موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

كتاب شمس المغرب

سيرة الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه

جمع وإعداد: محمد علي حاج يوسف

هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


ثم تابع الشيخ محي الدين ابن العربي رضي الله عنه طريقه إلى مرّاكش، ويبدو أنه بقي فيها عدة شهور لأنه دخلها بعدما قدم من أبجيسل وكانت السنة الهجرية في أولها ثم سنجده يقضي شهر رمضان في مدينة بجاية قريبا من تونس، ولكن من المحتمل أيضاً أن يكون قد قضى هذه الشهور في مدينة فاس وهي المكان المفضّل عنده في المغرب.

كانت مراكش عاصمة المغرب، وهي تقع في وسط البلاد إلى الجنوب من الدار البيضاء حاليا. يعود تاريخها إلى بداية قيام دولة المرابطين (440-540 هـ) حيث كانت بلاد المغرب الأقصى ذات أراض واسعة من غير أية مراكز حضارية مهمة، وكانت تُعرف ببلاد السوس. وقد بدأ أمير المرابطين أبو بكر بن عمر في بناء مراكش عام 451/1060، وأتمها يوسف بن تاشفين الذي تولى رئاسة المرابطين، وما كاد بناء هذه المدينة يتم حتى تحولت إلى مركز من مراكز الحضارة الإسلامية خاصة مع سيطرة المرابطين على الأندلس بعد أن أزاحوا المعتمد بن عباد من إشبيلية واسترجعوا الكثير من بلدان الأندلس من الإسبان وأحكموا سيطرتهم عليها كما رأينا في الفصل الأول. وقد تطورت مراكش بشكل سريع خلال عصر المرابطين فأُنشئت فيها المساجد والأسواق، وقد اعتمدت في الحصول على حاجتها من الماء على مجارٍ تحت الأرض أنشأها عرب أندلسيون. وظلّت مدينة مراكش معسكراً حربياً، وقاعدةً عسكريةً لقوات المرابطين إلى أن حاصرتها قوات الموحدين بقيادة عبد المؤمن بن علي عام 541/1147، فأصبحت عاصمة لهم.

صاحب الصدقات الشيخ أبو العباس السبتي (مراكش، 597/1200)

ففي بداية سنة 597/1200 وصل الشيخ الأكبر إلى مراكش حيث التقى هناك الشيخ الزاهد الشهير أبا العباس السبتي. والسبتي، كما يقول عنه الشيخ محي الدين، كان من الأولياء الذين قدّم الله لهم إجابة دعائهم في الدنيا بواسطة الصدقة، فكان يُمرض ويُشفي ويُحيي ويُميت ويُولّي ويَعزل ويفعل ما يريد بإذن الله، وكل ذلك بفضل الصدقة! ولذلك كان الشيخ محي الدين يسمّي السبتيَّ بصاحب الصدقة أو صاحب الصدقات، ولكنه ذكر للشيخ محي الدين أن الله سبحانه خبّأ له عنده ربع درهم للآخرة خاصة ولا يعرف ذلك منه إلا من ذاقه أو من سأله عن ذلك من الناس وأخبرهم عن نفسه. ولكن الشيخ محي الدين بيّن أن مثل هذه الحالة رغم علوّها فهي في الحقيقة نقص عن الكمال وهو أن يعطي الله من يشاء في الدنيا من غير طلب، فإن أهل الله لا يريدون في الدنيا شيئاً لأنفسهم أو بأنفسهم بل بالله تعالى. فيقول الشيخ الأكبر:

وقد يعطي الله ما أعطى السبتي المذكور لا من كونه أراد ذلك ولكن الله عجّل له ذلك زيادة على ما ادّخره له في الآخرة فإنه غير مريد تعجيل ذلك المدخر؛ كعمر الواعظ بالأندلس ومن رأينا من هذا الصنف، وعملت أنا عليه زماناً في بلدي في أول دخولي هذا الطريق ورأيت فيه عجائب؛ وكان هذا لهم من الله ولنا لا من إرادتهم ولا من إرادتنا. ولو عرف أبو العباس السبتي نفسه معرفتي بها منه ما استعجل ذلك



  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!