موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

كتاب شمس المغرب

سيرة الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه

جمع وإعداد: محمد علي حاج يوسف

هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


البغدادي، إنه بقي في تلك المقبرة أربعة أيام ثم خرج بكل هذا العلم الذي سطّر بعضه لاحقا في كتبه.[1]

وفي رواية أخرى لإسماعيل ابن سودكين النوري (توفي 646/1248)، وهو تلميذ ابن العربي المقرّب والذي رافقه في كثير من رحلاته في المشرق، يذكر في كتاب "الوسائل" أن ابن العربي قال إنه دخل الخلوة قبل الفجر وتلقى الفتح قبل طلوع الشمس، ولكن يضيف أنه بقي في هذه الخلوة أربعة عشر شهرا وأنه حصّل خلال هذه الفترة جميع العلوم التي تكلم بها. ويقول أيضاً أنّ فتحه كان نتيجة جذبة في تلك اللحظة.[2]

وعلى كلّ حال فكل هذه القصص، وإن صحّت، ليست بالضرورة دليلا على زمن دخول الشيخ محي الدين ابن العربي في طريق التصوّف ولا توضّح الدوافع الحقيقية لذلك؛ وإنّما يبدو من كل ما ذكرناه أعلاه أن الشيخ محي الدين كان منذ صغره له مثل هذا الميول ولم يحصل الأمر عنده فجأة أبدا عن طريق الجذبة.

ولكن قبل المضي في سيرة الشيخ محي الدين والتعمّق في تحليل حياته وعلومه لا بدّ أن نوضّح بعض هذه المصطلحات التي مرّت أعلاه كالجذبة والفتح والمريد والمراد والتي ستمرّ معنا في الفصول اللاحقة، كما سنحاول شرح كل مصطلح عندما نحتاج إليه.

الفتح

يُقصد بالفتح العلوم والمعارف الذوقية التي تنكشف للعبد السالك في طريق الله تعالى، وذلك بخلاف العلوم التي تأتي عن طريق التفكّر أو الخبر وهو ما يسمّى العقل والنقل. وبذلك فإن الفتح هو بمثابة فتح عين البصيرة بحيث يبدأ العبد إدراك العالم الروحاني الباطن ببصيرته كما يدرك الناسُ العالم الظاهر ببصرهم.

يقول الشيخ الأكبر في الباب السادس عشر ومائتين من الفتوحات المكية "في معرفة الفتوح وأسراره" أن الفتوح على ثلاثة أنواع: الأول فتوح العبارة في الظاهر وسببه إخلاص القصد، والثاني هو فتوح الحلاوة في الباطن وهو سبب جذب الحق بأعطافه، وأما النوع الثالث فهو فتوح المكاشفة بالحق وهو سبب المعرفة بالحق. والأمر الجامع لذلك كله أن كل أمر جاءك من غير تعمّل ولا استشراف ولا طلب فهو فتوح ظاهراً كان أو باطناً، وله علامة في الذائق الفتوح وهي عدم الأخذ من فتوح الغير أو نتائج الفكر؛ ومن شرط الفتوح أن لا يصحبه فكر ولا يكون نتيجة فكر. كان الشيخ أبو مدين يقول في الفتوح: "أطعمونا لحماً طرياً لا تطعمونا القديد" أي لا تنقلوا إلينا من الفتوح إلا ما يُفتح به عليكم في قلوبكم لا تنقلوا إلينا فتوح



[1] البحث عن الكبريت الأحمر: ص36.

[2] البحث عن الكبريت الأحمر: ص36.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!