الله الولاية و بالثالث يحفظ الله النبوة وبالرابع يحفظ الله الرسالة وبالمجموع يحفظ الله الدين الحنيفي فالقطب من هؤلاء لا يموت أبدا أي لا يُصعق لأنه مستثنى في قول الله سبحانه في سورة الزمر: ((وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَن شَاء اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُم قِيَامٌ يَنظُرُونَ)).[1]

ويقول الشيخ محي الدين أن من رحمة الله بخلقه أن جعل على قدم كل نبيٍّ وليّاً وارثاً له واحداً على الأقل أو أكثر من واحد، فلا بدّ أن يكون في كلّ عصر مائة ألف وليّ وأربعة وعشرون ألف وليّ على عدد الأنبياء ويزيدون ولا ينقصون. فإن زادوا قسم الله علم ذلك النبي على من ورثه فإن العلوم المُنزلة على قلوب الأنبياء لا ترتفع من الدنيا وليس لها إلا قلوب الرجال فتقسم عليهم بحسب عددهم؛ فلا بدّ من أن يكون في الأمة من الأولياء على عدد الأنبياء وأكثر من ذلك.[2]

ثم ذكر الشيخ محي الدين أنّ الخضر قال إنه ما من يوم حدّث فيه نفسه أنّه ما بقي وليٌّ لله في الأرض إلا قد رآه واجتمع به، فلا بدّ له أن يجتمع في ذلك اليوم مع ولي لله لم يكن عرفه قبل ذلك. وقا أيضاً أنه اجتمع يوما بشخص لم يعرفه فقال له: يا خضر سلام عليك! فقال له: من أين عرفتني؟ فقال: إن الله عرّفني بك. فعلم الخضر أن لله عباداً يعرفون الخضر ولا يعرفهم الخضر.

ومعنى قوله "على قلب فلان" أي أنهم يتقلبون في المعارف الإلهية تقلّب ذلك الشخص، وربما



[1] الفتوحات المكية: ج2ص6.

[2] الفتوحات المكية: ج3ص207.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!