موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

كتاب شمس المغرب

سيرة الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه

جمع وإعداد: محمد علي حاج يوسف

هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


الشّرّاط القرطبي، وحدّثه به عن ابن المؤلف، وسمع على أبي بكر محمد بن أبي جمرة كتاب التيسير للدّاني عن أبيه عن المؤلف، وسمع على ابن زرقون[1] وأبي محمد عبد الحق الإشبيلي الأزدي وغير واحدٍ من أهل المشرق والمغرب يطول تعدادهم.[2]

وكذلك قرأ ابن العربي الحديث والأدب على مشاهير العلماء والأدباء كما سنرى ذلك بعد قليل.

موقفه من المذاهب

ورغم أن هؤلاء الشيوخ الذين تتلمذ الشيخ الأكبر على أيديهم وتعلّم منهم كانوا في أغلبهم ينتمون إلى المذهب المالكي الذي كان شائعا في الأندلس في ذلك الحين، إلا أنه هو نفسه لم يكن يفضّل أيّ مذهبٍ فقهيٍّ محدّد، وذلك لأنه على الحقيقة يقول بأن باب الاجتهاد مفتوح وأنه يجوز الأخذ من جميع المذاهب التي قال بها العلماء وليس بالضرورة اتّباع مذهب معيّن بذاته، وهذا شيء منعه الكثير من الفقهاء الذين أوجبوا الالتزام بمذهب معين. وهذا الواقع يدحض قول الذين ينسبونه إلى ابن حزم ويقولون أنه ظاهريّ المذهب كما ذكرنا في نهاية الفصل الأول. ولكن على الرغم من أن الشيخ الأكبر يقبل بجميع المذاهب ويجيز الانتقال بينها طلباً للرُّخص إذا لزم الأمر، إلا أنه يندب إلى ويحثّ على الجمع بينها للخروج من الخلاف واتّخاذ الأحوط.[3]

ولقد أفرد الشيخ رضي الله عنه جزءاً كبيراً من الفتوحات المكية لتبيين الأحكام الفقهية الخاصة في أركان الإسلام، فذكر في كل حكم الآراء المختلفة ثم بيّن الرأي الذي يقول به هو من غير أن يُخطّئ بقيّة الآراء، ثم زاد فوق كل ذلك توضيح المعاني الباطنية لهذه الأحكام.[4]

ولقد أوضح رضي الله عنه أن أهل الكشف لا يحكمون بآرائهم بل بما كشف الله لهم، لأن أهل الكشف لهم الاطلاع على جميع المذاهبِ كلِّها والنِّحلِ والمِللِ والمقالاتِ في الله اطلاعاً عاماً لا يجهلون منه شيئا. فما تظهر نِحلةٌ من منتحل ولا مِلّةٌ بناموسٍ خاصٍّ تكون عليه ولا مقالةٍ في الله أو في كونٍ من الأكوان، ما تناقض منها وما اختلف وما تماثل، إلا ويعلم صاحب الكشف من أين أُخذت هذه المقالةُ أو الملّةُ أو النِحلةُ فينسبها إلى موضعها ويقيم عذر القائل بها ولا يخطّئه ولا يجعل قوله عبثاً، فإن الله ما خلق سماءً ولا أرضاً وما بينهما باطلاً ولا خلق الإنسان عبثاً بل خلقه ليكون وحده على صورته؛ فكلُّ مَن في العالم



[1] هو الشيخ الفقيه الإمام المقرئ أبو عبد الله محمد بن أبي الطيب سعيد بن أحمد بن سعيد بن عبد البر بن مجاهد ابن زرقون الأنصاري الأندلسي الإشبيلي المالكي. أجاز له عام اثنتين وخمس مئة أبو عبد الله أحمد بن محمد الخولاني راوي الموطأ، وفيها ولد، وتفرد في وقته عنه. وسمع بمراكش من أبي عمران موسى بن أبي تليد، فتفرد عنه أيضاً. انظر أيضاً: الذهبي، "سير أعلام النبلاء": ج22ص311-312. ابن الأبار، "التكملة": ج2ص616-617، ابن العماد، "شذرات الذهب": ج5ص96.

[2] نفح الطيب: ج2ص161-162.

[3] الفتوحات المكية: ج3ص336، وكذلك: ج1ص405، 545-548، ج2ص559، ج3ص69، 142، 413، 502،

[4] انظر ذلك في الأبواب 68-71 من الجزء الأول من الفتوحات المكية.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!