موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

كتاب شمس المغرب

سيرة الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه

جمع وإعداد: محمد علي حاج يوسف

هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


المعركة حصن الأرك، وقلعة رباح وغيرهما من القلاع القريبة.

مبايعة القطب (فاس)

ولكن الشيخ محي الدين قد علم نصر المؤمنين في معركة الأرك من طريق آخر وهو ما ذكره في الباب السادس والثلاثين وثلاثمائة "في معرفة مبايعة النبات القطب صاحب الوقت في كل زمان وهو من الحضرة المحمدية" فيقول في آخر هذا الباب أنه من هذا المنزل علم حين وقف عليه سنة إحدى وتسعين وخمسمائة نصر المؤمنين على الكفار قبل وقوعه بمدينة فاس من بلاد المغرب، وذلك على ما يبدو لأن أحد العلوم المستفادة من باب مبايعة القطب، كما يقول الشيخ الأكبر هو علم فتوح المكاشفة.[1]

يقول الشيخ محي الدين في هذا الباب السادس والثلاثين وثلاثمائة أن المبايعة العامة لا تكون إلا لواحد الزمان خاصة وأن واحد الزمان هو الذي يظهر بالصورة الإلهية في الأكوان، هذا علامته في نفسه ليعلم أنه هو، ثم له الخيار في إمضاء ذلك الحكم أو عدم إمضائه والظهور به عند الغير فذلك له؛ فمنهم الظاهر ومنهم من لا يظهر ويبقى عبداً إلا إن أمره الحق بالظهور فيظهر على قدر ما وقع به الأمر الإلهي لا يزيد على ذلك شيئاً. هذا هو المقام العالي الذي يعتمد عليه في هذا الطريق لأن العبد ما خُلق بالأصالة إلا ليكون لله فيكون عبداً دائماً، ما خلق أن يكون رباً فإذا خلع الله عليه خلعة السيادة وأمره بالبروز فيها برز عبداً في نفسه، سيداً عند الناظر إليه؛ فتلك زينة ربه وخلعته عليه.

ويقول الشيخ محي الدين في هذا المقام أنه قيل لأبي يزيد البسطامي رحمه الله في تمسّح الناس به وتبرّكهم فقال رضي الله عنه: "ليس بي يتمسّحون وإنما يتمسّحون بحلية حلاّنيها ربّي أفأمنعهم ذلك وذلك لغيري"، وقيل أيضاً لأبي مدين في تمسّح الناس به بنيّة البركة وترَكَهم يفعلون ذلك: "أما تجد في نفسك من ذلك أثراً؟" فقال: "هل يجد الحجر الأسود في نفسه أثراً يُخرجه عن حجريّته إذا قبّلته الرسل والأنبياء والأولياء وكونه يمين الله؟" قيل لا، قال: "أنا ذلك الحجر".

ويضيف الشيخ الأكبر أنه في هذا المقام قال تعالى: "إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله"، فنفاه بعدما أثبته صورة كما فعل ربه في الرمي سواء، أثبته ونفاه: "وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى"، ثم قال الله تعالى: "يد الله فوق أيديهم"، فجعل الله يده في المبايعة فوق أيدي المبايعين.

فيقول الشيخ محي الدين أن الله سبحانه إذا ولّى القطب، وهو واحد الزمان والغوث والخليفة، للنظر في العالم نصب له في حضرة المثال سريراً أقعده عليه ينبئ صورة ذلك المكان عن صورة المكانة كما أنبأ صورة الاستواء على العرش عن صورة إحاطته علماً بكل شيء. فإذا نصب له ذلك السرير خلع عليه جميع الأسماء التي يطلبها العالم وتطلبه بها حللاً وزينة متوجاً مسوراً مدملجاً لتعمّه الزينة علواً وسفلاً ووسطاً وظاهراً وباطناً. فإذا قعد عليه بالصورة الإلهية وأمر الله العالم ببيعته على السمع والطاعة في المنشط والمكره



[1] الفتوحات المكية: ج3ص140.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!