موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

كتاب شمس المغرب

سيرة الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه

جمع وإعداد: محمد علي حاج يوسف

هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


واليمن والشام وتفرقوا وتمزقوا كل ممزّق، وتعرّض الذين بقوا في مصر إلى مجاعة كبيرة لم تشهد البلاد مثلها من قبل زاد من وطأتها الزلزال الذي حدث في ذلك العام ودمّر الكثير من البيوت على رؤوس أصحابها في مصر وبلاد الشام.

وقد نقل بعض المؤرخين العجائب عن تلك المجاعة لا ندري إن كان فيها بعض المبالغة أم لا. قال أبو المظفر: كان الرجل يذبح ولده الصغير وتساعده أمه على طبخه وشيّه؛ وأحرق السلطان جماعة فعلوا ذلك ولم ينتهوا. وكان الرجل يدعو صديقه وأحب الناس إليه إلى منزله ليضيفه فيذبحه ويأكله، وفعلوا بالأطباء كذلك، فكانوا يدعونهم ليبصروا المرضى فيقتلونهم ويأكلونهم، وفقدت الميتات والجيف من كثرة ما أكلوها، وكانوا يختطفون الصبيان من الشوارع فيأكلونهم. وكفن السلطان في مدة يسيرة مائتي ألف وعشرين ألفاً؛ وامتلأت طرقات المغرب والمشرق والحجاز والشام برمم الناس، وصلى إمام جامع الإسكندرية في يوم على سبعمائة جنازة.[1]

وقال العماد الكاتب الأصبهاني: في سنة سبع وتسعين وخمسمائة: اشتد الغلاء، وامتد البلاء؛ وتحققت المجاعة، وتفرقت الجماعة؛ وهلك القوي فكيف الضعيف! ونحف السمين فكيف العجيف! وخرج الناس حذر الموت من الديار، وتفرق فريق مصر في الأمصار؛ ولقد رأيت الأرامل على الرمال، والجِمال باركة تحت الأحمال، ومراكب الفرنج واقفة بساحل البحر على اللقم، تسترق الجياع باللقم. وجاءت في شعبان، زلزلة هائلة من الصعيد هدمت بنيان مصر، فمات تحت الهدم خلق كثير، ثم امتدت إلى الشام والساحل فهدمت مدينة نابلس، فلم تبق فيها جداراً قائماً إلا حارة السمرة؛ ومات تحت الهدم ثلاثون ألفاً، وهدمت عكا وصور وجميع قلاع الساحل؛ وامتدت إلى دمشق فرمت بعض المنارة الشرقية بجامع دمشق، وأكثر الكلاسة والبيمارستان النوري، وعامة دور دمشق إلا القليل؛ فهرب الناس إلى الميادين، وسقط من الجامع ست عشرة شرفة، وتشققت قبة النسر.[2]

إقامته في مصر (القاهرة، شهر رمضان 598/1202)

ولذلك ربما لم تكن إقامة ابن العربي في مصر سعيدة خاصة وأنّه خسر رفيقه محمد الحصار، وكذلك فإن صديق طفولته الشيخ محمد الخياط الذي قدم إلى مصر قبله والتقى به فيها قد مرض مرضاً شديداً أقعده هو وأخوه محمد الذي بقي معه لرعايته ولم يستطيعا الذهاب مع ابن العربي إلى مكة.

ويصف الشيخ الأكبر هذا الوضع لصاحبه عبد العزيز المهدوي في "روح القدس" فيقول أثناء حديثه عن صاحبيه محمد الخياط وأخيه أحمد:



[1] النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة، تأليف جمال الدين أبي المحاسن يوسف بن تغري، المؤسسة المصرية العامة للتأليف والطباعة والنشر-القاهرة، 1963، ج6ص173.

[2] بن تغري، "النجوم الزاهرة": ج6ص173.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!