موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

كتاب شمس المغرب

سيرة الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه

جمع وإعداد: محمد علي حاج يوسف

هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


تلبيس الخرقة لبعض النساء

ذكرنا من قبل أن الشيخ محي الدين لم يكن يعتقد بلباس الخرقة كما جرت عليه عادة الصوفية، ولكنه لمّا لبسها في إشبيلية وفي فاس وفي الموصل من يد رجال لبسوها عن طريق سلسلة من الشيوخ تعود إلى الخضر عليه السلام، حينئذ أصبح يقول بها فلبسها وألبسها عدداً من مريديه. ويبدو أنه لما استقر في دمشق وتكاثر حوله المريدون تكاثرت طلبات لباس الخرقة عليه فألبسها لبعضهم كما ذكر في الديوان الكبير.

ونلاحظ أن أكثر الذين ألبسهم الخرقة كانوا من النساء من أهله وأقربائه وغيرهم؛ فمنهم مثلا حفيدته صفيّة وهي بنت ابنته زينت التي تحدثنا عنها في الفصل الخامس، وكذلك ألبس الخرقة لبعض النساء اللاتي لا نعرف نسبتهن له ومن غير المستبعد أن يكونوا من الجيران أو من بني الزكي الذين كانوا يحتفون به كثيرا كما ذكرنا. فذكر أنه ألبس الخرقة لـ"فاطمة"، و"صفية" و"ست العيش" و"دنيا" (ويدعوها ابنته) و"شرف" و"ست العابدين" (في مكة المكرّمة) و"بنت زكي الدين" و"أم محمد" و"زمرد" و"زينب" و"جميلة" وغيرهن.[1] وربما لكون أكثر الذين ألبسهم الخرقة كانوا من النساء كان ذلك يتم في المنام على الأغلب، وتجدر الإشارة إلى الشيخ محي الدين رضي الله عنه كان في هذه المرحلة يقارب السبعين سنة من العمر وربما يزيد.

فقال مثلا في الديوان الكبير:[2]

لبست صفيّة خرقة الفقراء
وأتت بكلّ فضيلة وتنزّهت
وتكاملت أخلاقها وتقدّست
جاءت لها الأرواح في محرابها
وهي الحَصان فما تزنّ بريبة
نزلت تبشّرها ملائكة السما

لمّا تحلّت حلية الأمناء
عن ضدّها فعَلت[3] عن النظراء
وتخلّقت بجوامع الأسماء
فهي البتول أخيّة العذراء[4]
وهي الرّزان شقيقة الحمراء
ليلاً بنيل وراثة النبّاء

قراءة كتاب التنزلات الموصلية (دمشق، 10 ربيع الأول 638/1240)

لم يتوقف الشيخ الأكبر عن التدريس أبداً، فنجده في هذه السنة يقرأ كتاب التنزلات الموصلية مرة أخرى على أيوب بن بدر بن منصور،[5] وذلك قبل وفاته رحمه الله بحوالي شهر.

وفاته رحمه الله (دمشق، 22 ربيع الثاني 638/1240)

بعد حوالي ثمان وسبعين سنة (هجرية) من الهجرة والعبادة والعمل والتدريس والتأليف والترحال، وبعد أن قطع ما يزيد



[1] الديوان: ص54-60.

[2] الديوان: ص54.

[3] من العلو، وليس من المصدر فعل، والفاء للإضافة وليست من أصل الكلمة.

[4] أي مريم أُم عيسى، عليهما السلام.

[5] مؤلفات ابن عربي: ص262.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!