موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

كتاب شمس المغرب

سيرة الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه

جمع وإعداد: محمد علي حاج يوسف

هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


ومِنّا من وفّى، فكنّا ممّن وفّى بحمد الله.[1]

فكونه زاد على عامّة أهل الله تعالى وأخذ الرياسة عليهم من الاسم الإلهي "الآخر" فيه تصريح على أنه سينال مرتبة الختم، ولا بدّ أنه رضي الله تعالى عنه قد عرف هذه المرتبة منذ ذلك الوقت، ولكنه آثر عدم إظهارها وإعلانها حتى ينالها بالفعل خوفا من المكر الإلهي. وفي الحقيقة نراه حتى بعد أن نال هذه المرتبة العظيمة يطلب من الله تعالى أن يخفيها عليه ولا يظهره بها أمام الناس، وهذا ما حصل على أكثر المستويات ولكن كان لا بدّ من إظهارها وإشهارها لأنها أمرٌ كونيّ. فيطلب ابن العربي من الله تعالى في الديوان الكبير في القصيدة الطويلة التي ذكرنا طرفا منها في الفصل الثالث أن يجعله مثل "ابن جعدون الحناوي" الذي ذكرناه في الفصل الثالث أيضاً، وكان من الأوتاد، وكان ينخل الحنّا، وكان رضي الله عنه سأل الله تعالى أن يُسقط حرمته من قلوب العالم فكان إذا غاب لم يفتقد وإذا حضر لم يُستشر وإذا جاء لا يوسَع له وإذا تكلم بين قوم ضُرب وسخّف.[2] وابن جعدون، كما ذكرنا، جاء إلى الشيخ محي الدين أول قدومه إلى فاس وطلب منه أن يشرح له بعض الفقرات من كتاب "شرح المعرفة" للمحاسبي، ولم يكن يبدو عليه أنه من رجال الله، ولكن الشيخ محي الدين خوطب بسرّه بأحواله ومن هو ومقامه وأنه من الأوتاد الأربعة وأن ابنه يرث مقامه، فقال له: عرفتك فأنت فلان، فأغلق كتابه وقام واقفاً وقال للشيخ ابن العربي: الستر الستر إني أحبك فأحببت أن أتعرف إليك، فقد تم المقصود.[3]

فيقول الشيخ محي الدين في هذه القصيدة طالباً من الله الستر:

سألتك ربي أن تجود لعبدكم
كمثل ابن جعدون وقد كان سيّداً
سألتك ربي عصمة الستر إنّه
لقد عاينَت عيني رجالا تبرّزوا

بأن يكُ مستوراً إلى آخر الدهر
إماماً فلم يبرح من الله في ستر
على سنّة الحنّاوي سنّتنا تجري
خضارمة عليا وما عندهم سرّي[4]

فإذاً، ما حصل للشيخ محي الدين هو أنه كان يبشّر منذ بداياته بمقام الختم، ولكنه ما كان يريد إظهار ذلك وهو نفسه أيضاً لم يكن منه على حقيقة اليقين، بل مثل من يرى رؤيا يصدّقها ولكنّه ينتظر تأويلها، حتى تم له المقام بالفعل في مكة المكرّمة. ومن أجل ذلك نجد الشيخ محي الدين يعطي صوراً مختلفة من قبل، كما ناقشناها في الفصل الثالث.



[1] الفتوحات المكية: ج2ص425.

[2] روح القدس: ص72.

[3] روح القدس: ص72، وكذلك؛ الفتوحات المكية: ج2ص7، ج3ص15، 34.

[4] الديوان: ص311.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!