موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

كتاب شمس المغرب

سيرة الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه

جمع وإعداد: محمد علي حاج يوسف

هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


كان في الدار الآخرة وتجلى الحق ظهر هؤلاء هناك لظهور سيّدهم فمكانتهم في الدنيا مجهولة العين.

فالعبّاد متميزون عند العامة بتقشّفهم وتبعّدهم عن الناس. والصوفية متميزون عند العامة بالدعاوي وخرق العوائد من الكلام على الخواطر وإجابة الدعاء والأكل من الكون وكل خرق عادة لا يتحاشون من إظهار شيء مما يؤدي إلى معرفة الناس به قربهم من الله فإنهم لا يُشاهدون في زعمهم إلا الله وغاب عنهم علم كبير، وهذا الحال الذي هم فيه قليل السلامة من المكر والاستدراج. وأما الملامية فلا يتميزون عن أحد من خلق الله بشيء فهم المجهولون حالهم حال العوام.

وسبب تسميتهم بالملامية هو لأحد أمرين حسب مرتبتهم: فيطلق هذا الاسم على تلامذتهم لكونهم لا يزالون يلومون أنفسهم في جنب الله. وأما الأكابر منهم فيُطلق عليهم في ستر أحوالهم ومكانتهم من الله حيث فعلوا مثل العامة في لوم من يفعل المذموم لكونهم لم يروا الأفعال من الله وإنما يرونها ممن ظهرت على يده فناطوا اللوم والذمّ بها، فلو كشف الغطاء ورأوا أن الأفعال لله لما تعلّق اللوم بمن ظهرت على يده وصارت الأفعال عندهم في هذه الحالة كلها شريفة حسنة.[1]

الفيلسوف أبو عبد الله ابن الكتاني

وكان عالم الكلام الشهير أبو عبد الله بن الكتاني (توفي 597/1200)[2] من العلماء الذين التقى بهم الشيخ محي الدين في فاس وكان له معهم نقاشات عدّة حول موضوعات فلسفية في علم الكلام.

فيقول الشيخ محي الدين في الباب الخامس والستين من الفتوحات المكية أن الطريق الموصلة إلى العلم بالله طريقان لا ثالث لهما ومن وحّد الله من غير هذين الطريقين فهو مقلّد في توحيده. فأما الطريق الأولى فهي طريق الكشف، وهو علم ضروري يحصل عند الكشف يجده الإنسان في نفسه لا يقبل معه شبهة ولا يقدر على دفعه ولا يعرف لذلك دليلا يستند إليه سوى ما يجده في نفسه، وأما الطريق الثانية فهي طريق الفكر والاستدلال بالبرهان العقليّ وهذا الطريق دون الطريق الأوّل، فإن صاحب النظر في الدليل قد تدخل عليه الشُبَه القادحة في دليله فيتكلف الكشف عنها والبحث عن وجه الحق في الأمر المطلوب.[3]

وتجدر الإشارة هنا إلى أننا سوف نجد في الفصل الأخير من هذا الكتاب أن هناك اتفاق بين الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي وشيخ الإسلام تقيّ الدين ابن تيمية رغم ما يُعرف عن انتقاد ابن تيمية لابن العربي وتكفيره له، ولكن هناك نقاط اتفاق كثيرة تدلّ على أنهما في كثير من الأحيان وصلا إلى نفس النتيجة وإنما بطريقين مختلفين، فالشيخ ابن العربي سلك طريق الكشف وهو الطريق الأول الذي ذكرناه أعلاه، والشيخ ابن تيمية سلك الطريق الثاني وهو طريق الفكر، رغم أنه مؤمن بالأصل ومقلّد للنبيّ محمد



[1] الفتوحات المكية: ج3ص34-36.

[2] التشوف: ص335، رقم 165، والمقدمة ص16.

[3] الفتوحات المكية: ج1ص319.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!