موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

كتاب شمس المغرب

سيرة الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه

جمع وإعداد: محمد علي حاج يوسف

هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


أَصلها معدومة مفقودة وكونها لم تشم رائحة الوُجود فضلا عن كونها موجودة.[1]

فالحقيقة أن علم ابن العربي بهذه المسألة، والذي لم يبُح به في وقتها، هو أساس علومه في الفتوحات المكية وغيرها، وهو أن الخلق على الحقيقة إنما يعيشون في عالم الخيال أو البرزخ. وهذه النظرية التي أسسها ابن العربي لها أبعاد فلسفية جليلة ناقشها الأستاذ سليمان العطار في كتابه "الخيال عند ابن العربي: النظرية و المجالات"، المنشور من قبل دار الثقافة في القاهرة، سنة 1991. فالخلق كلهم على الحقيقة ليس لهم وجود مطلق بل هم في برزخ يتأرجحون بين الوجود والعدم، فوجودهم بالله تعالى، وليس وجودا تلقائيا أو مطلقا كما نظن ونشهد. ومن هنا كانت رؤية ابن العربي التي يسمونها "وحدة الوجود" التي سنناقشها في الفصل الأخير من هذا الكتاب إن شاء الله تعالى.

وراثة الأنبياء

وقبل المضيّ قدما في ذكر شيوخ الشيخ محي الدين ابن العربي، قد يكون من المستحسن هنا أن نوضّح بعض المفاهيم التي مرّت معنا أعلاه مثل مفهوم وراثة الأنبياء وشجرة الأولياء كالقطب والإمامين والأوتاد والأبدال وغير ذلك.

فيقول الرسول صلّى الله عليه وسلّم أن العلماء ورثة الأنبياء،[2] فيوضّح الشيخ محي الدين أن منهم من يرث محمدا ومنهم من يرث عيسى ومنهم من يرث موسى وغيرهم من الأنبياء عليهم السلام. ولكن بما أن شرع محمد عليه الصلاة والسلام كان ناسخا لما قبله، فإنه يتضمّن كل الشرائع التي سبقته، ثم تميّز عنها ببعض الأمور. فإذا ورث العالِمُ أمراً خاصّاً بشرع محمد كان وارثاً محمديّاً، أما إذا ورث أمراً مشتركاً مع أيّ شرع سابق فإنه وارثٌ للنبي المخصوص بهذا الشرع. ولكن ابن العربي يوضّح أن كلّ الوراثة تكون في الحقيقة من العلم المحمّدي، فيقول:

ثم اعلم أيها الولي الأكرم أنك وإن ورثت علماً موسوياً أو عيسوياً أو غيرهما مما كان من الرجال بينهما فإنّما ورثت علماً محمّديّاً ساويت فيه ذلك النبيّ لعموم رسالة محمد الحائز المقام العليّ إليه ترجع عواقب الثناء فهو صاحب جوامع الكلم المسماة بتلك الأسماء، فلآدم الأسماء ولمحمد الاسم والمسمّى والجامع لهما لا شك أنه صاحب المقام الأسمى وحجاب العزة الأحمى.[3]

وفي الباب السادس والثلاثين في معرفة العيسويين وأقطابهم وأصولهم أنه لما كان شرع محمد صلّى الله عليه وسلّم تضمّن جميع الشرائع المتقدمة وأنه ما بقي لها حكم في هذه الدنيا إلا ما قررته الشريعة المحمدية، فبتقريرها ثبتت فتعبّدنا بها نفوسنا من حيث أن محمدا صلّى الله عليه وسلّم قرّرها لا من حيث



[1] مطبوعة ضمن توجهات الحروف، مكتبة القاهرة-القاهرة، دت.

[2] كنز العمال: رقم 28765.

[3] الفتوحات المكية: ج4ص398.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!