موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

كتاب شمس المغرب

سيرة الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه

جمع وإعداد: محمد علي حاج يوسف

هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


ثم يذكر الشيخ محي الدين أنه لما رجع إلى إشبيلية، وبينها وبين تونس مسيرة ثلاثة أشهر للقافلة، اجتمع به إنسان لا يعرفه فأنشده بحكم الاتفاق الأبيات التي عملها بمقصورة ابن المثنى بشرقي جامع تونس كما ذكرنا أعلاه، ولم يكن قد كتبتها لأحد. فقال له الشيخ: لمن هي هذه الأبيات؟ فقال له: لمحمد ابن العربي! فقال له الشيخ: ومتى حفظتها؟ فذكر له التاريخ الذي عملها والزمان مع طول هذه المسافات! فقال له: ومن أنشدك إياها حتى حفظتها؟ فقال له: كنت جالساً ليلة شرق إشبيلية في مجلس مع جماعة على الطريق ومرّ بنا رجل غريب لا نعرفه كأنه من السياح فجلس إلينا فتحدث معنا ثم أنشدنا هذه الأبيات فاستحسنّاها وكتبناها وقلنا له: لمن هذه الأبيات فقال لمحمد ابن العربي، فقلنا له: فهذا المكان "مقصورة ابن المثنى" ما نعرفها ببلاد؟ فقال: هي بشرقي جامع تونس وهنالك عملها في هذه الساعة وحفظتها منه، ثم غاب عنّا فلم ندر ما أمره ولا كيف ذهب عنّا وما رأيناه.[1]

موت أبيه وأمه رحمهما الله تعالى (590/1194)

بعد وصوله إلى إشبيلية توفي والد الشيخ محي الدين ابن العربي ووالدته رحمهما الله. لا نعرف على وجه التحديد متى حدث ذلك في سنة 590، إلا أن وفاة والده كان يوم الأربعاء وقت الظهر من السنة 590/1194، ولكننا لا نعرف أي شهر كان، ولكنّه لا شكّ في أواخر السنة لأنّ هذه السنة دخلت عليه وهو ما يزال في تونس.

ويذكر الشيخ محي الدين بعض الكرامات التي حدثت لوالده عند وفاته كان منها أنه أخبره عن موعد وفاته قبل حصوله وأنه ظهرت على جبينه بقعة بيضاء لها نور يتلألأ ثم انتشرت على جميع بدنه. ويبدو أن والد الشيخ محي الدين كان كذلك متحققا في عالم الأنفاس، وهي صفة ذكرناها من قبل عند الحديث عن عبد الله ابن العربي الطائي عمّ الشيخ الأكبر في الفصل الثاني، وكذلك عند الحديث عن أهل اليمن في شرح قصيدة الفصل الأول في آخره، ويقول الشيخ محي الدين أن مَن هذه صفته يصعب التحقق من موته من مجرّد النظر إليه لأنه يبدو وكأنه حيّ. فيقول في الباب الخامس والثلاثين من الفتوحات المكية، متذكرا يوم وفاة والده:

وقد رأيت ذلك لوالدي رحمه الله يكاد أنّا ما دفناه إلا على شك مما كان عليه في وجهه من صورة الأحياء ومما كان من سكون عروقه وانقطاع نفَسه من صورة الأموات، وكان قبل أن يموت بخمسة عشر يوما أخبرني بموته وأنه يموت يوم الأربعاء وكذلك كان. فلما كان يوم موته، وكان مريضاً شديد المرض، استوى قاعداً غير مستندٍ وقال لي: "يا ولدي اليوم يكون الرحيل واللقاء"، فقلت له: "كتب الله سلامتك في سفرك هذا، وبارك لك في لقائك." ففرح بذلك وقال لي: "جزاك الله يا ولدي عني خيراً؛ كلّ ما كنت أسمعه منك تقوله ولا أعرفه وربما كنتُ أنكر بعضه هو ذا أنا أشهده." ثم ظهرت على جبينه لمعة بيضاء



[1] الفتوحات المكية: ج3ص339.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!