موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

كتاب شمس المغرب

سيرة الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه

جمع وإعداد: محمد علي حاج يوسف

هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


مردنيش سلطان مرسية، وعندما مات هذا السلطان وأخذ الموحدون إمارته رحل محمد مع أبيه وعائلته إلى إشبيلية عاصمة الأندلس آنذاك، وكان عمره عندئذ ثمانية سنين. وهناك في إشبيلية وفي قرطبة تلقى محمد التعليم والتربية على أيدي مشاهير شيوخ الأندلس، وكانت تتهيأ له مكانة رفيعة في قصر السلطان مثل أبيه لولا أنه اتجه إلى طريق الزهد والتصوف. كان ذلك قبل أن يكمل العقد الثاني من عمره، وسرعان ما فُتح عليه بعلوم جمّة أدّت إلى شهرته التي عمّت بلاد الأندلس والمغرب حتى صار الشيوخ يقصدونه من كل حدب وصوب.

وقد قضى الشيخ الأكبر السنوات الأخيرة من هذه الفترة حتى سنة 589 في السفر بين مدن الأندلس قاصدا شيوخ الطريق حتى يتعلم على أيديهم ويستفيد منهم ويفيدهم على حد سواء، وهو لم يبلغ بعدُ الخامسة والعشرين من العمر.

بزوغ شمس محي الدين

لقد كان يوماً صيفياً جميلاً ذلك اليوم الذي وُلد فيه محمد. لم يكن المخاض حالة أمه فقط؛ لأن ولادته كانت حالة استثنائية في التاريخ بأسره، وكأن الدنيا وُلدت حبلى به. انتقل محمد في أصلاب الرجال أرباب الكرم من أرض النبوات في جزيرة العرب إلى الأندلس، جنة الله على الأرض. في ربوع تلك البلدة الجميلة على ضفاف نهر شقورة وفي يوم رحمة من أواسط شهر رمضان المبارك وُلد محمد بن علي ابن العربي بن محمد الحاتمي الطائي. في ليلة يوم الاثنين السابع عشر من شهر رمضان المبارك سنة 560 للهجرة، الموافق 26 تموز (يوليو) سنة 1165 للميلاد،[1] حيث كان القمر قد بدأ يخلع عمامته البيضاء، وكانت شمس الصيف مقبلة على السهول والجبال تمنح نورها ودفأها للشجر والدواب والبشر والحجر، ولد هذا الطائي في مرسية شرقي الأندلس سليل أسرة عريقة معروفة بالعلم والتقوى والجود والسخاء والكرم؛ فجدّه الأعلى عبد الله الحاتمي، أحد قادة الفتوحات الإسلامية وهو أخو عديّ ابن حاتمٍ الطائي، الصحابي الجليل الذي خاض حروب الردة وأوائل الفتوحات الإسلامية، وكان أبوه علي ابن العربي ذا منصب ومكانة كبيرة عند السلطان ابن مردنيش في مرسية وبعده عند سلاطين الموحدين في إشبيلية.

مرسية

لقد بدأت إذاً رحلة ابن العربي من المشرق، وانتهى شوطها الأول، بالاسم الباطن، في مُرسية،



[1] يقرر بعض الباحثين تاريخ ولادة ابن العربي على التقويم الميلادي أنه 28/7/1165 (كما يقول وليام جيتيك في الموسوعة الإيرانية) أو 27-28/7/1165 (كما يقول ستيفين هرتنشتاين في "الرحمن المطلق: الحياة الروحية والفكرية لابن العربي"، ص34)، ولكنني اخترت يوم 26 لأنه يوم اثنين كما قررت معظم المصادر التي أرّخت ولادته أنّه يوم الاثنين (أو ليلته) السابع عشر من شهر رمضان سنة 560 للهجرة. تجدر الإشارة إلى أن التقويم الهجري العربي والإسلامي وكذلك ابن العربي نفسه يعتبر أن ليلة اليوم هي التي تسبق نهاره (انظر صفحة 8 من كتاب أيام الشأن المطبوع في مجموعة رسائل ابن العربي، حيدر آباد، 1948).


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!