موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

كتاب شمس المغرب

سيرة الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه

جمع وإعداد: محمد علي حاج يوسف

هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


الأكوان باق على وضوئه.[1]

التفسير الباطني

أما عن موضوع التفسير الباطني الذي يتميز به أهل الله من الصوفية، فيقول الشيخ الأكبر:

وإنما فرّقنا في التعبير بين الإشارة والتحقيق لئلا يتخيل من لا معرفة له بما آخذ أهل الله إنهم يرمون بالظواهر فينسبونهم إلى الباطنية وحاشاهم من ذلك بل هم القائلون بالطرفين. كان شيخنا أبو مدين يذم الطرفين على الانفراد ويقول إن الجامع بين الطرفين هو الكامل في السنّة والمعرفة.[2]

فلقد اتهم بعض المعارضين الشيخ الأكبر وأمثاله من أهل الله بالقول بمذهب الباطنية، وهم الذين يسعون وراء تأويلات باطنية للقرآن الكريم والسنّة الشريفة ويبطلون ظاهرها، وهذا بهتان وقول مردود لأن الشيخ ابن العربي قد نفى ذلك بشكل قطعي وأوضح بطلان هذا المذهب. ولكنه رضي الله يدعو دائما إلى النظر في المعاني الباطنة من غير أن يُبطل المعاني الظاهرة. ولقد ناقشنا هذا الموضوع بشكل مستفيض في كتاب سلوك القلب، وبيّنا الفرق بين التفسير والتأويل الذي هو التفسير الباطني وبيّنا أن التأويل لا يُبطل التفسير بل هو وجه آخر من وجوه التفسير الكثيرة. فإن القرآن الكريم من أعظم الأشياء وأبينها وأجلّها وأعزّها وفيه من المعاني ما تجفّ في كتابتها الأقلام وتعجز عن وصفها الألسن. فالقرآن الكريم كلام الله ومن أوتي الفهم في القرآن فقد أوتي الحكمة وفصل الخطاب. ويقول الله تعالى في سورة البقرة: ((يُؤتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاء وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ [269]))، فمن أوتي الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً لما فيها من الوجوه الكثيرة، منها المباشرة التي لا تحتاج إلى تأويل ومنها ما تحتاج للتأويل. فلا يقتصر معنى القرآن على التفسير الظاهري بل هو أعزّ من ذلك بكثير، فقد قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "مَا مِن آيةٍ من آياتِ القرآنِ إلا ولها ظهرٌ وبطنٌ ولبطنِهِ بطنٌ إلى سبعةِ أبطنٍ"، وفي رواية: "إلى تسعةٍ". ومع أن هذه الأحاديث قد تكون ضعيفة ولكنّ لها ما يقوّيها، حيث روى ابن حبان مثلا في صحيحه من حديث عبد الله ابن مسعود: "إن للقرآن ظهراً وبطناً وحدّاً ومطّلعاً".[3] ويضيف الشيخ محي الدين فيقول: وقد أجمع أصحابنا أهل الكشف على صحة خبر عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: ما مِن آيةٍ إِلاّ ولها ظاهرٌ وباطنٌ وحدٌّ ومُطَّلعٌ.[4] ثم يفصّل في مكان آخر أن لكل مرتبة من هذه المراتب رجال ولكل طائفة من هؤلاء الرجال قطب وعلى ذلك القطب يدور فلك ذلك الكشف.[5]



[1] الفتوحات المكية: ج1ص356.

[2] الفتوحات المكية: ج1ص654.

[3] رواه الطبراني في المعجم الكبير وذكر مثله السيوطي في الجامع الصغير عن ابن مسعود (حديث رقم 2742).

[4] الفتوحات المكية: ج1ص187، كذلك: ج3ص94، ج3ص291، ج4ص411.

[5] الفتوحات المكية: ج1ص187، كذلك: ج4ص9.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!