موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

كتاب شمس المغرب

سيرة الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه

جمع وإعداد: محمد علي حاج يوسف

هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


رسالة "حقيقة مذهب الاتحاديين أو وحدة الوجود" إن "مقالة ابن عربي صاحب فصوص الحكم، وهي مع كونها كفراً فهو أقربهم إلى الإسلام لما يوجد في كلامه من الكلام الجيد الكثير، ولأنه لا يثبُت على الاتحاد ثبات غيره، بل هو كثير الاضطراب فيه، وإنما هو قائم مع خياله الواسع الذي يتخيل فيه الحق تارة والباطل أخرى. والله أعلم بما مات عليه." ثم يقول: "وأما صاحب الفصوص وأتباعه فيقولون: عين وجودها (أي الأشياء) عين وجود الحق، فهي متميزة بذواتها الثابتة في العدم متحدة بوجود الحق العالِم بها."

ولكن ابن العربي لا يقول أبداً أن وجود المُحدَث (أي الخلق) هو عين وجود القَديم (أي الحق) كما يتهمه ابن تيمية، بل يقول صراحة في الباب الخامس والثمانين ومائة: "إذ يستحيل تبدّل الحقائق؛ فالعبد عبد، والرب رب، والحق حق، والخلق خلق".[1] ويقول أيضاً: "فلا يجتمع الخلق والحق أبداً في وجه من الوجوه، فالعبدُ عبدٌ لنفسه، والربُّ ربٌّ لنفسه، فالعبودية لا تصح إلا لمن يعرفها فيعلم أنه ليس فيها من الربوبية شيء، والربوبية لا تصح إلا لمن يعرفها فيعرف أنه ليس فيها من العبودية شيء."[2]

دعوى قِدم العالم

وبالمعنى نفسه أيضاً يتهم شيخُ الإسلام ابنَ العربي بأنه يقول بقِدم العالم،[3] في حين أن ابن العربي أوضح في مواضع كثيرة أن العالَم لم يكن ثم كان وأن الله سبحانه وتعالى أنشاه ابتداءً وقد ذكرنا من قبل كيف أنه رأى الحق في المنام فأمره أن لا يجالس المطاطيين، فقال وما المطاطون؟ قال هم الذين يمدّون العالم إلى غير نهاية في الابتداء، وإني ابتدأت العالم بالخلق. وهذا التقرير ردّ بيّن على مثل هذه التهم، ومع ذلك يتناقل أتباع ابن تيمية هذه الأقوال من غير بيّنة حيث ينقل الذهبي في "تاريخ الإسلام" بطريقين مختلفين عن ابن تيمية أن الشيخ عزّ الدين ابن عبد السلام يقول عن ابن العربي: "شيخ سوء كذّاب يقول بقِدم العالم ولا يحّرم فرجا"، وهذا بلا شكّ قذف وافتراء وبهتان عظيم ومن غير المستبعد أن يكون مكذوبا على الشيخ عزّ الدين في ذلك، فهو شيخ جليل لا يقول مثل هذا الكلام، فلا ينبغي تداول الأنباء التي يأتي بها الفاسق قبل التبيّن من صحّتها. وقد نقل الذهبي مثل هذا الكلام فقال: "هكذا حدثني شيخنا ابن تيمية الحراني به عن جماعةٍ حدثوه عن شيخنا ابن دقيق العيد أنه سمع الشيخ عز الدين يقول ذلك."[4] وفي مكان آخر نقل نفس الكلام بطريق مختلف فقال: "وقد حط عليه الشيخ القدوة الصالح إبراهيم



[1] الفتوحات المكية: ج2ص371.

[2] الفتوحات المكية: ج3ص378.

[3] مجموع فتاوي ابن تيمية: كتاب توحيد الربوبية، مسألة قول العلماء في كتاب فصوص الحكم، (ج2ص132)، رسالة حقيقة مذهب الاتحاديين القائلين بوحدة الوجود، فصل في ما بنى عليه الاتحادية أصلهم، مقالة ابن عربي مبنية على أصلين، الأصل الأول أن المعدوم شيء ثابت في العدم (ج2ص145)، جماع أمر صاحب الفصوص وذويه هدم أصول الإيمان الثلاثة (ج2ص245)، كتاب القدر، مسألة هل أفعال العباد قديمة أم مخلوقة (ج8ص400).

[4] الذهبي، "تاريخ الإسلام": أحداث وفيات 631-640 (ص380).


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!